03-ديسمبر-2017

يتعامل النظام المصري بالقمع والتنكيل مع كل من يُعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة أمام السيسي (آدم بيري/ Getty)

يرى البعض أن انتخابات الرئاسة المصرية القادمة قد تكون فرصة جيدة لمحاولات التيار المدني فتح المجال العام ولو بدرجة بسيطة، والضغط على الحكومة لانتزاع القليل من الحقوق، أي بمثابة حجر صغير يحرك مياه السياسة الراكدة منذ سنوات.

لكن، في المقابل، يبدو أن النظام المصري يأبى أن يتنازل عن ذرة من قمعه وقبضته الأمنية المُكبّلة للبلاد بالكامل، فلم يعد التنكيل الأمني وسلب الحريات من نصيب السياسيين المعارضين والصحفيين والحقوقين فقط، بل امتدت يد النظام لتطال كل من تسول له نفسه أن يعلن نيته في الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، حتى وإن كان شخصًا محسوبًا على الدولة.

يتعامل النظام المصري مع كل من تُسوّل له نفسه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة بمنطق "محدش هيترش هنا"!

لا نتحدث عن المحامي الحقوقي المصري خالد علي، المحسوب على تيار المعارضة، وإن عن آخر رؤساء وزراء الرئيس المخلوع حسني مُبارك، وابن المؤسسة العسكرية، أحمد شفيق، وضابط الجيش المصري العقيد أحمد قنصوة الذي حُوّل للنيابة العسكرية ثم حُبس احتياطيًا على ذمة التحقيق. وكأنّ لسان حالة النظام: "محدش هيترشح هنا"، أو كما تفاعل نشطاء مع التضييق على شفيق وحبس قنصوة.

أحمد شفيق.. السيناريو الأكثر هزلًا

تسارع الأحداث فيما يخص قضية ترشح أحمد شفيق لرئاسيات 2018، يجعلها القضية الأكثر هزلًا على الساحة المصرية حاليًا. ولا يبدو أن أحدًا كان يتخيل أن تؤول الأمور لما هي عليه الآن مع آخر رجال مبارك، الذي خدم النظام العسكري في مصر لعشرات السنوات، قبل أن يهرب مرتميًا في أحضان أبوظبي متقربًا لبلاط آل نهيان.

اقرأ/ي أيضًا: أحمد شفيق في مواجهة السيسي.. آخر رجال مبارك وخيارات مصر الصفرية 

ها هو يعود من جديد للساحة السياسية المصري معلنًا نيته الترشح للرئاسة كندٍ للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وعلى عكس رغبة أبوظبي، التي يبدو أنه أحرجها بإعلانه، ثم زاد في ذلك عندما خرج بخطاب مُقتضب أذاعته قناة الجزيرة الإخبارية، قال فيه إن السلطات الإماراتية تُعيق تحركه، وتمنع سفره.

ثم يزيد الوضع ارتباكًا، مع أنباء متداولة عن اختطاف السلطات الإماراتية لشفيق، وترحيله على طائرة خاصة لتسليمه للسلطات المصرية. وخلال فترة تواجده في الجو ما بين الإمارات ومصر، زادت الشائعات حول الرجل وطبيعة ترحيله، وما إذا كانت قد حطت به الطائرة في مطار القاهرة أو في مطار عسكري. حتى أُعلن أخيرًا وصوله لمطار القاهرة، وخروجه من صالة كبار الزوار، مُتجهًا صوب منزله. وحتى هذه المعلومة الرسمية، شكك فيها البعض.

في الوقت نفسه، أنكر ابن أخيه، هشام شفيق، في تدوينة له على فيسبوك، أن يكون قد تواصل أو أحد من أسرته مع أحمد شفيق، ليعلن بشكل ضمني أن شفيق أصبح مختطفًا أو مختفيًا قسريًا، ثم يعود ليمسح التدوينة بعد عشرات الدقائق!

وعلى مدار يوم أمس، السبت، الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2017، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بقضية أحمد شفيق، من الترشح للاختطاف والترحيل. فيما بدأت وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للنظام في الترويج سلبًا لشفيق، واتهامه بتهم وصلت لدرجة التخابر مع جماعة الإخوان المسلمين، و"العلاقات النسائية"! وكأنها تُمهد الطريق للسلطات المصرية لاتهامه في قضايا اُخرى تُعيق ترشحه للرئاسيات القادمة. 

وفي سياق ما حدث لشفيق، قال الشاعر المصري عبدالرحمن يوسف، في تدوينة على فيسبوك: "أيًا كان رأيك في شفيق، فلا شك أن ترحيله بهذه الطريقة إهانة لكل مصري. مصر وهي بحجم الفيل، أصبحت مُحتلة من إمارة أبوظبي، وهي أصغر وأحقر من الصرصار".

حبس ضابط الجيش أحمد قنصوة

مُرشح آخر، من داخل المؤسسة العسكرية، هو العقيد أحمد قنصوة، ترّض للحمبس الاحتياطي في السجون العسكرية على ذمة التحقيق في قضية لا نعرف كنهها حتى الآن.

يبدو أن التنكيل والمكايدة هي خطة النظام المصري لمنع أي أحد من الترشح أمام الجنرال عبدالفتاح السيسي 

وكان العقيد المهندس العامل بالقوات المسلحة، أحمد قنصوة، قد تقدم باستقالته من الجيش المصري لتتسنى له فرصة الترشح لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2018، وبالفعل أعلن عن نيته الترشح في مقطع فيديو بثه على موقع يوتيوب:

وعقب إعلانه، طلبته النيابة العسكرية للعرض عليها، وبعد تحقيقات لعدة ساعات، صدر قرار بحبسه احتياطًا لمدة 15 يومًا على ذمة "القضية" وفقًا لمحاميه أسعد هيكل الذي لم يُوضح طبيعة القضية أو أي تفاصيل عنها.

ويُذكر لأحمد قنصوة موقفه الرافض لاتفاقية تيران وصنافير التي بموجبها سلم النظام المصري جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعودية. وكان قد أعلن قنصوة العام الماضي، توكيله للمحامي طارق العوضي لرفع دعوى قضائية لإلغاء اتفاقية تيران وصنافير، مُؤكدًا رفضه الاعتراف بسعودية الجزيرتين.

اقرأ/ي أيضًا: 3 قوانين مصرية لانتهاك المواطنة والحقوق

ليشارك بذلك أحمد قنصوة، شفيق، في رفض الاتفاقية، كرجلين محسوبين في النهاية على مؤسسات الدولة، ويتعرض كلاهما للمضايقة بعد إعلانهما الترشح لرئاسيات 2018.

اقرأ/ي أيضًا:

هل يتكرر سيناريو حازم صلاح أبو إسماعيل مع خالد علي؟

تمديد السيسي لنفسه.. اسأل عن التوقيت!