13-أبريل-2016

(Getty)

 فضيحة تخلّي السيسي عن جزيرتي صنافير وتيران، تدلل على الوضع الذي أصبحت السلطة في مصر فيه الآن، 25 مليار دولار كانت كفيلةً بجعل السّيسي يتناسى حرب الـ1967 وسببها، أنساه المال مئات الشّهداء الذين سقطوا حفاظًا على جزيرة ومضيق تيران الاستراتيجي.

 تخلي السيسي عن جزيرتي صنافير وتيران، يدلل على مأزق السلطة في مصر، 25 مليار دولار كانت كفيلة بجعل السيسي يتناسى حرب ال 1967 وسببها

لم يتخلَّ السّيسي عن جزيرتين سياحيتين فقط، بل عن السّيادة المصرية بشكلٍ عام، وعن السّيادة البحرية بشكلٍ خاص، حارمًا مصر من القدرة على الإشراف على مضيق تيران وحركة الملاحة فيه، ومقلّصًا مساحة السّيطرة المصرية على المياه التي كانت في السّابق تعدّ إقليمية، أما اليوم، فهي مياهٌ دوليةٌ تخضع لقوانين الملاحة الدّولية، وذلك بسبب سيطرة بلدين على محيطها وهما السّعودية ومصر، بعد أن كانت مصر وحدها مستفيدةً ومسيطرة على الجزر، أما المستفيد الرّئيس، فهو الطّرف ذاته المستفيد من الملاحة البحرية، والذي فرض على المصريين إبقاء الجزيرتين دون قوة عسكرية تحميهم بفعل معاهدة "كامب دبفبد"، أي إسرائيل.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا بعد هزيمة داعش؟

جغرافيًا، مساحة جزيرة تيران 80 كم مربّع، وتشرف على مضيق مدخل العقبة. المضيق تحدّه سيناء غربًا، وجزيرة تيران شرقًا، بعرض كيلومترٍ ونصف، أي أنّه بالسّابق، أي قبل أن يتنازل السّيسي عن الجزيرة، كان خاضعًا تمامًا للسيادة المصرية التي عُمّدت بالدّم وتحدّث عنها الرّئيس عبد النّاصر شخصيًا، وجزءًا من المياه الإقليمية المصرية، وكان لمصر الحق بتفتيش السّفن العابرة ومراقبة ما تحويه. اليوم، ويفعل القانون الدّولي الذي ينصّ على وضع أي مضيقٍ تشرف عليه أكثر من دولةٍ تحت قانون الملاحة الدّولي، لا سيادة لأحد على مضيق مدخل العقبة، لا مصر "السّيناوية" ولا السّعودية "التيرانية". يمكن لأي سفينة المرور دونما تفتيش.

حادثة الجزيرتين شبيهة بحادثة جزيرة "برخيل" الإسبانية، أو جزيرة "تورة" كما يسمّيها المغاربة. "برخيل" مساحتها 0.15 كلم مربّع، غير مأهولةٍ بالسّكان وتبعد عن المغرب مسافة 250 متر، وعن إسبانيا 20 كلم، أي أنّه، وبالمنطق العام، الجزيرة مغربية وتقع ضمن المياه الإقليمية المغربية، لكن الجزيرة إسبانيةٌ بفعل الأحقّية السّياسية. عام 2002، أرسل المغرب قوّة عسكريةً رفعت العلم المغربي على الجزيرة، مما أشعل مظاهراتٍ في إسبانيا رافضةً للتحرّك المغربي، دفعت بالسّلطات الإسبانية لإرسال فرق تدخلٍ عسكريةٍ مدعّمة بالطّائرات إلى الجزيرة، اعتقلت هذه الفرق العسكر المغاربي، ورفعت علم إسبانيا على الجزيرة، وكذلك فعلت فيما خصّ جُزُر أشفارن التي تبعد عن المغرب 4 كلم وإسبانيا 14 كلم، إسبانيا تسيطر على الجزر بفعل الأحقّية التّاريخية، المثل ذاته ينطبق على جزيرتيّ تيران وصنافير، إذا ما تجاهلنا الوثيقة الرّسمية الصّادرة عن وزارة الخارجية المصرية عام 1950، والتي تؤكّد ملكية مصر للجزر، يمكننا أن نُثبت الملكية بفعل الأحقّية التّاريخية. السّعودية، أو الدّولة السّعودية الأولى تأسست عام 1818ـ وبعدها السّعودية الثّانية عام 1891، والدّولتان كانتا بلا حدودٍ بحرية، أو إطلالةٍ على البحر الأحمر، بينما الدّولة السّعودية الثّالثة التي تأسست عام 1902 وصولاً لقيام الدّولة الفعلي في العام 1932، كانت أيضًا بلا إطلالةٍ بحريةٍ على البحر الأحمر، بينما الجزيرتين وبحسب وثائق موجودةٍ في مكتبة برلين، كانتا مصريتين، أي أن الجزر مصريةً حتّى قبل أن تولد الدّولة السّعودية.

اقرأ/ي أيضًا: هل كان صدام حسين إسلاميا في أواخر حكمه؟

عام 1967 وإبّان الحرب الإسرائيلية-المصرية، نشرت صحيفةٌ كاريكاتيرًا عبارةً عن زجاجةٍ فيها رجلٌ فلسطيني، يٌغلق هذه الزّجاجة قطعةً كُتب عليها "العقبة"، في إشارةٍ لأهمية مضيق مدخل العقبة كمتنفّس فلسطيني-مصري، ولأجله قامت الحرب، واستشهد قرابة الـ33 جنديًا مصريًا من فرقة الصّاعقة دفاعًا عنها، يبدو أن السّيسي لم يصبّح على مصر بجنيه، بل صبّح عليها بالتّخلي عن أرضها، وقد يفعل المثل إذا ما قبض ثمنًا لحلايب وشلاتين على الحدود المصرية السّودانية، الرّجل، بتخلّيه عن الجزر، مسّ بجمهور عقيدة الجيش المصري الصّامت عن بيع الأرض، والتي تنصّ على حماية الأرض والشّعب المصريين، وبتخليه عن الجزيرة، فتح للسعودية بابًا للتنسيق مع إسرائيل، كنّا لننكر وجوده لولا تصريح وزيرٍ إسرائيلي، أفاد بأن اتفاقية تسليم الجزر، تمّت بعلمٍ وموافقةٍ وتنسيقٍ مصري-سعودي-إسرائيلي-أمريكي.

اقرأ/ي أيضًا:

هل سيتم تعديل دستور تونس؟

سلمان في القاهرة..السعودية تحاول ضرب إيران من مصر