25-يونيو-2016

سوريون يتظاهرون ضد دكتاتور بلادهم أمام البيت الأبيض (AP)

نص المذكرة التي قدمها دبلوماسيون أمريكيون احتجاجًا على سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة السورية

تنتقد المذكرة بشدة سياسة إدارة أوباما تجاه الأزمة السورية وتحث على القيام بضرباتٍ عسكرية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد لوقف انتهاكاتها المستمرة لوقف إطلاق النار.

سوف يرفع القيام بضربات محدودة ردًا على انتهاكات النظام لاتفاق وقف الأعمال العدائية، التكاليف عليه ويعزز إمكانية حدوث وقف إطلاق نار حقيقي 

وقّع 51 دبلوماسيًا أمريكيًا على مذكرةٍ داخلية تنتقد بشدة سياسة إدارة أوباما تجاه الأزمة السورية وتحث على القيام بضرباتٍ عسكرية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد لوقف انتهاكاتها المستمرة لوقف إطلاق النار في الحرب الأهلية الدائرة هناك.

تقول المذكرة، التي أمد مسؤولٌ بوزارة الخارجية صحيفة نيويورك تايمز بمسودةٍ لها، إن السياسة الأمريكية قد فشلت في وجه العنف المستمر في سوريا. وتدعو إلى "الاستخدام الحكيم للأسلحة التي تطلق من خارج مدى نيران العدو والأسلحة الجوية، ما سوف يعزز ويدفع في اتجاه عملية دبلوماسية أكثر تركيزًا وعملية تقودها الولايات المتحدة".

اقرأ/ي أيضًا: مصر..أحاديث المصالحة مرة أخرى

سوف تمثل مثل تلك الخطوة تحولًا جذريًا في السياسة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية تجاه الحرب الأهلية السورية، لكن لا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الرئيس أوباما سوف يغير مساره. فضّل أوباما الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية على الجهود التي تهدف إلى الإطاحة بالأسد. انهارت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع والتي قادها وزير الخارجية جون كيري.

الموقعون على المذكرة هم مسؤولون من المستوى المتوسط في وزارة الخارجية الأمريكية شاركوا في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة السورية على مدار الأعوام الخمس الماضية، داخل الولايات المتحدة وخارجها. رغم عدم وجود أسماء معروفة على نحوٍ واسع بينهم إلا أنه من المعروف أن كبار مسؤولي الوزارة يشاركونهم مخاوفهم. حث كيري نفسه على القيام بعملٍ أمريكيٍ أقوى ضد سوريا، جزئيًا لفرض حلٍ دبلوماسي على نظام الأسد.

يحث مسؤولو وزارة الخارجية منذ سنوات على القيام بتدخلٍ عسكري محدود في سوريا حسب تلك الخطوط. انضمت وكالة المخابرات المركزية إلى وزارة الخارجية في دعم الضربات الجوية في مناقشاتٍ داخلية بالإدارة في عامي 2012 و2013؛ بينما كانت وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي رافضين لها.

اقرأ/ي أيضًا: بحكم المحكمة..تيران وصنافير مصريتان

رفض الرئيس أوباما على نحوٍ قاطع تلك الضربات، جزئيًا بسبب التخوف من انعدام الدعم الشعبي لتدخل الولايات المتحدة في حربٍ أخرى في الشرق الأوسط. لكن القتال قد استمر واستمر معه تدهور الأوضاع الإنسانية المروعة، ما جعل مبررات القيام بعملٍ عسكري تصبح، في أعين المحتجين على سياسة الإدارة، أكثر إلحاحًا.

فيما يلي نص المذكرة:

1. التالي هو رسالة عبر قناة الاحتجاج من المسؤولين السابق ذكرهم بوزارة الخارجية إلى مسؤول رسم السياسات.

