02-مارس-2020

حو بايدن مع زوجته جيل يحتفلان بين أنصاره في كارولينا الجنوبية (أسوشيتد برس)

كان نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن محقًا عندما أعلن أنه سيفوز في انتخابات كارولينا الجنوبية التمهيدية خلال المناظرة التي جمعت المتنافسين الديمقراطيين قبل الاقتراع ببضعة أيام لاختيار منافس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ينتهي سباقها في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر القادم، ليحقق بذلك أول فوز في مراحل انتخابات الديمقراطيين قبل الانتقال لانتخابات الثلاثاء الكبير يوم الثالث من الشهر الجاري.

كان نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن محقًا عندما أعلن أنه سيفوز في انتخابات كارولينا الجنوبية التمهيدية خلال المناظرة التي جمعت المتنافسين الديمقراطيين قبل الاقتراع ببضعة أيام

كارولينا الجنوبية تعيد بايدن إلى السباق الديمقراطي

رغم ما تخلل مناظرة المرشحين الديمقراطيين من انتقادات بعدما أهدروا وقتهم بتبادل الاتهامات فيما بينهم، فقد بدا واضحًا أنها لم تؤثر على نتائج استطلاعات الرأي التي أكدت تصدر السيناتور السابق بايدن لقائمة المرشحين، الذي حقق فعليًا أكثر من 48 بالمائة من الأصوات، وهي أعلى نسبة اقتراع يحصل عليها مرشح ديمقراطي خلال الجولات السابقة، متفوقًا بذلك على السيناتور الاشتراكي بيرني ساندرز الذي جمع أكثر من 46 بالمائة في انتخابات ولاية نيفادا التمهيدية.

نتائج انتخابات كارولينا الجنوبية (المصدر: usatoday)

ويبدو واضحًا أن سباق الثلاثاء الكبير سيشهد منافسة قوية بين بايدن وساندرز الذي جاء ثانيًا في انتخابات كارولينا الجنوبية بـ19 بالمائة، لكنه يبقى مرشح الديمقراطيين الأوفر حظًا نظرًا لنتائجه السابقة التي سمحت له بالحصول على 58 مندوبًا، في حين استطاع بايدن أن يعوض الإخفاق الذي رافقه في المرحلتين الأولى والثانية في كارولينا الجنوبية، ومكّنته من الحصول على 50 مندوبًا.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| دان لابوتز: اليسار أقوى الآن ويمكن التغلب على ترامب

وبفضل حملة انتخابية مكثفة كلفته أكثر من 20 مليون دولار لضخ الإعلانات تمكن الملياردير توم ستاير من الحصول على المركز الثالث بـ11 بالمائة، لكن تصنيفه يبقى متارجعًا في إحصائيات المندوبين لعدم حصوله على أي مندوب حتى الآن بسبب عدم تجاوزه نسبة 15 بالمائة من الأصوات، ويليه جاء عمدة ساوث بيند السابق بيت بوتجيج بثمانية بالمائة، لكن تصنيفه يبقى ثالثًا في نسبة المندوبين بـ26 مندوبًا بعد النتائج الإيجابية التي حققها في الجولات الثلاث السابقة.

وكما كان متوقعًا لم تقدم السيناتور إليزابيث وارن أي مفاجأة، حيث جاءت خامسًا بسبعة بالمائة، وهي نسبة قريبة من المراحل السابقة جعلتها رابعًا في تصنيف المندوبين بثمانية مندوبين، وجاءت خلفها إيمي كلوبوشار بثلاثة بالمائة، وكذلك في تصنيف المندوبين بسبعة مندوبين فقط.

ترتيب المرشحين حسب المندوبين (المصدر: usatoday)

ومنحت كارولينا الجنوبية بايدن فرصة كبيرة للاستمرار في الوصول للجولة الانتخابية النهائية بعد فشله في ثلاث محاولات سابقة كان بدأها في عام 1988، وأمام حشد من أنصاره في مقر حملته الانتخابية في الولاية هاجم بايدن الصحافة التي أعلنت نهاية حملته الانتخابية، مشيرًا إلى أن فوزه جعله يكتسب دفعة كبيرة في الوقت المناسب.

