06-ديسمبر-2023
اليوم التالي في غزة وإسرائيل

يُعد الحديث عن "اليوم التالي" من القضايا الخلافية المحدودة بين واشنطن وتل أبيب (Getty)

تبحث الإدارة الأمريكية، مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، خطة ما يوصف بـ"اليوم التالي في غزة"، والهدف الأمريكي "تجنب حدوث فراغ حكومي وأمني بعد الحرب، قد يسمح لحماس بالنهوض من جديد"، إذ وصل وفد أمريكي إلى تل أبيب، هذا الأسبوع من أجل نقاش القضية، فيما تتركز الخلافات على دور السلطة الفلسطينية، بحسب موقع "واللا" الإسرائيلي.

ووفق المصدر الإسرائيلي: أبدت تل أبيب "استعدادًا أكبر مما كانت عليه في الماضي لمناقشة خطط مستقبل قطاع غزة بعد الحرب"، بحسب مصادر في الإدارة الأمريكية. والنقاش حول "اليوم التالي" كان من نقاط التوتر بين تل أبيب وواشنطن، إذ يرفض نتنياهو الدخول في نقاش حوله.

وخلال المحادثات التي أجراها فيل جوردون، مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، وقال مسؤول أميركي: "نشهد استعدادًا أكبر لمناقشة المستقبل".

وقال مسؤولون أميركيون، إن غوردون ناقش مع المسؤولين الإسرائيليين أهداف العملية في خان يونس. وأضاف مسؤول أميركي: أن "الولايات المتحدة تدعم أهداف العملية العسكرية".

أبدت تل أبيب "استعدادًا أكبر مما كانت عليه في الماضي لمناقشة خطط مستقبل قطاع غزة بعد الحرب"، بحسب مصادر في الإدارة الأمريكية

وفي الوقت نفسه، أكد جوردون لمحاوريه الإسرائيليين ضرورة تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين خلال عملية خان يونس وزيادة المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع خلالها.

وقال مسؤولون أمريكيون كبار، إن مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس الأمريكي، أطلع كبار المسؤولين الإسرائيليين على المحادثات التي أجرتها هاريس مع القادة العرب في دبي بشأن اليوم التالي للحرب في غزة، وفيما يتعلق بالطريقة التي تنظر بها الإدارة إلى قضايا مثل إعادة الإعمار والترتيبات الأمنية الحكم في قطاع غزة بعد انتهاء القتال.

ووصل فيل جوردون، هذا الأسبوع لمناقشة سيناريوهات "اليوم التالي" للحرب في غزة، وذلك برفقة مستشار نائب الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط إيلان غولدنبرغ، الذي ينسق عمل الطاقم حول هذه القضية في البيت الأبيض.

ووصل مسؤولو البيت الأبيض إلى إسرائيل قادمين من دبي حيث التقت نائبة الرئيس الأمريكي، في قادة الإمارات ومصر والأردن، وناقشت معهم الوضع في غزة والطريقة التي ترى بها الدول العربية الثلاث أن الوضع في القطاع يجب أن يكون عليه بعد الحرب.

وفي دولة الاحتلال، التقى جوردون بالرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، والوزراء بيني غانتس، ورون ديرمر، وغادي آيزنكوت، وزعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد.

زيارة أسبوعية

وكانت زيارة جوردون هي الأخيرة في سلسلة زيارات كبار المسؤولين الأمريكيين التي تتم كل أسبوع إلى دولة الاحتلال، منذ بداية العدوان على قطاع غزة.

وقال مسؤولون أميركيون كبار، إنهم يريدون "إظهار وجودهم في إسرائيل كل أسبوع للتحدث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين وجهًا لوجه فيما يتعلق بقضية اليوم التالي للحرب".

وقال اثنان من كبار المسؤولين الأمريكيين، إن جوردون أخبر محاوريه الإسرائيليين أن الولايات المتحدة تريد صياغة "خطة لمستقبل غزة لتجنب الفراغ الذي من شأنه أن يسمح لحماس بالعودة إلى الحياة"، وفق ما ورد.

وقال مسؤول أميركي: "كان هناك تحول في الجانب الإسرائيلي من النقطة التي ركزوا فيها بشكل كامل على القتال ورفضوا مناقشة اليوم التالي إلى النقطة التي أصبحوا فيها على استعداد للحديث عن المستقبل".

من جانبه، قال مسؤول إسرائيلي إن حكومة نتنياهو وإدارة بايدن عقدتا عدة جولات من المحادثات حول "قضية اليوم التالي" بعد الأسابيع القليلة الماضية ورفضا الادعاء بأن إسرائيل غيرت نهجها أو قدمت مواقف جديدة.

واعترف المسؤولون الأميركيون بوجود خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق باليوم التالي في غزة، خاصة فيما يتعلق بالدور الذي ستلعبه السلطة الفلسطينية في القطاع.

وأضاف تقرير المعلق السياسي للموقع الإسرائيلي باراك رافيد: "تشعر إدارة بايدن بالقلق من أنه منذ بداية الحرب وحتى اليوم، تتخذ حكومة نتنياهو خطوات لزيادة إضعاف السلطة الفلسطينية، مثل خصم أموال الضرائب الفلسطينية أو تصريحات نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإدارة قطاع غزة".