2. نحن مجموعة من المسؤولين بوزارة الخارجية شاركنا بدرجاتٍ متفاوتة في استجابة الحكومة الأمريكية للأزمة السورية على مدار الأعوام الخمسة الماضية. رغم جهود الوزير لتخفيف حدة العنف والمضي قدمًا في المسار السياسي، نعتقد أن تحقيق تلك الأهداف سوف يستمر في التملص منا إن لم نضم استخدام القوة العسكرية كخيارٍ لفرض اتفاق وقف الأعمال العدائية وإجبار النظام السوري على الالتزام ببنوده بالإضافة إلى التفاوض للوصول إلى حلٍ سياسي بنيةٍ صادقة. انتهاكات الأسد ضد الشعب السوري هي السبب الرئيسي لعدم الاستقرار الذي تعاني منه سوريا والمنطقة الأوسع. لا يرى أيٌ منّا، أو رأي، أن هناك جدوى من غزوٍ واسع النطاق لسوريا أو الانهيار المفاجئ للمؤسسات السورية.

ولكننا نرى جدوى من دورٍ أمريكي أكثر حزمًا من الناحية العسكرية في سوريا، يعتمد على الاستخدام الحكيم للأسلحة التي تطلق من خارج مدى نيران العدو والأسلحة الجوية، ما سوف يعزز ويدفع في اتجاه عملية دبلوماسية أكثر تركيزًا وعملية تقودها الولايات المتحدة ويضغط على المجموعة الدولية لدعم سوريا بهدف: إنهاء القتل الجماعي للمدنيين والانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان، دفع الأطراف المتحاربة إلى القيام بالتنازلات الضرورية على طاولة المفاوضات، دعم دور مجموعات المتمردين المعتدلين في هزيمة داعش، والمساعدة في الوصول إلى نهايةٍ لعدم الاستقرار الأوسع الذي يولده الصراع.

3. سوف يرفع القيام بضرباتٍ عسكرية محدودة ردًا على انتهاكات النظام الفاضحة لاتفاق وقف الأعمال العدائية التكاليف على النظام ويعزز إمكانيات حدوث وقف إطلاق نار حقيقي -بدون قصف المدن واعتراض القوافل الإنسانية- ويقود إلى عمليةٍ دبلوماسية أكثر جدية، تقودها الولايات المتحدة. سوف تساعد إعادة تنشيط إتفاق وقف الأعمال العدائية العملية السياسية على النضوج بينما نضغط من أجل تشكيل هيئة انتقالية حاكمة لها سلطات تنفيذية كاملة تستطيع البدء في إعادة بناء سوريا والمجتمع السوري، بمساعدةٍ كبيرة من المجتمع الدولي. بسبب الانتكاسات الدبلوماسية المتكررة على مدار السنوات الخمس الماضية، بالإضافة إلى نشر الحكومتين الروسية والإيرانية المزعزع للاستقرار لقواتٍ عسكرية كبيرة لدعم نظام الأسد، نعتقد أن الأساسات اللازمة لوقف إطلاق نار مستدام تعقبه مفاوضات ليست متوفرة في الوقت الحالي.

4. بوصول عدد ضحايا الصراع إلى 400 ألف قتيل ووجود مئات الآلاف آخرين عرضة للخطر نتيجة عمليات الحصار التي يفرضها النظام ونزوح 12 مليون شخص من بين عدد سكان يبلغ 23 مليون، نعتقد أن المبرر الأخلاقي لاتخاذ خطوات لإنهاء الموت والمعاناة في سوريا، بعد خمس سنواتٍ من الحرب الوحشية، واضح ولا يرقى إليه شك. تتسبب أفعال النظام على نحوٍ مباشر في عدم استقرارٍ أوسع وتقوض النظام الدولي المسؤول عن حماية المدنيين ومنع الفظائع الجماعية ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة. كما أن المقتضيات الاستراتيجية لاتخاذ خطوات لإيقاف نزيف الدماء كثيرة وملزمة بنفس القدر.