وكان اسم بايدن قد تردد بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة بعدما ارتبط اسمه بتحقيق المساءلة الذي فتحه زعماء الديمقراطيين في الكابيتول هيل تمهيدًا لعزل الرئيس من منصبه، بعد الشكوى التي قدمها أخد موظفي البيت الأبيض تفيد بممارسة ترامب ضغوطًا على كييف لإعادة فتح التحقيقات بمعاملات عائلة بايدن التجارية في أوكرانيا، وانتهى تصويت مجلس الشيوخ على براءة ترامب من التهم الموجهة إليه، إلا أنه أثر بطريقة أو بأخرى على حملة بايدن الانتخابية.

الأمريكيون من أصول أفريقية يؤيدون بايدن

تشير وكالة أسوشيتد برس الأمريكية إلى أن أربعة من 10 من الناخبين في كارولينا الجنوبية رأوا أن تركيزهم ينصب في المرتبة الأول على ملف الرعاية الصحية، بينما اعتبر 20 بالمائة أن الاقتصاد أولوية بالنسبة إليهم، وقال 14 بالمائة إن تركيزهم موجه للتغيير المناخي، واستطاع بايدن في كارولينا الجنوبية الحصول على 60 بالمائة من أصوات الأمريكيين من أصول أفريقية، بالإضافة لأدائه القوي مع النساء، وكبار السن، ورجال الكنسية المعتدلين.

هذه النتائج التي حققها بايدن في كارولينا الجنوبية جعلته يركز في حملته الانتخابية على الأمريكيين غير البيض الذين كان لهم دور فاعل في انتخابات ولاية نيفادا، حيث جاء ثانيًا خلف ساندرز، الذي حصل على 14 بالمائة من الأصوات من أصول أفريقية، متراجعًا أمام الملياردير ستاير الذي سمحت له حملته الانتخابية بالحصول على 15 بالمائة من أصواتهم، أما بوتجيج فقد كان أداؤه مشابهًا للجولة السابقة بحصوله على ثلاثة بالمائة من الأصوات.

ويرى الصحفي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ديف ويغل أن الدورات السابقة لكارولينا الجنوبية كثيرًا ما أكدت دعم الأمريكيين من أصول أفريقية للمرشحين الديمقراطيين، فقد أشارت تقارير لحصول بايدن على دعم أكبر نائب من أصل أفريقي في الكابيتول هيل جيم كليبرن، الذي يعتبر أكثر السياسيين نفوذًا في كارولينا الجنوبية بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أن كليبرن يؤيد بايدن بنسبة 47 بالمائة.

الاشتراكي ساندرز في صدارة توقعات الثلاثاء الكبير

الآن بعد الانتهاء من كارولينا الجنوبية، ينتظر المرشحون المتنافسون انتخابات الثلاثاء الكبير التي ستنطلق يوم الثلاثاء في 14 ولاية يبدأ الاقتراع فيها جميعها في تمام الساعة السابعة مساءً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، وستكون أول جولة انتخابية لقطب الإعلام مايكل بلومبيرغ الذي صرف أكثر من نصف مليار على حملته الانتخابية رغم عدم مشاركته في انتخابات الولايات السابقة.

كما أنه سيكون لأول مرة في مواجهة مباشرة مع بايدن وساندرز الطامحين للحصول على بطاقة الديمقراطيين الوحيدة لمنافسة ترامب، إلا أن المنافسة الأهم لبايدن وساندرز ليست بلومبيرغ، إنما الحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات الديمقراطيين من أصول أفريقية الذين يتواجدون بأعداد كبيرة في ولايات ألاباما، كارولينا الشمالية، تينيسي، آركنسا، وأخيرًا فرجينيا.

لكن الديمقراطيين يخشون من قوة السيناتور ساندرز في الثلاثاء الكبير، بالأخص أنهم لم يستقروا حتى الآن على البديل الأقوى لمنافسته في الحصول على البطاقة للجولة الأخيرة من انتخابات الرئاسة الأمريكية، رغم أن بايدن بنتيجته المفاجئة في كارولينا الجنوبية قدم نفسه كمنافس محتمل لساندرز، غير أنها نتيجة جاءت متأخرة لأنها لن تؤثر كثيرًا على الناخبين.

وسيكون الاقتراع في ولايتي كاليفورنيا وتكساس مهمًا كونهما يمثلان أكبر ولايتين من ناحية التعداد السكاني، حيثُ يسجل في الولاية الأولى 415 مندوبًا، مقابل 228 مندوبًا في الولاية الثانية على التوالي، وتأتي ولاية كارولينا الشمالية ثالثًا بـ110 مندوبين، أما الولايات الـ11 المتبقية فإن عدد المندوبين فيها لا يتجاوز المائة مندوب.

