16-مارس-2018

الانتخابات الرئاسية الروسية ليست إلا إجراءً شكليًا لتنصيب بوتين (يلينا أفونينا/Getty)

الانتخابات الرئاسية الروسية على الأبواب، وليس ثمة زخم كبير حولها داخل روسيا، خاصة وقد استبعد منها المعارض البارز أليكسي نافالني، المنافس الرئيسي لبوتين الذي بدوره لن يجد أمامه أية عقبات أمام رئاسة رابعة. في السطور التالية ترجمة بتصرف لتقرير أعدته مجلة التايم حول الانتخابات الرئاسية الروسية وكل ما تحتاجه لمعرفته عنها.


سيذهب المواطنون الروس في إجراء يمكن وصفه بـ"الشكلي" للتصويت في الانتخابات الرئاسية لبلادهم، يوم الأحد المقبل الموافق 18 آذار/مارس، إذ ليس ثمة شكوك قوية حول هوية الفائز؛ إنه بالنسبة الأكبر الرئيس فلاديمير بوتين.

الانتخابات الرئاسية الروسية القادمة، ليست إلا إجراءً شكليًا لتنصيب بوتين رئيسًا للمرة الثانية على التوالية، والرابعة في حياته 

والآن، يتهيأ بوتين لفترة رئاسية ثانية على التوالي، والرابعة في حياته، خاصة وقد استبعد عن الانتخابات، منافسه الأبرز والأكثر صخبًا بين المعارضة الروسية، أليكسي نافالني، أما باقي المرشحين فهم مرشحون صوريون.

اقرأ/ي أيضًا: استبعاد نافالني من رئاسيات روسيا.. المعارض الوحيد في ديمقراطية زائفة

وفي نفس الشهر الذي صوت فيه مجلس الشعب الوطني الصيني بإجماع شبه كامل على إزالة القيود المتعلقة بطول المدة الرئاسية، أصبح الرئيس شي جين بينغ، رئيسًا مدى الحياة، فمن الضروري أن تنال الانتخابات الروسية مزيدًا من التدقيق والاهتمام. لذا جئنا لكم بأهم التفاصيل الرئيسية الواجد معرفتها عن انتخابات الرئاسة الروسية المرتقبة خلال أيام قليلة.

1. متى تُجرى الانتخابات الروسية؟

يتوجه المواطنون الروس إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد الموافق 18 آذار/مارس، في الجولة الأولى من الانتخابات. وترجع أهمية هذا التاريخ إلى كونه الذكرى الرابعة لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في 2014.

وتُجرى الجولة الثانية من التصويت بعد ثلاثة أسابيع، أي في يوم الأحد الموافق الثامن من نيسان/أبريل، في حال لم يحصل أي مرشح على أغلبية مطلقة من الأصوات، وهو أمر مُستبعد إلى حد كبير، إذ كان لابد من خوض جولة ثانية لمرة واحدة فقط من بين ست انتخابات رئاسية، وذلك عام 1996، عندما فاز بوريس يلتسن على جينادي زيوغانوف في جولة الإعادة.

وعلى عكس الولايات المتحدة أو أوروبا، عادة ما يكون هناك زخم بسيط حول الانتخابات الروسية، إذ عادةً ما تبدأ الحملات الانتخابية قبل أشهر قليلة من بدء التصويت. وكما جرت العادة خلال السنوات القليلة الماضية، يتجنب بوتين المناظرات التلفزيونية، حسب ما جاء في تقرير لشبكة "سي إن إن".

غالبًا ستغلق صناديق الاقتراع في الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي، كما حدث في انتخابات 2012، وبعدها بساعتين فقط أُعلن فوز بوتين!

2. من ينافس بوتين؟

سوف تظهر سبعة أسماء إلى جانب بوتين في بطاقة الاقتراع في يوم 18 آذار/مارس. وعلى الرغم من أن هذه الأسماء سوف تظهر للجمهور حسب الطيف السياسي من اليمين إلى اليسار، بينما يوضع بوتين في الوسط، لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 10% في استطلاعات الرأي التي تجريها أجهزة الدولة. وهؤلاء هم أبرز ثلاثة مرشحين غير معروفين يخوضون تلك الانتخابات:

بافيل غرودينين

وفقًا لمركز أبحاث الرأي العام الروسي، من المرجح أن يحل بالمركز الثاني في الانتخابات، وهو مُرشح الحزب الشيوعي، على الرغم من تبنيه لأفكار رأسمالية في حقيقة الأمر.

وقد اشتهر غرودينين بخصخصة شركة الفراولة المملوكة للدولة، وحوّلها إلى مشروع زراعي مُربح. يقول غرودينين إن مجمعه الزراعي يمنح العاملين فيه أجورًا عادلة، ويعطيهم منازل جيدة، ويوفر حدائق لأطفالهم. ويؤكد غرودينين أن هذا هو النموذج الأمثل للطريقة التي يجب أن تُدار بها روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.

