05-أغسطس-2015

هدى بيضون/ لبنان

إنه من المؤسف
أننا أصبحنا لا نتحدث بأمور عميقة

أجل إنه شيء مؤسف
ولكن هذا الصمت الطويل
الذي نسف كل ما خبرناه سابقاً
عن الكلام
لم يترك لنا خيارات أخرى
سوى هذه الرجفة
التي صارت تمنح أحاديثنا التافهة 
قيمة ما.
*

لقد مضى سريعاً 
الوقت الذي أمضيناه معاً 
لطالما قلقنا كثيراً
حيال كل تلك الأشياء التي سنقولها عندما نلتقي
لطالما فكرنا كثيراً
بالوقت الذي سيقطعنا ببطء!
بقدرتنا على ابتكار أحاديث.. تنقذنا من مآزق الصمت

كل هذا كان قبل اكتشافنا 
أن الأمر ليس شائكاً كما ظننا 
وأنه لا يتطلب في الحقيقة 
إلا طعاماً جيداً 
وأشخاصاً قادرين على الضحك.
*

لقد كان الغياب حيلتنا الوحيدة
يوم كان حضورنا يعنيهم
ولكننا غبنا كثيراً
حتى أنه لم تعد هنالك حيلٌ أخرى
سوى الموت
وبضع صور كنا قد التقطناها 
لم نكن نعلم وقتها أنها ستبلي جيداً في المناسبات الحزينة
وأنها حين تأخذ مكانها على الحائط
ستكون قصصاً مهمة في تاريخ الاعتياد
لا بد من سردها لاحقاً.
*

علاقتي مع النار أنت
تلك التي لا تفهمها العقارب!

كنت أقصد كل هذا الحريق الذي يدفعني إليك
كنت أحاول أن أشرح لك الحب
بطريقة تشبهنا.
*

هكذا أسند ظهري إلى الحائط
أُجاور بيت العنكبوت هناك..
أتنفس الله كحكمة منسوجة بالزوايا
ثم أفكر بصوتٍ مرتفع..

"الأمان: هو أن تُحدّثني عن مخاوفك"
*

لطالما كان الحِرص صنارة 
وكان هذا الصيد كله 
غَلّة..
غلّة انغلاق التاء الأخيرة..

كيف أصبحت الدائرة مادة لاصقة؟
حسناً
علِقنا مرتين بهذا الانحناء 
مرة عندما أغلقنا الحياة بآخر حروفها 
ومراراً عندما راق لنا ذلك..

يوماً ما 
عندما أعبر حديقتنا الخلفية 
أقصد المجهول منها 
عندما أدوس العشب
غير آبهة بجيولوجيا التربة 
بمواسم الأفاعي
بوخزات نبتة "القرّاص"
يوماً ما
عندما أعبر درباً معتمة
أقصد المجهول فيها 
غير آبهة بالخطوة التالية 
سأجد حلاً للنقطة الأخيرة 
لكلمة "إلخ"
في نهاية السرد!
*

لم تكن لنا غاية البحر يوماً
من الغرقى
ومع هذا ما زلنا نختنق 
في كل مرة 
نشاهد فيها ظلالنا

تغرق 
في حوض الاستحمام.