21-يونيو-2016

(Getty)

قضت محكمة القضاء الإداري، وهي المحكمة المختصة بالبت في المنازعات التي تكون الدولة طرفًا فيها، اليوم الثلاثاء 21 حزيران/يونيو، بأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، اتفاق باطل وهو الاتفاق الذي أعطى السعودية السيادة على الجزيرتين.

الحكم القضائي بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، يعد هزة عنيفة للسلطة المصرية، خاصة بعد حملاتها الأمنية الواسعة ضد كل المنتقدين لها

كانت الدعوى المقدمة للمحكمة دفعت بأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن جزيرة تيران وصنافير، باطلة، حيث إنها تخالف اتفاقية تقسيم الحدود المبرمة سنة 1906، ولا يجوز عرضها على البرلمان طبقًا للمادة 151 من الدستور.

وجاء القرار القضائي ردًا على 14 دعوى رفعت بشأن جزيرتي تيران وصنافير، بينهما دعوتان تطالبان بإلزام رئيس الجمهورية بعرض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية على الاستفتاء الشعبي، فيما جاء في دعاوٍ أخرى أن الجزيرتين تمثلان مناطق ذات أهمية في خطط الدفاع الاستراتيجي عن مصر، وأن قرار التنازل عن السيادة المصرية عليهما من شأنه أن يؤثر على مكانة مصر وهيبتها حتى داخل التحالفات العربية القريبة.

كما جاء في نص الحكم الذي أصدرته دائرة الحقوق والحريات بمجلس الدولة:"استمرار السيادة المصرية على الجزيرتين وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى".

اقرأ/ي أيضًا: مصر..أحاديث المصالحة مرة أخرى

ردود الأفعال

 من جابنه، وصف المحامي خالد علي، وأحد أصحاب الدعوى المرفوعة ضد الحكومة، الحكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بالتاريخي وأن القضاء أنصف أصحاب الأرض الذين خرجوا للمطالبة بمصرية الجزيرتين، كما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي فتصدر هاشتاج #تيران_وصنافير مصرية موقع تويتر وانقسم المتابعون بين متفائل يرى الحكم انتصارًا كبيرًا، وبين متشائم يرى أن السلطة سترد على الحكم بالتجاهل وستستمر في الاتفاقية مهما كلفها ذلك.

المستشار عاطف النجمي رئيس جمعية الدفاع العربي، أكد أن الحكم ليس نهائيًا وأن الدولة بصدد الطعن فيه ومن المتوقع أن تستصدر الحكومة قانونًا من البرلمان يعطي لها حق التوقيع على الاتفاقية بعيدًا عن الرقابة القضائية، وقد يتضمن منع إقامة مثل هذه الدعاوى حتى لا تكون هناك رقابة قضائية على قرارات الحكومة.

مصير معتقلي الأرض

يأتي الحكم في الوقت الذي لا يزال فيه معتقلون في السجون المصرية، بتهمة التظاهر للمطالبة بعدم التنازل عن الجزيرتين أو بتهمة نشر أخبار كاذبة والمقصود بها الدفاع عن "مصرية الجزيرتين".

كانت مظاهرات حاشدة قد اندلعت فور إعلان الاتفاقية في نيسان/إبريل الماضي حيث ألقت الشرطة القبض على عدد كبير من المتظاهرين، أخلت سبيل بعضهم، وحكمت على آخرين بالسجن لمدد مختلفة، قبل أن تقضي محكمة الاستئناف ببراءة بعضهم وبالاكتفاء بعقوبة الغرامة مائة ألف لكل فرد لآخرين.

كما أن مجموعات أخرى تم اعتقالها بعيدًا عن المظاهرات، على خلفية نفس القضية، لا يزالوا محبوسين احتياطيًا على ذمة القضية، منهم المحامين مثل مالك عدلي وسيد البنا وهيثم محمدين، أو الصحفيين، مثل عمرو بدر ومحمود السقا، واللذين تسبب اعتقالهما من داخل مقر نقابة الصحفيين، بنشوب أزمة بين النقابة ووزارة الداخلية لا تزال مستمرة للآن.

و السؤال الذي يطرح نفسه الآن ما مصير هؤلاء المعتقلين وغيرهم على خلفية التظاهر لأحقية مصر في الجزيرتين واعتراضًا على اتفاقية ترسيم الحدود، هل سيتغير موقفهم القانوني بعد هذا الحكم؟

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. ثعابين في زنازين المعتقلات

سيناريوهات ما بعد الحكم

في تطور آخر، أعلنت هيئة قضايا الدولة أنها ستطعن على الحكم، في المحكمة الإدارية العليا، وهي الدرجة القضائية الأعلى من محكمة القضاء الإداري، بدعوى أن الحكم صادر من جهة غير مختصة بالتدخل في قرارات تخص السيادة المصرية.

كما من المتوقع أن يقاتل النظام بضراوة لاستصدار قانون ببطلان حكم المحكمة في الدرجة الأولى، هذا بخلاف التشكيك في شرعية القضاء الإداري أصلا لتولي القضية، حتى أن الأمر قد يصل إلى تقديم قرارات برلمانية تشكك في أهمية القضاء الإداري وتطالب بإلغائه، وتقول التوقعات بأنه سيكون هناك اتجاه كبير لتحصين قرارات رئيس الجمهورية في هذه الحالة وكل الحالات المماثلة، وسيتم كل ذلك من خلال ضغظ إعلامي على القضاء الإداري لتشويهه والنيل من مصداقيته، ولكن من المؤكد أن الحكم يعد هزة عنيفة للسلطة في قضية ظلت مصممة على موقفها فيها رغم كل الانتقادات التي تعرضت لها.

اقرأ/ي أيضًا:

مساع لإعادة مقاتلين في الحشد الشعبي لجؤوا لأوروبا

كيف دخلت قوات الحشد الشعبي مدينة الفلوجة؟