29-أبريل-2018

أندرو غارفيلد

 

يظهر الممثل الأمريكي البريطاني أندرو غارفيلد، في هذا الحوار، شخصًا مثقفًا مليئًا بالفلسفة والحياة. يستلهم غارفيلد أفكاره من الشعر والميثولوجيا، ويعيش صداقة عميقة مع والده. الحوار الذي ننقله مترجمًا عن موقع "The Talks" يحفل بالمزيد من اللمعات الفكرية.


  • سيد غارفيلد، من هو مصدر إلهامك في الفترة الأخيرة؟

أوه، هناك عالم ميثولوجيا رائع اسمه مايكل جاي ميد، أقرأ الكثير من كتبه وأستمع إلى الكثير من محاضراته منذ مدّة. لديه مدوّنة صوتيّة مذهلة حقًا اسمها "أسطورة حيّة"، وهي مدوّنة ملهمة بشدة وتضعنا في السياق المناسب لفهم ما نحن فيه اليوم من وجهة نظر ميثولوجية، وهو ما يُعدّ فنًا ضائعًا بطريقة تعبير جوزيف كامبل. أنا معجب به كثيراً وبما يقدمه. إنّه رجل ذكي لكنّه ليس مشهورًا في الواقع. بالإضافة إلى أني كنت أقرأ لماري أوليفر.

 أندرو غارفيلد: إنَّ الموضع الذي يكون فيه جرحنا عميقًا هو موضع هبتنا الكبرى

  • هي شاعرة، أليس كذلك؟

صحيح، إنها شاعرة أمريكية رائعة، كنت أقرأ مقالاتها القصيرة كذلك. قرأت مؤخرًا شعرًا لإي. إي. كامينغ على الإنترنت، أعجبني هذا الشاعر حقًا، وكان هناك اقتباس عظيم في أعلى الصفحة يقول "أن تكون لا أحد إلا نفسك في عالم يقوم ما بوسعه ليل نهار ليجعلك كل أحد آخر، يعني أن تحارب في أصعب معركة قد يخوضها إنسان". منحتني هذه الكلمات وهذه الفكرة إلهامًا عظيمًا... لأن الآخرين يخبروننا باستمرار ألا نكون ما نحن عليه، أو ألا نكون على طبيعتنا.

اقرأ/ي أيضًا: جاك نيكلسون: الموت الحقيقي هو التوقف عن التعلم

  • منذ سنتين، شكرت متنّمر مدرستك لأنه كان يزعجك مرارًا لكونك مختلفًا، وقلت أنه جعلك ما أنت عليه اليوم

صحيح، لكنّ هذه الشياطين لا تذهب إلى أي مكان، فهم يحيطون بنا على الدوام، كلّ ما في الأمر أنّ أصوات وسوستهم تخفت، وقد يبدؤون بالاختفاء ببطء إذا كنت محظوظًا أو إذا جاريتهم فيما يريدون. هل تقوم حقًا بإمضاء الوقت برفقة نفسك، والقيام بعملك لتسكت هذه الوسوسات والنصائح السيئة التي توحي بها إليك؟

  • هل هذه هي تجربتك عن الأمر؟

حسنًا، تعجبني فكرة أخرى تقول إنَّ الموضع الذي يكون فيه جرحنا عميقًا هو موضع هبتنا الكبرى. يوجد شيء ساحر في ذلك، وهو صحيح.. يبدو هذا صحيحًا بالنسبة لي. حيثما جُرحت، حيثما جُرح أي منا، إذا ما تعمّقنا في التفكير حول ماهية هذه الجراح، وإذا ما نزلنا إلى أعماقها وأدّينا المهمة الصعبة هناك، سنجد أنفسنا، سنجد موهبتنا الحقيقية، الموهبة الصادقة الخالصة.

  • أين صادفت هذه الأفكار؟ هل اكتشفتها بنفسك؟

أنا أبحث كثيرًا! أحبّ القراءة، وأحبّ أن أنعزل برفقة أشخاصٍ معينين، أحبّ أن أختلي بنفسي، أو أنعزل برفقة بعض الأصدقاء، هذا هو جزء مما يكسبني معرفة بالحياة.

