04-ديسمبر-2023
منطقة عازلة في غزة

من المشكوك في قدرة المنطقة العازلة على إيقاف المقاومة الفلسطينية (Getty)

تخرج إسرائيل بعدة اقتراحات حول قطاع غزة، ترسلها كاقتراحات أو رسائل، ومن غير المعروف جديتها، خاصةً في ظل رغبة الولايات المتحدة، في وجود تصور إسرائيلي، حول العدوان على قطاع غزة.

ومع حديث تقديرات عدة، عن غياب استراتيجية إسرائيلية واضحة في القطاع، وحديث بعض المصادر عن "نافذة زمنية غير مفتوحة أمام إسرائيل"، بما في ذلك من قبل وزير الخارجية الأمريكي، فقد ظهر الاقتراح الإسرائيلي، الذي يتحدث عن إقامة منطقة عازلة.

وقال دبلوماسي مطلع على الوضع لصحيفة "هآرتس"، إن "القوى الغربية تشعر بالقلق من أن المنطقة العازلة ستصبح دائمة" في قطاع غزة.

قال دبلوماسيون مشاركون في المناقشات لصحيفة "هآرتس"، إنه "من حيث المبدأ، تدرك معظم الدول الغربية أن إسرائيل ستحتاج إلى إنشاء منطقة عازلة من نوع ما، لكنها تعتبرها حلًا مؤقتًا"

وخلال الأيام القليلة الماضية، أبلغت دولة الاحتلال الإسرائيلي، العديد من الحكومات الغربية بخططها لإنشاء المنطقة في غزة بعد انتهاء الحرب. وقال مصدر دبلوماسي قريب من المحادثات لصحيفة "هآرتس" إنه لا توجد خطة مفصلة.

وأوضح: "عندما تُطرح على الإسرائيليين أسئلة محددة حول هذا الموضوع، فمن الواضح أنهم أنفسهم لا يملكون إجابات حتى الآن. لا يعرفون مدى عمق المنطقة العازلة، وكيف سيفرضونها بالضبط، وإلى متى ستستمر. المشكلة هي أننا بحاجة إلى معرفة الإجابات على كل هذه الأسئلة لنقرر ما إذا كنا سندعمها أم لا".

وقال دبلوماسيون مشاركون في المناقشات لصحيفة "هآرتس"، إنه "من حيث المبدأ، تدرك معظم الدول الغربية أن إسرائيل ستحتاج إلى إنشاء منطقة عازلة من نوع ما، لكنها تعتبرها حلًا مؤقتًا حتى يتم إنشاء نظام جديد للحكم في غزة. وهم يعارضون أن تصبح المنطقة العازلة دائمة".

وقال أحد الدبلوماسيين : "تقول إسرائيل إنها تريد إنهاء حكم حماس، لكنها ليست مستعدة للقول بما سيحدث في غزة في اليوم التالي لحكم حماس. القول إنه بعد عدة أشهر من انتهاء الحرب، سيتم منع الاقتراب من السياج الحدودي لمسافة كيلومتر أو كيلومترين هو أمر منطقي. ولكن بعد تشكيل حكومة جديدة وتحمل المسؤولية، لا يمكن أن يبقى هذا الترتيب قائمًا إلى الأبد".

وربط أحد الدبلوماسيين خطة المنطقة العازلة بدعوات البعض في الحكومة الإسرائيلية بشأن إعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة، قائلًا: "إذا كان الجميع مقتنعين بأن هذا مجرد حل عسكري مؤقت، فسيكون من الأسهل حشد الدعم له. لكننا لا نحصل على إجابات واضحة من إسرائيل، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن السبب الحقيقي وراء هذه الخطوة".

منذ بداية العدوان، أعربت إدارة بايدن عن معارضتها لأي تغيير في الحدود مع غزة، لكن وكالة رويترز ذكرت أن المنطقة العازلة، تم طرحها في المناقشات بين المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولين من مصر والأردن ودول عربية أخرى. وقال مسؤول أمريكي ردًا على ذلك، إن إسرائيل أثارت هذه القضية في الماضي، وأكد أن واشنطن تعارض أي خطة من شأنها تقليص الأراضي الفلسطينية.