تغيير مجرى الصراع ليصبح في غير صالح الأسد سوف يزيد من فرص السلام عبر إرسال رسالة واضحة إلى النظام بأنه لن يكون هناك حلٌ عسكري للصراع

5. أولًا، يستخدم النظام تكتيكات تستهدف المدنيين بالأساس (البراميل المتفجرة والضربات الجوية في المدن) لتحقيق أهدافٍ عسكرية وتقويض دعم المعارضة المعتدلة، إعاقة أو إنهاء تلك الفظائع لن ينقذ الأرواح فقط لكنه سوف يخدم أهدافنا السياسية. طالما ظل النظام متفوقًا، سوف يرفض الأسد التسويات التي تسعى إليها جميع فصائل المعارضة والفاعلون الإقليميون تقريبًا بسبب عدم وجود رادع.

تغيير مجرى الصراع ليصبح في غير صالح النظام سوف يزيد من فرص السلام عبر إرسال رسالة واضحة إلى النظام وداعميه بأنه لن يكون هناك حلٌ عسكري للصراع.

6. ثانيًا، يقدم دورٌ أمريكي أكثر حزمًا لحماية والحفاظ على المجتمعات التي تسيطر عليها المعارضة عبر الدفاع عنها ضد قوات الأسد الجوية ومدفعيته، أفضل فرصة لهزيمة داعش في سوريا. إن آفاق دحر قبضة داعش على الأراضي التي تسيطر عليها قاتمة بدون مساعدة العرب السنة، الذين يستمر النظام في قصفهم وتجويعهم. لن يضمن تحالف فعلي مع النظام ضد داعش النجاح: يعاني جيش الأسد من الإنهاك والنقص العددي. لا يمكن توقع أن يقوم مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية -ولا ينبغي عليهم- الوصول إلى والسيطرة على مناطق في عمق المناطق غير الكردية.

والأهم هو أن سكان سوريا السنة يستمرون في رؤية نظام الأسد باعتباره العدو الرئيسي في الصراع. إذا كنا سنستمر في الالتزام بمحاربة داعش في الشام بدون إرسال قواتٍ برية، فإن أفضل خيار هو حماية وتعزيز المعارضة السورية المعتدلة. التسامح مع انتهاكات نظام الأسد الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الشعب السوري يقوض، معنويًا وماديًا، وحدة التحالف المعادي لداعش، خاصةً بين المقاتلين العرب السنة. إن الفشل في وقف الانتهاكات الصارخة للأسد لن يؤدي إلا إلى تعزيز الجاذبية الإيديولوجية لجماعات مثل داعش، حتى بينما تعاني من انتكاسات تكتيكية على أرض المعركة. رغم وحشية داعش فإن نظام الأسد هو المسؤول عن سقوط الأغلبية الساحقة من الضحايا في هذا الصراع.

وضع المزيد من القيود على قدرة النظام على قصف كلا من القوات المحاربة والمدنيين سيكون له تأثير مباشر ومخفف على اللاجئين والنازحين داخليًا

7. ثالثًا، وضع المزيد من القيود على قدرة النظام على قصف كلّ من القوات المحاربة والأهداف التي لا لبس في كونها مدنية سيكون له تأثيرٌ مباشر ومخفف على اللاجئين والنازحين داخليًا. أثرت تلك الأزمة بعمق على البلدان المجاورة لسوريا لسنوات وهي الآن تؤثر على شركائنا الأوروبيين بطرقٍ بعيدة الأثر قد تؤدي في النهاية إلى تعريض صفتهم المميزة كمجتمعاتٍ منفتحة وموحدة وديمقراطية إلى الخطر.

حتى في الولايات المتحدة، أعطت أزمة اللاجئين مصداقية لإيديولوجياتٍ تتبنى وجهات نظر مسبقة اعتقدنا أنها فقدت مصداقيتها منذ سنوات. سوف يقلل الهدوء الذي سيعقب هبوط طائرات النظام الحربية من أهمية الفاعلين المسلحين ويقوي المجتمع المدني في أنحاء البلاد، ويفسح المجال للمزيد من الحوار بين المجتمعات.

