30-يناير-2016

(جان كاتوفيه/Getty)

منذُ أكثر من خمس سنوات دخلت الاستثمارات بقوّة إلى الكُرة الفرنسيّة، فعادت الأضواء إلى العاصمة الفرنسيّة باريس التي كانت تفتقد لواجهة رياضيّة على غِرار معظم العواصم الأوروبيّة الأخرى كلندن ومدريد، فبات ملعب "بارك دو برانس" معلمًا مهمًا في عاصمة الأنوار، وخصوصًا مع قدوم النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، ولاعب منتخب الأورغواي أيديسون كافاني وغيرهم من اللاعبين الذين وصلوا إلى باريس مع مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضيّة، "إذ انتقلت ملكيّة نادي باريس سان جيرمان إلى المؤسسة التي أعلنت منذ البداية عن نيتها الانتقال بالفريق إلى مصاف الفرق الأوروبية الكبرى".

 طلب نتائج سريعة على المستوى الأوروبي دفع ببعض المدربين إلى الابتعاد عن نادي العاصمة الفرنسية

نجحت الخطة بالوصول إلى أهدافها الأولى وهي مستمرة حتى اليوم، فيواصل نادي "باريس سان جيرمان" تربّعه على عرش الكرة الفرنسيّة دون منازع. يبتعد نادي عاصمة الأنوار بأكثر من عشرين نقطة عن أقرب منافسيه، ويبدو في طريقٍ ثابت لتحقيق لقب الدوري، فيما هو قريب أيضًا على الورق ومن خلال الأداء من إحراز لقب الكأس، وتحقيق جميع البطولات الممكنة داخل فرنسا، على غرار ما حصل الموسم الماضي.

ولكن التجربة الباريسية لم تحقق النجاح الذي ينشده مدراء النادي حتى الآن، ولم يستطع النادي الباريسي الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا بسبب التخطيط الخاطئ، وهذا ما كشف عنه المدرب السابق للنادي الباريسي الإيطالي كارلو انشيلوتي.

وقال الإيطالي المتخصص بلقب دوري الأبطال إن إدارة النادي رفضت مشروعه الذي وضعه للفوز بدوري الأبطال، والذي كان يمتد على حوالي عشر سنوات، وقال المدرب الإيطالي إن إدارة النادي كانت تريد الفوز بدوري الأبطال من الموسم الأول، وهذا ما يعد أمرًا أقرب إلى المستحيل.

 تجربةُ نادي العاصمة غير الموفقة مع البطولات الأوروبيّة، انسحبت إلى بعض النوادي الفرنسيّة الأخرى التي تنافس في البطولات الأوروبيّة، فعجز نادي إمارة الجنوب موناكو عن تحقيق إنجازات أوروبيّة كبيرة خلال الفترة الماضية. فالنادي الذي قام بشرائه رجل الأعمال الروسي ديمتري ريبولوفليف خلال فترة سابقة، حاول استقطاب النجوم فكانت أولى صفقاته الكولومبيان جيمس رودريغيز وراداميل فالكاو، إضافة إلى البرتغاليين جواو موتينيو وريكاردو كارفاليو، قبل الفرنسيين إيريك أبيدال وجيريمي تولالان، وذلك خلال الفترة السابقة ولكنه لم يحقق المطلوب، حتى إن المواهب التي استقدمها سرعان ما خرجت من النادي إلى فرق كبيرة في أوروبا، الذي لا يزال يتعثّر أوروبيًّا. وكما باريس كذلك موناكو فكان الاعتماد على الأسماء الكبيرة من الخارج، وعدم دعم المواهب الشابة داخل النادي خطأ كبير اقترفته هذه الأندية. هذا وتصح هذه الأمور على أندية فرنسيّة أخرى حاولت التقدم أوروبيًّا كنادي "مارسيليا" ونادي "ليون" لكنهما عجزا أيضًا عن تحقيق أيّ اختراق في جدار البطولات الأوروبيّة.

ضعف الدوري الفرنسي وعدم وجود منافسة انعكس سلبًا على مستوى الأندية

وبالنظر إلى هذه الوقائع خلال السنوات الخمس أو الست الأخيرة في الدور الفرنسي، نرى أنّ الأنديّة الفرنسية تسعى إلى النجاح أوروبيًا دون الاكتراث جديًّا بالبطولة المحلية -التي تراجع مستواها بشكل كارثي- وسوء الاستثمارات، والتسرع في كثير من الأحيان يحرم هذه النوادي من النجاح على المستوى الأوروبي والوصول إلى الكأس التي يحلم بها كل نادي في القارة العجوز وهي "كأس دوري الأبطال".

من هنا يمكن القول إنه على النوادي الفرنسيّة استغلال الإمكانات الماديّة التي لديها، والتركيز على تطوير بطولة الدوري الفرنسي المحلية لكي تكون فيها المنافسة قويّة بين الأندية وهو ما يخلق نديّة ويحسّن المستوى، وذلك لكي تصل بعد خمس سنوات إلى البطولة الأوروبيّة التي تحتاج إلى الكثير من الجهد والتخطيط، وأفضل مثال على ذلك ما حصل في المنتخب الألماني الذي وضع خطة على عشر سنوات من أجل الفوز ببطولة كأس العالم في العام 2014، وهو ما نجح في تحقيقه. هذا ويعتبر هذا العام أساسيًّا بالنسبة لنادي العاصمة الفرنسية لتحقيق دوري أبطال أوروبا رغم قوّة المنافسين، ولكن في حال عدم تمكنه من ذلك فإن الواضح أن الكرة الفرنسية ستبقى لفترة ليست بالقصيرة في ثبات أوروبيّ.

اقرأ/ي أيضًا:
رومان أبراموفيتش.. مافيا وكرة قدم أيضًا
لماذا لم تؤجل المباراة يا فرنسا؟