في غضون ذلك، لم ينتقد غرودينين -العضو السابق في حزب بوتين "روسيا الموحدة"- علنًا ممارسات الفساد في الطبقة العليا من المجتمع الروسي. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي التي تجريها الدولة تُظهر أنه أقوى المنافسين أمام بوتين، إلا أنهم يمنحونه نسبة أقل من 8%.

فلاديمير جيرينوفسكي

يبلغ جيرينوفسكي 71 عامًا، وهو يميني شعبوي، عرف عنه كراهيته للأجانب. وحصل على نسبة 6% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية لعام 2012،

وتوقعت شبكة روسيا اليوم الإخبارية التابعة للدولة، حصوله على نسبة 5.6% هذا العام، وهي نفس النسبة تقريبًا التي حصل عليها في 2012.

وعلى الرغم من الخطابات النارية لحملته، لا يحيد جيرينوفسكي عن نهج الكرملين داخل البرلمان على الإطلاق! 

كسينيا سوبشاك

تتبنى الصحفية ونجمة تليفزيون الواقع السابقة كسينيا سوبشاك أجندة ليبرالية، فهي رغم مشاركتها في الانتخابات، تؤكد أنها لن تكون نزيهة، كما أنها تدافع عن حقوق المثليين والمتحولين جنسيًا، وتقول إن شبه جزيرة القرم تابعة لأوكرانيا، كما أعلنت أسفها على التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.

كسينيا سوبشاك، المرشحة للانتخابات الرئاسية أمام بوتين (رويترز)
كسينيا سوبشاك، المرشحة للانتخابات الرئاسية أمام بوتين (رويترز)

وتسبب موقف سوبشاك -ابنة رئيس بلدية سانت بطرسبورغ التي تربطه علاقات وثيقة ببوتين- في إثارة بعض الشكوك حول ما إذا كانت تصريحاتها حقيقية بالفعل. إذ وصمتها المعارضة الروسية بأنها دمية في يد الكرملين، وُضعت لكي تضفي على الانتخابات هالةً من الشرعية. بينما تؤكد سوبشاك أن الكرملين هو من روج لهذه الادعاءات بغرض تشويه سمعتها.

استبعد بوتين المنافس الحقيقي له من الانتخابات، وهو أليكسي نافالني، أما باقي المرشحين فليسوا إلا مرشحين صوريين

صرحت سوبشاك لمراسل مجلة التايم، سايمون شوستر، في كانون الأول/ديسمبر، قائلةً: "لقد نشروا هذه الشائعات بصورة كبيرة للغاية"، مضيفة: "لقد وجهوا لي التهنئة بعد دقيقتين من إعلان ترشحي. ثم أعلن جمع كبير من الناس تحديهم واعتراضهم على هذا القرار، وهو ما أدى إلى التقليل من شأن حملتي الانتخابية. لقد تعلم الناس الأذكياء التغاضي عن هذه المؤامرات الرخيصة للكرملين منذ وقت طويل".

اقرأ/ي أيضًا: أليكسي نافالني.. معارض شاب يهدد عرش بوتين

وعلى كل حال، تشير استطلاعات الرأي إلى أن سوبشاك لن تستطيع الفوز بأكثر من نسبة 2% من أصوات الناخبين.

أليكسي نافالني قبل استبعاده

أعلن المعارض الرئيسي لبوتين، أليكسي نافالني، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، في كانون الأول/ديسمبر من عام 2016، ومن ثم دشن حملة انتخابية على غرار النموذج الأمريكي لحشد الدعم.

ولطالما كان نافالني بمثابة الشخص الذي يعكر صفو بوتين ويُفسد خططه على الدوام، فقد سُجن واعتقل مرات عديدة بسبب تنظيمه مسيرات معارضة لبوتين. وكاد أن يُصاب بالعمى في عام 2016 بعد أن ألقى أحد الناشطين المؤيدين للكرملين مادة كيميائية في وجهه.

أُنهيت مسيرته نحو كرسي الرئاسة قبل بداية العام، إذ منعت السلطات الروسية في كانون الأول/ديسمبر رسميًا الناشط السياسي من خوض السباق الانتخابي، متذرعةً بتهمة اختلاس وُجهت إلى نافالني، والذي قال بدوره إن هذه التهمة كيدية ذات دوافع سياسية.

ولا تُعد هذه المرة الأولى التي تُوجه مثل هذه التهم، ففي تشرين الأول/أكتوبر، قضت المحكمة الأوروبية العليا لحقوق الإنسان بأن تهم الاحتيال التي وجهتها روسيا إلى نافالني عام 2014، كانت "تعسفية وغير مقبولة بشكل واضح".