8. ربما الأكثر أهمية هو أن موقفًا عسكريًا أقوى تحت قيادة الولايات المتحدة سوف يدعم ويدفع مبادرة دبلوماسية جديدة ذات حيوية أكبر. رغم تفان وجهود المشاركين به فإن اتفاق وقف الأعمال العدائية الحالي والعمليات الدبلوماسية المرتبطة به مفككين وذوي طبيعةٍ تكتيكية إلى حدٍ كبير.

في المقابل فإن جهدًا دبلوماسيًا اسثنائيًا ومنضبطًا -على غرار العملية التي تم إنشاؤها لاستراتيجية مفاوضات إيران تحت قيادة وزير الخارجية ووكيله (ويندي) شيرمان بدعمٍ كامل من البيت الأبيض- ينبغي أن يتم تبنيه لـ (1) ضمان التزام النظام باتفاق وقف الأعمال العدائية، و(2) دفع المحادثات التي تضم الأطراف الفاعلة الداخلية والخارجية للمضي قدما لتضم الإيرانيين والسعوديين، للتوصل إلى حكومةٍ انتقالية.

9. سوف تؤدي القوة العسكرية للولايات المتحدة إلى تعزيز التزام النظام باتفاق وقف الأعمال العدائية، ما سيقود إلى حفظ الأرواح وتغيير ديناميات ساحة المعركة. ينص إعلان المجموعة الدولية لدعم سوريا في 17 مايو على أنه "عندما يجد قادة المجموعة أن أحد أطراف الاتفاق يرتكب سلوكًا متكررًا من عدم الالتزام فإن مجموعة العمل يمكن أن تحيل مثل هذا السلوك إلى وزراء المجموعة أو إلى من يكلفهم الوزراء لتقرير الإجراء المناسب الذي يتعين اتخاذه بما في ذلك استثناء مثل هذه الأطراف من ترتيبات الاتفاق والحماية التي يكفلها لهم".

إيضاح استعدادنا لفرض عواقب على نظام الأسد سوف يزيد من الوزن التفاوضي للولايات المتحدة بالنسبة لجميع الأطراف ويجمع الشركاء حول القيادة الأمريكية ويرفع تكاليف استمرار الآخرين في إعاقة التوصل إلى نهايةٍ مستدامة للصراع. نحن لا ندعو إلى منحدرٍ زلق ينتهي بنا إلى مواجهة عسكرية مع روسيا، وإنما ندعو إلى تهديدٍ ذي مصداقية بردٍ عسكريٍ أمريكيٍ محدود على انتهاكات النظام للحفاظ على اتفاق وقف الأعمال العدائية والمسار السياسي الذي عملنا بجدٍ على بنائه.

10. نحن ندرك أن العمل العسكري ليس بترياقٍ لجميع المشكلات، وأن نظام الأسد قد يثبت مرونة حتى في وجه الضربات العسكرية الأمريكية. كما ندرك أيضًا أن خطر المزيد من التدهور في العلاقات الأمريكية الروسية كبير وأن اتخاذ خطوات عسكرية لإيقاف قصف نظام الأسد الذي لا يتوقف للشعب السوري قد تكون له تأثيرات ثانوية.

رغم ذلك، من الواضح أيضًا أن الوضع القائم في سوريا سوف يستمر في فرض تحدياتٍ إنسانية ودبلوماسية وأمنية خطيرة، إن لم تكن كارثية. لخمس سنوات تغلّب مدى تلك العواقب على جهودنا للتعامل مع هذا الصراع؛ لا يمكن للولايات المتحدة احتواء الصراع عبر السياسة الحالية. في ذلك الصدد، نعتقد بشدة أنه قد حان الوقت كي تقود الولايات المتحدة، ترشدها مصالحنا الاستراتيجية وقناعاتنا الأخلاقية، جهدًا دوليًا لوضع حد لذلك الصراع مرة أخيرة وللأبد.

اقرأ/ي أيضًا:

 مصر.. ثعابين في زنازين المعتقلات