14-نوفمبر-2015

رئيس وزراء كندا ترودو مع فريقه (جيوف روبينز/أ.ف.ب)

إنها كندا، وهي تعتبر لدى السياسيين دولة ناشئة لا يتجاوز تاريخها تاريخ اكتشاف أراضي ما وراء البحار ولا تملك جذورًا ضاربة في التاريخ كدول أوروبا ولا حروبًا ونزاعات على أسس دينية أو عرقية كدول الشرق الأوسط، إنها الدولة الوديعة بنصفيها الفرنسي والإنجليزي وملايين مواطنيها متعددي المشارب، وهي الدولة التي تملك حكومة منبثقة عن انتخابات ديمقراطية وتمثل كل الكنديين.

يريد اللاجئون السوريون أن تفتح كندا أبوابها لهم كحال تركيا وألمانيا

لا أعلم إذا كان رئيس الحكومة الكندي جاستن ترودو يريد أن يصبح مثالًا كأنجيلا ميركل أو أن ينافس مكانة رجب طيب أردوغان خاصة وأن كلا الرئيسين يقدمان نموذجًا عن التنمية والتطور في بلديهما، لكن الشعب السوري الذي يطمح أن تفتح كندا أبوابها له، ربما يريد ذلك.

إن حكومة ترودو مفصلة بطريقة غاية في الروعة والتنظيم، كل شيء محسوب بالورقة والقلم، وزراء من كافة أطياف الشعب، وهو ما يسهل اندماج السكان الجدد وإحساسهم بالوطنية والمشاركة. تقوم الحكومة بحملات تسويقية لها على مستوى عالمي لم يسبق أن قام بها حزب سياسي. إن أعضاء هذه الحكومة منتقين بعناية حتى على صعيد الشكل، فوزير الدفاع مثلًا يتمتع ببنية جسدية مميزة جدًا وهو مرهوب ويوحي لك بأنه "عكيد" أو "قبضاي" آتٍ من حكايات الشرق القديمة.

أما الوزيرات، وعلينا هنا أن نكون دقيقين جدًا بالتفريق الجنسي لأن حكومة ترودو هي الأولى في العالم التي تمنح نصف مقاعدها للنساء ولا يوجد أسباب لديها سوى أننا في العام 2015. في الحقيقة، جاستن ترودو هو مثال غريب بالنسبة لنا نحن سكان العالم الثالث العطشى للديمقراطية وغريب أيضًا عن جارته الولايات المتحدة التي تحصر حكمها بين حزبين وغريب حتى على الكنديين الذين لم يجد بعضهم ضرورة للتناصف مع الجنس الأخر، في حين شعر آخرون بغضاضة لتسلم سيدة مسلمة وزارة "الشؤون الديمقراطية"، بحسب ما حكى لي أصدقائي الكنديون.

قرار الحكومة الكندية باستضافة خمسة وعشرين ألف لاجئ سوري زاد من افتتان السوريين برئيس الوزراء الجديد الذي التقط الصور مع المواطنين وأكل في مساجد المسلمين ورقص في حفلات الهنود، أما الكنديون فلا يكفيهم ذلك بل ينتظرون إنتاجًا وعملًا ولا يعنيهم أن يكون بلدهم كألمانيا أو غيرها، أما السوريون فمفتونون بها حتى اتضاح حقيقة اللجنة المشكلة بشأن استضافتهم، وهم الذين يتوقون لحياة أفضل في أي مكان من العالم، ويا حبذا لو كان هذا المكان كندا، البلد الذي لا يبرر لك أن تصل إلى السلطة عنوة حتى لو كنت "رئيس ابن رئيس" ووسيم ومتعلم كترودو.

اقرأ/ي أيضًا:

ألمانيا تبهر السوريين.. لولا العائلة!

في مديح السيدة الجليدية

أبو صطيف يرسم ذكريات سوريا في ألمانيا