منذ ذلك الحين، حث نافالني متابعيه على موقع يوتيوب البالغ عددهم 1.8 مليون متابع، على مقاطعة الانتخابات.

3. ما طول المدة التي قضاها بوتين في الرئاسة؟

انتخب بوتين للمرة الأولى رئيسًا لروسيا عام 2000، وذلك بعد استقالة بوريس يلتسن، واستمر رئيسًا للبلاد حتى 2004، وأُعيد انتخابه لفترة ثانية حتى 2008، ومن 2008 حتى 2012 شغل منصب رئيس الوزراء، ثم عاد للرئاسة من 2012 وحتى الانتخابات المرتقبة خلال أيام.

وفي 2012، أجريت تعديلات دستورية تقضي بمد الفترة الرئاسية من أربعة أعوام إلى ستة أعوام، وهو ما يعني أن بوتين ربما يبقى على رأس السلطة حتى عام 2024.

4. ما هي القضايا الرئيسية في الانتخابات الروسية؟

المخاوف الاقتصادية

ارتفع معدل التضخم، وازدادت العقوبات التي فرضتها الدول الغربية بشكلٍ كبيرٍ على روسيا، فقد أدى الركود الاقتصادي إلى انخفاض كبير في معدل الأجور على مدار السنوات الثلاث الماضية. إضافة لسقوط حاد للروبل الروسي أمام العملات الأجنبية.

ولكن وفقًا لشبكة "سي إن إن"، فقد استعاد الاقتصاد عافيته شكليًا، واستقر معدل التضخم قبل إجراء الانتخابات مباشرةً. وقد أقر البرلمان الروسي، حيث يحظى حزب بوتين "روسيا الموحدة" بأغلبية كبيرة، مؤخرًا، تشريعًا يقضي برفع الحد الأدنى من الأجور إلى 11 ألفًا و163 روبل شهريًا، أي 197 دولار.

نسبة الناخبين

ليس هناك حافز كبير يدفع الناخبين إلى الإقبال على صناديق الاقتراع، إذ إن الفائز معروف سلفًا، وهو ما يُعد مصدر قلق للكرملين، فإن عدم وجود تفويض جلّي لبوتين في الانتخابات، من شأنه أن يُصعب من دحض تهم الاستبداد التي يوجهها الغرب لروسيا. كما أن الإقبال الضعيف قد يسبب حرجًا لبوتين، وربما يكبت آماله في الاحتفاظ بالسلطة بعد الفترة الرئاسية الثانية على التوالي.

ويُعد الرقم السحري للكرملين هو 70-70، أي الحصول على 70% من أصوات الناخبين، وإقبال بنسبة 70% على الانتخابات، إلا أن استطلاعات الرأي المستقلة تشير إلى أن هذه الأرقام مُستبعدة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أظهر مركز ليفادا -وهو مركز استطلاع رأي غير حزبي تعتبره روسيا "مؤسسة أجنبية"- أن أقل من ربع الناخبين الروس سوف يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في آذار/مارس، بينما قال 34% إنهم ربما يذهبون للتصويت، لكنهم لم يقرروا بعد. وعلى الجانب الآخر، توقع مركز أبحاث الرأي العام الروسي التابع للدولة، نسبة إقبال تتعدى 70% من أصوات الناخبين!

5. كيف يمكن أن تؤثر الانتخابات على علاقة روسيا بالغرب؟

تأتي الانتخابات الروسية في وقت تُحيق الفضائح بالكرملين من شتى النواحي. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، من الواضح أن المُحقق المستقل روبرت مولر، بدأ يضيق الخناق على شخصيات عديدة تربطها علاقات بروسيا والحملة الانتخابية للرئيس ترامب عام 2016.

وفي بريطانيا تصاعد الموقف ضد روسيا من قبل الحكومة البريطانية التي طردت عددًا كبيرًا من الدبلوماسيين الروس، وأعلنت مقاطعتها كأس العالم 2018، وذلك بسبب اكتشاف ضلوع روسيا في تسميم جاسوس سابق على الأراضي البريطانية هو سيرغي سكريبال.

لكن لا يُرجح أن يكون لذلك أي تأثير مهم على الانتخابات الروسية، سواءً لأن بوتين يحظى بشعبية حقيقية بين الروس، أو لأنّ الانتخابات لن تنتهي في كل الأحوال كما يُرجّح سوى بفوز بوتين.

لا يرجح أن يكون لتوتر العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، تأثير مهم على الانتخابات، ففي كل الأحوال سيفوز بوتين

إذن، فتأثير الانتخابات على العلاقة مع الغرب، يتمثل تحديدًا في بوتين وسياساته، وأي تطورات قد يُقدم عليها في العديد من الملفات، على رأسها ملف الحربين الأوكرانية والسورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

انتخابات 2018 الروسية.. المستقبل لم يعد بروباغندا للدكتاتور!

تكميم الأفواه والقمع في شوارع موسكو