13-فبراير-2020

حقق ساندرز تقدمًا متوقعًا في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية (Getty)

تصّدر السيناتور بيرني ساندرز المرحلة الثانية من الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين التي أجريت في ولاية نيو هامبشير، متجاوزًا بذلك المرشح الديمقراطي بيت بوتجيج بفارق ضئيل لا يتخطى حاجز النقطتين، فيما استمر تعثر نائب الرئيس السابق جو بايدن بتراجعه للمركز الخامس، بعدما كان ينظر إليه حتى ما قبل انتخابات ولاية أيوا التمهيدية كواحد من أبرز الأسماء التي يمكن لها مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

مع اقتراب انتهاء الديمقراطيين من فرز الأصوات في نيو هامبشير، سجل تصدر المرشح اليساري ساندرز قائمة المرشحين بنسبة 25.7 بالمائة، متقدمًا على الديمقراطي المعتدل بوتجيج

ساندرز بتجاوز خسارة أيوا في نيو هامبشير

ومع اقتراب انتهاء الديمقراطيين من فرز الأصوات في نيو هامبشير، سجل تصدر المرشح اليساري ساندرز قائمة المرشحين بنسبة 25.7 بالمائة، متقدمًا على الديمقراطي المعتدل بوتجيج الذي جاء في المركز الثاني بنسبة 24.4 بالمائة، بينما حلت السيناتور إيمي كلوبوشار ثالثًا، وجاءت خلفها تمامًا السيناتور إليزابيث وارن، في ظل استمرار الانتكاسة التي يواجهها بايدن للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات التمهيدية الحالية بحلوله خامسًا.

اقرأ/ي أيضًا: الطريق إلى البيت الأبيض.. بيت بوتجيج يتصدر الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين

صورة نتائج فرز الأصوات (الغارديان)

ودعا ساندرز الأمريكيين بعد إعلان النتائج الأولية لفرز الأصوات إلى الاتحاد "لهزيمة أخطر رئيس (ترامب) في تاريخ البلاد الحديث"، وأوضح السيناتور عن ولاية فيرمونت الذي يهاجمه خصومه الديمقراطيون قبل الجمهوريين بسبب آراءه اليسارية الراديكالية، أن السبب وراء فوزه بانتخابات نيو هامبشير كان جمعه لحركة سياسية "لا مثيل لها متعددة الأجيال ومتعددة الأعراق"، مؤكدًا على تحديه المليارديرات، بالإضافة للمرشحين الذين يتلقون دعمًا من المليارديرات في حملاتهم الانتخابية.

وعلى خلفية نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات التمهيدية أعلن كل من رجل الأعمال أندرو يانغ، والسيناتور عن ولاية كولورادو مايكل بينيت انسحابهما من السباق التمهيدي للفوز بورقة الترشح لرئاسة الولايات المتحدة، فيما ذكرت تقارير أخرى أنه من المتوقع إعلان حاكم ولاية ماساتشوستس السابق ديفال باتريك انسحابه من السباق الانتخابي في وقت لاحق من مساء يوم الأربعاء، وليس غريبًا أن نشهد خلال الأيام القادمة انسحابات أخرى، قد تأتي قبل انتخابات "الثلاثاء الكبير"، ومن الممكن أن تكون وارن – أحد أبرز الحلفاء التقدميين لساندرز – أحد أبرز هذه الأسماء، ما يسمح بتحويل قاعدتها الشعبية لصالح ساندرز لتعزيز فرص فوزه ببطاقة الديمقراطيين.

وفي الوقت الذي تشهد انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية منافسة محتدمة بين الجيل الجديد والقديم، فإن انتخابات الجمهوريين التمهيدية في الولاية عينها لم تسجل أي مفاجأة تذكر، بتصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النتائج بنسبة 85.5 بالمائة، متقدمًا بفارق كبير على أقرب منافسيه  الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس بيل ويلد الذي جاء ثانيًا بنسبة 9.12 بالمائة.

صورة توضح نتائج انتخابات الجمهوريين (الغارديان)

ساندرز وبوتجيج في مواجهة الملياردير بلومبيرغ

كانت نتائج الانتخابات التمهيدية في مرحلتها الأولى صادمةً بالنسبة للسيناتور اليساري بعدما خسرها بفارق ضئيل أمام الديمقراطي الشاب بوتجيج، فيما كانت تشير التوقعات لاحتدام المنافسة بين السياسيين المخضرمين ساندرز، والديمقراطي المعتدل جو بايدن، قبل أن يفاجئ بوتجيج التوقعات بتصدره نتائج المرحلة الأولى في أيوا.