توزيع المندوبين على ولايات الثلاثاء الكبير ومن فاز فيها في انتخابات 2016 (نيويورك تايمز)

ووفقًا لأحدث استطلاع للرأي فإنه ينظر لبرنامج ساندرز الاشتراكي في ولايتي كاليفورنيا وتكساس بشكل إيجابي رغم الانتقادات التي يواجهها من خصومه الديمقراطيين والجمهوريين المعتدلين، ووصف النقاد له بأنه "شيوعي"، حيث يرى العديد من الديمقراطيين المعتدلين أن ساندرز لن يكون قادرًا على الفوز بسبب برنامجه الاشتراكي الديمقراطي.

وأظهر الاستطلاع أن 57 بالمائة من الناخبين الديمقراطيين المحتملة مشاركتهم في التصويت ينظرون لبرنامج السيناتور الاشتراكي بشكل إيجابي، بينما ينظر 56 بالمائة من الناخبين في تكساس للأيديولوجيا السياسية إيجابيًا، مقابل النظر بشكل إيجابي للرأسمالية في كاليفورنيا بنسبة 45 بالمائة، وبدرجة أقل في تكساس بنسبة 37 بالمائة، وعلى سبيل المثال يعني فوز ساندرز في كاليفورنيا بنسبة تصل من 40 إلى 45 بالمائة أنه من الصعب إيقافه إلا أنها نتيجة لن تكون حاسمة.

وفي العموم فإن ساندرز بتصدر استطلاعات الرأي في الولايتين السابقتين فضلًا عن الـ12 ولاية الأخرى، فقد حصل على تأييد 31 بالمائة من ناخبي ولايات الساحل الغربي، وجاء خلفه مباشرة منافسه بايدن بـ19 بالمائة، والسيناتور وارن بـ18 بالمائة من النقاط، فيما تشير استطلاعات الرأي على مستوى الولايات المتحدة تصدر ساندرز خيارات الديمقراطيين لمنافسة ترامب بـ29.2 بالمائة، ويليه بايدن بـ18.8 بالمائة بفارق 10 نقاط عن ساندرز، وثالثًا رئيس بلدية نيويورك السابق بلومبيرغ بـ16.4 بالمائة.

غير أنه لا يمكن التكهن بنتيجة التصويت للثلاثاء الكبير لأنها تخضع للكثير من التغييرات نتيجة الأموال المصروفة على الحملات الانتخابية، ما جعل الخبراء يشبهونها بـ"مكعب روبيك المجنون"، ويرى مستشارو الحملة الانتخابية لكل من بايدن وبلومبيرغ أنهما سيحققان أفضل النتائج ليصبحوا البديل الرئيسي لساندرز، فيما يسود اعتقاد في حملة بوتجيج بأنه سيكون منافسًا مهمًا، فضلًا عن دوره الاستراتيجي فيما يخص المندوبين والمتبرعين لحملته الانتخابية.

اقرأ/ي أيضًا: بعد فوز ساندرز بجولة نيفادا.. كيف أصبحت خريطة التنافس؟

وعلى عكس المرشحين السابقين، تواجه السيناتورين كلوبوشار ووارن عقبات منذ انتخابات ولاية أيوا لذلك تبقى آمالهما معلقة على تحقيق نتائج أفضل تسمح لهما بالاستمرار في السباق الانتخابي، بالأخص أن هذه المرحلة ستشهد دخول بلومبيرغ الانتخابات التمهيدية لأول مرة، استبقها بإنفاق ما يقدر بـ160 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية في ولايات الثلاثاء الكبير.

تشير استطلاعات الرأي على مستوى الولايات المتحدة تصدر ساندرز خيارات الديمقراطيين لمنافسة ترامب بـ29.2 بالمائة

وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإن انتخابات الثلاثاء الكبير الحالية تتميز عن انتخابات عام 2016، بأنها جاءت بعد ثلاثة أيام فقط من انتخابات كارولينا الجنوبية ما يمنح المرشحين وقتًا قصيرًا لتنظيم حملاتهم الانتخابية بشكل فعّال في الولايات التي تشهد التصويت، فضلًا عن أن النتائج لن تكون واضحة مباشرة، حيثُ من المتوقع أن يستمر فرز الأصوات في كاليفورنيا أسبوع واحد على الأقل، لذلك فإن الأرقام قد تبدو مختلفة كثيرًا عن الأرقام الأولية التي سيعلن عنها مباشرة بعد بدء فرز الأصوات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 رهانات بيرني ساندرز الصعبة.. هل يمكن تفتيت غرور ترامب؟