15-نوفمبر-2015

أثر رصاصة في واجهة مقهى بون في باريس (Getty)

11 أيلول الفرنسي

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر تعرض العرب الموجودون في أمريكا إلى كافة أشكال التمييز والقبض العشوائي، وبدأ المسلمون في كافة أنحاء العالم بالدفاع عن الإسلام محاولين تبرئة الدين وتبرئة أنفسهم من العمل الإرهابي، ولم يخل الأمر كذلك من الشامتين بأمريكا، شيطان الشر الأعظم، ولكن المهم أن الأمر وصل لإنتاج أفلام سينمائية هدفها الأول أن تقول "أنا مسلم غير إرهابي" وأن هؤلاء الإرهابيين لا يمثلون إلا أنفسهم مثل أفلام: "اسمي خان" و"المواطن"... وسواهما، ويبدو أن الفترة القادمة ستشهد إنتاج المزيد من الأفلام كي ندافع عن أنفسنا.

حادثة الطائرة الروسية وتفجيرات باريس قد تكون ذريعة لتقديم سوريا، كما العراق من قبل، إلى الغرب

أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر قدمت العراق على طبق من ذهب إلى أمريكا، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي. وحادثة الطائرة الروسية، ثم تفجيرات باريس، قد تكون شكلًا آخر من الذريعة نفسها لتقديم سوريا على الطبق ذاته إلى الغرب.

فرنسا من الدول التي فيها مشاكل عنصرية، حيث يشكو المسلمون من التمييز ضدهم، وكان لها موقف ضد النقاب والحجاب، وصدر من قبل قانون يمنع النقاب أو أي رمز ديني في الأماكن العامة والمدارس والجامعات، وقد أثار هذا الأمر حفيظة المسلمين هناك ووقعت أحداث شغب وتظاهرات عديدة، كما عانى المسلمون من اعتداءات المتطرفين الفرنسيين، وكل الخوف من أن يزداد الأمر ويتضاعف بعد هذه الأحداث.

ماذا عن اللاجئين؟

بالتزامن مع تفجيرات باريس وقع حريق في أحد مخيمات اللاجئين ذات الغالبية السورية، شمال فرنسا، ولم يتم الإعلان عن سبب الحريق ما ترك علامات استفهام عديدة حول أن يكون عملًا انتقاميًا. كما بدأ الفرنسيون ينقسمون إلى قسمين، الأول يهاجم اللاجئين ويرى ضرورة طردهم خارج البلاد مع غيرهم من العرب والمسلمين المهاجرين، بينما الطرف الثاني دافع عن وجود اللاجئين وتساءل ألم يهرب اللاجئون من أمثال منفذي تلك العمليات الإرهابية؟ فكيف نلقي اللوم عليهم؟

وقد أعلن فرانسوا أولاند في أيلول/سبتمبر الماضي أن فرنسا لديها القدرة لاستقبال أربعة وعشرين ألف لاجئ سوري خلال العامين القادمين، فكيف هو الوضع الآن بعد ما حدث؟ خاصة بعد العثور على جواز سفر سوري بجانب أحد الانتحاريين، الأمر الذي يثير علامات استفهام أخرى، فمن هو هذا الإرهابي الغبي الذي سيذهب في عملية انتحارية معلنًا عن هويته وحاملًا جواز سفره؟!

هل تستحق فرنسا التعاطف؟

انطلقت حملة تعاطف عالمية مع فرنسا، واجتاحت ألوان العلم الفرنسي الصور الشخصية على موقع فيسبوك، فتركنا الحادث الأساسي وبدأنا في شجار حول هل تستحق فرنسا التعاطف أم لا؟ وبدأ البعض في وضع ألوان العلم الفرنسي على صورته كنوع من التعاطف، بينما وضع آخرون علم بلدهم أو علم فلسطين كنوع من المزايدة، وبدأنا في جدال أجوف حول جرائم الماضي التي ارتكبتها فرنسا وأن هذا خير رد على مجازرها السابقة، فلنتذكر المليون شهيد ضحايا استعمار فرنسا للجزائر.

مثلما حوسبنا على 11 أيلول/سبتمبر، سنحاسب على باريس مرة أخرى، وسيكون علينا أن ندفع الفاتورة كسابقتها

هذا الحديث برمته لم يمثل لي سوى انعدام للإنسانية، من قال إنه يجب أن نعاقب شعبًا مدنيًا على جرائم ومجازر جيشه وحكوماته في الماضي، أو حتى في الحاضر؟ أليس من الشرف أن يكون العقاب في ساحة القتال وليس كفئران البالوعات.

من سيدفع الفاتورة؟

مثلما حوسبنا على أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، سنحاسب على باريس مرة أخرى، وسيكون علينا أن ندفع الفاتورة كسابقتها، ولن يزداد الأمر إلا سوءًا، ولن يأتي الخير إلى الأراضي العربية بل ستأتي الطائرات محملة بالصواريخ والعبوات الناسفة ولن يعلق أحد أو يلوم أو يندد، ستزيد المجازر بدعوى القضاء على الإرهاب، سنحاصر نحن العرب في بلادنا لا نستطيع التجول في بلاد العالم مثل أي شخص عادي، قد بدأ الأمر بالفعل، فرنسا علّقت العمل بالشنغجن مؤقتًا ولن تستقبل إلا مواطني أوروبا، سيكمل سعر المواطن العربي مسيرته في الهبوط، لن يدفع حساب ما حدث إلا المسلمون العرب، ولن يُحسن ذلك صورة الإسلام بل سيجعل الصورة أكثر ضبابية، من ظنّ أنه يدافع عن الإسلام أصبح أكثر من يضر به.

اقرأ/ي أيضًا:

هجمات باريس.. تعليق على ما حدث

فرنسا التي تنتقم من نفسها