19-يونيو-2016

(Getty)

حديث المصالحة يتجدد مرة أخرى في مصر، فمنذ أيام صرح المستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، أن مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي يتم العمل عليه يستهدف أن يعود المجتمع المصري نسيجًا واحدًا، مشيرًا إلى إمكانية أن تكون هناك مصالحة مع أعضاء الإخوان الذين لم "تتلوث أيديهم بالدماء" أو تنسب إليهم أفعال إجرامية.

تصريحات سابقة كثيرة عن المصالحة بين الإخوان والنظام، فجرت ردود أفعال مؤيدة ومعارضة لذلك، وأخذت فترتها من النقاش، ثم انتهت كأن لم تحدث

التصريحات استدعت ردود الفعل المكررة، ففي معسكر النظام، الكثيرون هاجموا الوزير بشدة وأطلقوا تصريحات عن رفضهم لأي مصالحة مع الإخوان، ما استدعى رد الوزير الذي صرح أن ما قاله ليس رؤيته الفردية بل هو توجه من الحكومة ككل مرتبط بحرصها على تطبيق الدستور، في الوقت الذي أيد فيه اللواء سعد الجمال، رئيس ائتلاف "دعم مصر" صاحب الأغلبية البرلمانية، التصريحات ضمنيًا، مشترطًا أن يُدين الإخوان بشكل صريح كل العمليات الإرهابية التي حدثت في مصر الفترة الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: هل تتحول داعش لنسخة أخرى من القاعدة؟

وعلى الجهة الأخرى، رفض بعض الإسلاميين أي حديث عن المصالحة، لأنها لن تعني -في نظرهم- سوى الاستسلام، وذهاب كل تضحياتهم سدى، بينما أوردت صحيفة الشروق نقلًا عن مصادرها داخل الإخوان، أن جناحًا من قيادات الإخوان، على رأسهم محمود عزت، قد أعدوا دراسة داخلية عن أسباب رفضهم لاستخدام العنف، وعن المآلات السيئة لأي عمل عنيف في مصر، وأثره السلبي على الحراك في الشارع، وعلى أمن الأعضاء ومستقبلهم.

وكانت خلافات حادة، قد حدثت داخل جماعة الإخوان، بخصوص استخدام العنف والمصالحة والتفاوض مع النظام، تطورت إلى معارك إعلامية وفصل متبادل وتوقيف عضويات من الجماعة، وأدت إلى انقسام الجماعة إلى قسمين رئيسيين، أحدهما يتزعمه القيادي محمود عزت، عضو مكتب الإرشاد والقائم بأعمال المرشد في نظر أتباعه، ويرى هذا القسم أن الأعمال العنيفة التي قامت بها "مجموعات نوعية" من الجماعة، قد أضرت صورة الجماعة داخليًا وخارجيًا ويجب وقفها، بينما يرى الجناح الآخر، الذي يتزعمه عضو الإرشاد محمد كمال، أن جناح عزت، هو السبب فيما وصلت إليه الجماعة من هزيمة، وأنه يجب إعادة هيكلة الجماعة كلها مرة أخرى وتصعيد الشباب للمناصب القيادية كما يرفض هذا الحديث إدانة مجموعة عزت لأعمال العنف، ويرى أن مجموعة عزت تقوم بتحضير الجماعة لعملية المصالحة، والتي لا يراها سوى استسلام صاغر، يجب رفضه، والاستمرار بدلا من ذلك في "الحراك الثوري".

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ صناعة السلاح في إسرائيل..3 مراحل و3 أهداف

رغم كل هذه الإشارات، إلا أنها لا تستدعي بالضرورة استنتاج أن مصالحة قريبة ستحدث بين النظام والإخوان، إذ إن النظام طالما أطلق تصريحات عن المصالحة وعن استعداده لإخراج الشباب من السجون وتعديل قانون التظاهر، لكن ذلك لم يتبعه عادة أي تغيير فعلي، ويرى البعض أن النظام قد يكون يستخدم هذه التصريحات لإقناع الناس أنه في الوقت الذي يبدي استعداده لحل مشكلة المعتقلين فإن تعطيل الحلول يأتي بالأساس من الآخرين، بينما يرى آخرون أن المصالحة هي محطة حتمية سيتم الوصول إليها، عاجلًا أم آجلًا، وإذن كلما تم تعجيلها أكثر، كلما تم الاستغناء عن أثمان باهظة يمكن بسهولة التفلت منها.

بشكل عام، فإن تصريحات سابقة كثيرة عن المصالحة بين الإخوان والنظام، فجرت ردود أفعال مؤيدة ومعارضة لذلك، وأخذت فترتها من النقاش، ثم انتهت كأن لم تحدث، ودون أن ينتج عنها أي حلحلة للأزمة في مصر.