  • أي نوع من العزلة هي؟

أعتقد أن عزلة في الطبيعة هي أفضل شيء أفعله لأسترخي. أن أسمح لنفسي بأن أختلي، بأن أكون هادئًا ومنعزلًا، أنت تعرف ما أعني.. أخرج من لندن، أخرج من المدينة.، وأذهب إلى الريف، إلى أوكسفورد، أو إلى "بيغ سور" في كاليفورنيا حيث ذهبت مؤخرًا ووجدته مكانًا غاية في الجمال، مجددًا للإلهام والشباب.

  • ومن الواضح أنك تستكشف طبيعة الوجود عبر تناول الفطر

(ضحك) كنت أتحدث عن هذا في مقابلة، واتصل الحديث بطريقة ما بالفطر، لكني كنت أتحدث عن مشروب "الآياهواسكا" المهلوس. أعتقد أن المهلوسات تُعدّ طريقة ممتعة لاستكشاف وعينا بطريقة شعائرية وآمنة. هذا ليس شيئًا لتمضية الوقت، فهو ليس للترفيه! أنا أتكلم عن استكشاف عبقري، وأنا مهتم كثيرًا بجميع الأشياء التي اكتشفتها من السفر عن طريق هذه العقاقير المهلوسة. إنه حقل ساحر.

  • هل أصبحت تجارب النضج والشفاء أسهل بالنسبة لك عندما كبرت؟

أنا آخذ في الاعتبار علاقاتي المستمرة، وأعتبر علاقتي بأبي هي أعظم إنجاز لي. نتشارك أبي وأنا علاقة رائعة الآن لكنّنا وصلنا إليها بالكثير من العمل الذي قمنا به سوية. إنّه أفضل أصدقائي، وأنا لا أعني هذا بطريقة عاطفية، بل بطريقة حقيقية بالفعل! استهلكنا الكثير من الوقت حتى نصل إلى هناك، والكثير من المحادثات العسيرة والتركيز على الأمر والشجاعة لمواجهة بعضنا البعض وتقبّل أشياء فينا وفي عائلتنا وتاريخنا وأشياء من الأجيال التي سبقتنا. والآن نحن نقوم بهذا الاستكشاف الرائع. لا أعتقد أن الكثير من الرجال يحظون بهذه العلاقة مع آبائهم، هذه العلاقة مع أبيك، إنها مثل جرح وهدية.

  • ما الذي تعنيه؟

على سبيل المثال، أديت في فيلم Breathe دور روبن كافنديش، الناشط الذي أصيب بشلل الأطفال وهو في الثامنة والعشرين من عمره. لكنه استمرّ ليتغلب على آلامه العقلية والجسدية، ويلهم الكثيرين حول العالم. وهذا هو ما يعنيه أن تكون معالِجًا مجروحًا. فلا تستطيع أن تعالج أحدًا إلا إذا كنت أنت مجروحًا حقًا. وهذا كلّه شيء واحد. تقبّل روبن جرحه وحوّله إلى هدية رائعة، لأنه كان يتوق إلى العيش بينما كان مهددًا بأن تؤخذ منه هذه الهدية، كانت هديته هي الحياة.

 أندرو غارفيلد: فريدا بينتو: السينما تحرم النساء من صورتهن الحقيقية

  • يبدو أنك تبحث في الأفكار الوجودية حول الحياة والموت كثيرًا في أفلامك

ماذا يوجد غير ذلك لأفكر فيه؟ كل ما حولنا يتعلق بالحياة والموت. كل القصص حول الحياة والموت، حتى الأفلام الكوميدية الرومانسية هي حول الحياة والموت، هذه الأفلام تتحدث عن  كيف تصنع المعنى وأنت حي، عن ما هو الحب؟

  • وهذه الأسئلة تصبح أكثر وأكثر أهمية في هذه الأوقات العصيبة التي نحياها

نحن نحيا في أوقات عصيبة، هذا صحيح، كل شيء يبدو صالحًا للاستعمال مرة واحدة فقط، وهو أمر حزين. تهدد هذه الهواتف بقتلنا يوميًا، وتهدد بقتل خيالنا وعلاقاتنا الحقيقية. هذه هي نظريتي. لكني لا أظن أن السخرية هي الحقيقة، ولا أصدق أن هذه هي الحياة التي يريد أن يحياها الناس. أتعرف؟ نحن قادرون على أن نعيش حياتنا بإخلاص وحب صادق وصبر وقدر مناسب من المرح.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

آل باتشينو: يسهُل خداع العين أما التحايل على القلب فهو الأصعب

هانز زيمر: في عالم الأحلام دائمًا