وفي السياق نفسه، قال الرئيس الأمريكي بايدن أمس: "إنني أعمل مع عدة أشخاص داخل الإدارة وخارجها لتقرير ما سنفعله في غزة في اليوم التالي للحرب. أعتقد أن الحل الوحيد هو حل الدولتين".

واليوم الأربعاء، سيزور مسؤولون في البيت الأبيض رام الله ويجتمعون مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومستشاريه لمناقشة قضية "اليوم التالي".

خطة الإدارة الأمريكية

ويوم أمس، نشر موقع "بوليتيكو" الأمريكي، ملامح أولية لخطة إدارة الرئيس الأمريكي، من أجل ما يعرف باسم "اليوم التالي".

وقال الموقع الأمريكي: تعمل الإدارة الأمريكية على صياغة خطة "متعددة المراحل، لفترة ما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة"، تدور حول سيطرة السلطة الفلسطينية، بعد تحديثها على القطاع، مع الإشارة المتكررة إلى أن هذه الخطة أولية وقابلة للتغير باستمرار.

وترى الإدارة الأمريكية أن هذه الخطة "حل غير مثالي، وأفضل الخيارات السيئة"، ومع ذلك يمكن أن تساهم في دخول الولايات المتحدة في "مسار تصادمي"، مع الحكومة الإسرائيلية. فيما تضغط على تل أبيب من أجل الحصول على تصور حول ما تسميه "اليوم التالي" في غزة.

وبدأ العمل على هذه الخطة منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، وشارك في وضعها وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض.

ويقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، الذي يُصف بـ"العقل الاستعماري". ويساعده تيري وولف، وهو من قدامى العاملين في وزارتي الدفاع والخارجية ويعمل الآن في مجلس الأمن القومي.

وتشمل الشخصيات الرئيسية الأخرى المشاركة باربرا ليف، ودان شابيرو، وهادي عمرو، الذين يشغلون مناصب رئيسية في الشرق الأوسط في وزارة الخارجية. وتشارك وحدات وزارة الخارجية التي تتعامل مع الشرق الأوسط وتخطيط السياسات، وأجزاء أخرى من الحكومة الأمريكية حسب الحاجة.

وعلى مدار الأسابيع الماضية كررت الإدارة الأمريكية بكافة المستويات، نيتها إعادة السلطة الفلسطينية "المعاد تجديدها" للسيطرة على قطاع غزة.

التصور الأمريكي، الذي يصفه موقع "بوليتيكو" بـ"الرواية الواسعة التي انبثقت عن المحادثات الداخلية"، يبدأ في إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء الحرب، إلى جانب ذلك "ستكون هناك حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة في أعقاب ذلك مباشرة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى السلطة على المدى الطويل".

ويضيف الموقع: "تشمل الأجزاء الرئيسية من الخطة زيادة المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية والسماح بدور أكبر للمنسق الأمني ​​الأمريكي، الذي يتمتع بسجل حافل في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية".

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "في النهاية، نريد أن يكون لدينا جسم أمني فلسطيني في غزة بعد الصراع".

قال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة قضية لا تزال قيد المراجعة، إن "الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أصغر بكثير مما تراه العين".

وأضاف: "نتفق على أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا يمكنها أن تحكم غزة. قد يكون الشخص الذي تم تنشيطه وإصلاحه قادرًا على القيام بذلك. لكننا لم نجري بعد مناقشات حول الشكل الذي يجب أن يبدو عليه هذا الإصلاح بالضبط".

وقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثات مغلقة إنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وأضاف نتنياهو: "ليس فقط لن تكون هناك سلطة فلسطينية متجددة (أي بهيئة جديدة) في غزة بعد الحرب، بل أيضاً لن تكون سلطة فلسطينية في غزة بتاتًا".

وصل فيل جوردون، هذا الأسبوع لمناقشة سيناريوهات "اليوم التالي" للحرب في غزة، وذلك برفقة مستشار نائب الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط إيلان غولدنبرغ، الذي ينسق عمل الطاقم حول هذه القضية في البيت الأبيض

وفي تصريحات علنية، تعهد نتنياهو "بعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت بموجب اتفاقيات أوسلو من خلال السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة".

وقال نتنياهو: "شيء واحد مؤكد أنني لن أفعله. لست مستعدًا لخداع نفسي بالقول إن العمل المعيب الذي حدث بموجب أوسلو من خلال خطأ فادح يجب أن يتكرر الآن مرة أخرى مع عودة ’كيان معاد’ إلى غزة والضفة الغربية"، على حدِّ تعبيره.

وأضاف: "لن أكرر هذا الخطأ وأعيد هذا الجسم إلى غزة، لأن نفس الشيء سيحدث". وأشار إلى أحداث عام 2007، بعدما تمكنت حماس من السيطرة على الحكم في غزة. مضيفًا: "القيادة الفلسطينية انقسمت إلى قسمين، لكن الأيديولوجية التي تنكر حق إسرائيل في الوجود مشتركة بين أولئك الذين يحكمون في الضفة الغربية وقطاع غزة"، وفق قوله.

واستمر بالقول: "علينا أن نبني شيئًا مختلفًا بمجرد انتهاء الحرب"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل ستكون لديها سيطرة عامة على المنطقة، بما في ذلك الأمن، لكن الحكم الداخلي سيكون فلسطينيًا"، معتبرًا أن ذلك يتحقق من خلال جسم "فلسطيني حديث الإنشاء، وليس السلطة الفلسطينية".