وفي الانتخابات التمهيدية الأخيرة للديمقراطيين تمكن ساندرز من حسم النتائج لصالحه في ولاية نيو هامبشير بتقدمه على منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بفارق تجاوز 20 بالمائة من الأصوات، بعدما خسر المرحلة الأولى في أيوا لصالح كلينتون، إلا أن ذلك لم يساعد السيناتور اليساري على فوزه ببطاقة الترشح لانتخابات الرئاسة في عام 2016، وهو أمر يمكن أخذه بعين الاعتبار بالنظر لنتائج الانتخابات التمهيدية السابقة عند الديمقراطيين.

وأمام الديمقراطيين المستمرين في السباق الانتخابي جولتين قادمتين، الأولى في ولاية نيفادا يوم 22 من شباط/فبراير الجاري، وبعدها بأسبوع يوم 29 في ولاية كارولاينا الجنوبية، قبل أن تتوجه الأنظار للمرحلة الثالثة المعروفة بانتخابات "الثلاثاء الكبير" لتنظيمها في 16 ولاية أمريكية، ومن المتوقع أن تشهد منافسة قوية بإعلان الملياردير مايكل بلومبيرغ دخوله السباق الانتخابي من بوابتها، بعدما رفض المشاركة في الانتخابات الأولية التي تنظم بأربع ولايات.

وكان بلومبيرغ الذي شغل سابقًا منصب رئيس بلدية نيويورك (2002 – 2013) قد أعلن متأخرًا دخوله السباق الانتخابي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بتأكيده أنه يخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية لهزيمة الرئيس ترامب و"إعادة بناء أمريكا"، مشيرًا إلى تخصيصه نحو مائة مليون دولار لحملته الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف ترامب في أربع ولايات تعتبر بالنسبة للديمقراطيين ساحة معارك انتخابية.

ويصنف بلومبيرغ وفقًا لمجلة فوربس بالمركز الثامن بين أثرياء العالم بثروة تزيد على 53 مليار دولار، وسيكون واحدًا من بين المرشحين الديمقراطيين النادرين الذين سيعتمدون على ثروتهم المالية لتمويل حملتهم الانتخابية، فضلًا عن أن دفاعه عن التغيير المناخي مع تقديمه التبرعات المالية لهذه القضية، وحملته التي نظمها ضد العنف بدعوته لتقييد حمل السلاح، إضافة لسخائه بالتبرع بملايين الدولارات لجماعات الضغط لتقييد حمل السلاح، جعله يكسب حلفاء مهمين داخل الحزب الديمقراطي.

 وتعرض بلومبيرغ لانتقادات لاذعة من ترامب مطلع الشهر الجاري، على خلفية وصف قطب الإعلام للرئيس ترامب بـ"الفاشل"، وذلك خلال كلمة ألقاها أمام رواد أعمال من الحزب الديمقراطي قال فيها إن "الرئيس يرسب في كل امتحان"، ما دفع بالملياردير الأمريكي للرد على تلك التصريحات، ناعتًا بلومبيرغ "بمايك الصغير"، وبأنه "جزء من الأخبار الوهمية".

الرابحون والخاسرون في انتخابات نيو هامبشير

لا يمكن اعتبار أن المرحلة الثانية من انتخابات الديمقراطيين في نيو هامبشير بمثاية نهاية المطاف لمعظم المرشحين المتنافسين على بطاقة انتخابات الرئاسة الوحيدة، رغم أن خسارتهم للانتخابات التمهيدية أو انسحابهم لا يعني خروجهم نهائيًا من السباق إلى البيت الأبيض طالما أمكنهم الترشح كمستقلين، إلا أن ترشحهم باسم الحزب الديمقراطي يعطيهم زخمًا شعبيًا أكبر من ترشحهم كمستقلين.

وتبقى نتائج المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات الديمقراطيين التمهيدية كمؤشر على قاعدة المرشحين داخل البيت الديمقراطي على مستوى الولايات المتحدة، حيثُ من الممكن أن تتغير نتائج الانتخابات في خلال الأسابيع الثلاثة القادمة، بعد إجراء انتخابات ولايتي نيفادا وكارولينا الجنوبية بالإضافة إلى يوم "الثلاثاء الكبير".

