28-ديسمبر-2022
لوحة لـ فولوديمير تسيوبكو/ أوكرانيا

لوحة لـ فولوديمير تسيوبكو/ أوكرانيا

شامة أعلى الرحم 

أشياءٌ كثيرةٌ تليقُ بالسادسةِ صباحًا 

كالتحدثِ إلى الله

أو الإنصات لأقدام الأطفال وهم ذاهبون للمدرسة

أو مراقبة العجين وهو يتكاثر بين يدي عاقر

أو وضع خططٍ لنخرقها ونبكي. 

 

يا رب أنا وحيدةٌ

 أسكن في بناية مليئةٍ بالشعب

 ولكني لا أعرف أحدًا

 ولا يطرق بابي أحدٌ

 ربما لسببٍ فيزيائي

 هم يستيقظون في السادسة صباحًا

 وأنا أنام في السادسة صباحًا.

 

أنا غريبةٌ 

هجرني الآخرون في متتاليات حسابية

 كل أربعة أعوامٍ يسقط مني جدارٌ كنت آوي إليه

 كل أربعة أعوام تنبت لي شامةٌ أعلى الرحم

 كل أربعة أعوامٍ أُعيد تأويل الحكايات.

 

في بيتي تسير الامورُ في تتابعٍ ميكانيكي

 نعرف البداية 

ونعرف الطريق 

ونُجيد تقليد المشاهد المخزنةِ سابقًا 

ورغم أننا نعي ذلك

نتظاهر كل مرةٍ أننا أنجزنا رحلتنا الذاتية. 

 

أسمع العالم يتدفق من حولي

 أرى الأشياء تتغير

 كلٌ يُبدل موقعه على الرقعة

 وأنا لا أفعل شيئًا

 سوى مراقبة الأيام وهي تسقط تحت عجلات العدم. 

 

العدم مآل العالم

 تسليته الوحيدة وهو يفرك بيديه قطع النرد

 ثم يتلفح بالأبدية

 الأبدية التي سيتبدد فيها الخوف

 وتذوب حوافه. 

 

ما معنى أن يتبدد الخوف؟ 

أن أتوقف عن تناول مضادات الاكتئاب

 أن تسقط المعاناة بين جدارين

 أحدهما نرجسي والآخر منسحق

 أن نلفظ الأصدقاء بفمٍ متسع

 ولا نندهش من عودتهم مجددًا

 أن نعترف بالحب كمشروعٍ لا يسقط أمام فاتورة الكهرباء

 أن نقول للعالم: احترقْ ولكن لا تورطنا في رمادك. 

 

أشياءٌ كثيرةٌ تليق بالسادسة صباحًا 

ولا شيء يحدث

 غير أن الله يسمعني كل صباح.

 

مصنع الأمومة 

فتحنا البابَ على مصراعيه 

واستقبلنا الألمَ بصدورٍ مفتوحة

وأنفاسٍ عميقة 

لم نشأ تغيير العالم 

ورغم ذلك جَرفنا الطوفان في سعيه المحموم 

صرنا أمهاتٍ بفعل التعاقب والروتين 

أنضجنا الألم 

وُلدنا مرةً جديدة مع أولِ مخاض

صرنا نساءً كثيرات تحت جلد امرأةٍ واحدة 

صارت لأجسادنا مهامٌ أخرى 

تطورت أعضاؤنا لتصبح أكثر فاعلية؛

النهد ثدي،

البطن رحم،

العاطفة عادةٌ يومية

لم تضفْ لنا الولادة شيئًا غير الخوف

ومحاولة الركض 

لأبعد نقطة ممكنة 

كآلاتٍ تعمل في مصنع الأمومة

حتى يداهمها الصدأ.


من مجموعة شعرية جديدة للشاعرة صدرت حديثًا عن "منشورات المتوسط" بعنوان "شامة أعلى الرّحم".