وفي نظرة فاحصة على حظوظ الديمقراطيين الذين حصلوا  على المراكز الخمسة الأولى، لا يمكن اعتبار فوز ساندرز بانتخابات نيو هامبشير تأكيدًا على أنه استعاد توازنه بعد خسارته لولاية أيوا بفارق ضئيل جدًا من الأصوات أمام بوتجيج، إذ إن ساندرز جمع نحو 25 مليون دولار من أصل 95 مليون دولار لحملته الانتخابية من نيو هامبشير فقط في كانون الثاني/يناير الماضي، وحقق في الولاية عينها فوزًا بفارق وصل لـ22 بالمائة من الأصوات في انتخابات الرئاسة التمهيدية السابقة.

كما أن أحدث استطلاعات الرأي أظهرت أن الغالبية الواضحة من الناخبين الأساسيين في الولاية يدعمون نظامي الرعاية الصحية والتعليم المجاني في الجامعات العامة الذين تديرهما الحكومة الأمريكية، وهاتان القضيتان اللتان تشغلان هموم الناخب الأمريكي من أبرز بنود الحملة الانتخابية لساندرز، إلا أنه يتوّجب عليه الاستمرار بحصد قاعدة شعبية لتجاوز أبرز منافسيه المباشرين، الأمر الذي من الممكن أن يتعقد أكثر بدخول بولمبيرغ المنافسات الذي يحل رابعًا بين المرشحين الديمقراطيين وفق أحدث تحديث لاستطلاعات الرأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

لكن النتائج بالنسبة لبوتجيج عمدة بلدة ساوث بيند الصغيرة البالغ تعداد سكانها مائة ألف شخص، تكن بالسيئة قياسًا بالأداء الإيجابي لساندرز سابقًا، فقد أنهى الرجل الذي لم يكن معروفًا في الأوساط السياسية المحلية المرحلتين الأوليتين بالمركزين الأول والثاني على التوالي، وهي نتيجة ستجلعه يحصل على دفعة قوية قبل التوجه إلى نيفادا ولاحقًا كارولينا الجنوبية، وستشكلان بالنسبة لبوتجيج تحديًا هامًا قبل موقعة "الثلاثاء الكبير"، وستنعكس نتائجهما على أدائه خلال حملته الانتخابية.

ويبقى أبز الفائزين في المرحلة الثانية السيناتور كلوبوشار، بعدما جاءت في المركز الخامس في انتخابات أيوا بنسبة 12.6 بالمائة، إلا أنها في انتخابات نيو هامبشير عوّضت خسارتها بحلولها في المركز الثالث بنسبة 19.7 بالمائة، نتيجة أدائها الجيد خلال المناظرة التي استبقت إجراء الانتخابات ما دفع بنسبة لا بأس بها من الناخبين الديمقراطيين لاختيارها بعدما اتخذوا قرارهم بهذا الشأن خلال الأيام القليلة الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: رهانات بيرني ساندرز الصعبة.. هل يمكن تفتيت غرور ترامب؟

وبينما جاءت نتائج نيو هامبشير إيجابية على المرشحين الثلاثة السابقين، فإنها كانت سيئة بالنسبة للسيناتور وارن، التي كان ينظر إليها إلى جانب ساندرز على أنهما سيتصدران القائمة في انتخابات الولاية، غير أنها أنهت السباق بالمركز الرابع بدون حصولها على مندوبين بنسبة 9.26 بالمائة، وفيما وضعت نتائج أيوا ونيو هامبشير وراء ظهرها، فإن وارن تعتمد بشدة على تقديم أداء قوي في ولايتي نيفادا وكارولينا الجنوبية لتجاوز انتكاستها في الجولتين السابقتين، في ظل تعهدها بمواصلة السباق الانتخابي رغم صعوبته.

دعا ساندرز الأمريكيين بعد إعلان النتائج الأولية لفرز الأصوات إلى الاتحاد "لهزيمة أخطر رئيس (ترامب) في تاريخ البلاد الحديث"

وعلى الرغم من عدم حصوله على أي من المندوبين في انتخابات أيوا ونيو هامبشير التي غادرها قبل إغلاق صناديق الاقتراع، فإن بايدن يصر على المضي في السباق الانتخابي في الولايتين القادمتين حيثُ سيكون الناخبون أكثر تنوعًا بالإضافة للمتبرعين للحملات الانتخابية، وهما أكثر نقطتين يهمان السيناتور السابق الذي لم يفز في بطاقات الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة في مناسبتين سابقتين (1988 – 2004)، إذ إن حصوله على المركز الخامس حاليًا، والمركز الرابع في أيوا، قد يشير لوجود حالة رفض بين الديمقراطيين لترشيحه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

يسار ساندرز ويسار سيريزا.. بلا تشبيه!