وقال أوفير فولك، مستشار السياسة الخارجية في مكتب رئيس الوزراء، ردًا على تقرير رويترز، إن "الخطة أكثر تفصيلا من ذلك. إنها مبنية على عملية ثلاثية المستويات لليوم التالي لحماس. وتتمثل المراحل أولًا في تفكيك حماس، وثانيًا تجريد غزة من السلاح، وأخيرًا نزع التطرف. قد تكون المنطقة العازلة جزءاً من عملية نزع السلاح".

وقال مصدر أمني إسرائيلي لـ"رويترز"، إن المنطقة العازلة هي "فكرة يجري استكشافها"، وأضاف: "ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمق ذلك وما إذا كان يمكن أن يصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار [داخل غزة]".

getty

المنطقة العازلة.. تجربة بدون نجاح

ويناقش الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل، فكرة "المنطقة الأمنية العازلة"، مشككًا في قدرتها، على منع عمليات المقاومة الفلسطينية.

وقال بارئيل: إن "الشريط الأمني" أو "المنطقة العازلة" (Buffer Zone) ليس اختراعًا جديدًا، لا في الشرق الأوسط ولا في مختلف أنحاء العالم. وهكذا، على سبيل المثال، أنشأت تركيا شريطًا أمنيًا بينها وبين سوريا، إضافة إلى السياج الأمني ​​بين البلدين الذي تم بناؤه منذ سنوات. كما قامت مصر "بتطهير" منطقة بعمق ثلاثة كيلومترات على طول الحدود بين غزة وسيناء".

تذكرنا المنطقة الأمنية التركية في سوريا إلى حد كبير بالمنطقة الأمنية التي أنشأتها إسرائيل داخل لبنان، والتي أصبحت ساحة قتال مستمرة بين إسرائيل وحزب الله بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.

وأضاف: "وحتى لو تم القضاء على حماس في مرحلة ما، فإن المنطقة العازلة الجديدة لن تكون قادرة على توفير الأمن لإسرائيل، دون ترتيبات أمنية مع أي إدارة فلسطينية يتم تشكيلها في غزة".

واستمر في القول: "أي قطعة أرض يتم تحويلها إلى منطقة أمنية سوف يصاحبها اقتلاع آلاف السكان، الذين سيتجمعون بشكل أكثر صرامة في منطقة هي بالفعل من بين أكثر المناطق ازدحامًا في العالم"، موضحًأ أن هذا الخيار يتناقض مع تصور الإدارة الأمريكية، التي ترفض حتى الآن احتلال غزة الدائم، أو اقتطاع أي جزء منه، أو تهجير السكان.

وأشار بارئيل، إلى أن المنطقة العازلة، لن تساهم في نهاية التطلعات القومية أو حتى العمليات. وختم تحليله، بالقول: "النتيجة المتوقعة لا تتطلب أي تخمينات. قد تكون المناطق المحيطة بمنطقة حدود غزة أكثر أمانًا، ولكن في المنطقة منزوعة السلاح، غير ذلك سيصبح الجيش الإسرائيلي هدفًا مباشرًا".

كسب للوقت؟

في يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر، قال وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين لـ"راديو جيش الاحتلال": "في نهاية هذه الحرب، لن تكون حماس موجودة في غزة فحسب، بل ستنخفض أيضًا مساحة القطاع".

يناقش الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل، فكرة "المنطقة الأمنية العازلة"، مشككًا في قدرتها، على منع عمليات المقاومة الفلسطينية

ورغم أن هذا التصريح، والاقتراح يتعارض مع المقترح الأمريكي، إلّا أنّه قد يكون محاولة إسرائيلية، من أجل كسب المزيد من الوقت، خاصةً مع نية الاحتلال توسيع نطاق عدوانه، إلى جنوب قطاع غزة.

وقد يندرج في محاولة من أجل مواجهة الولايات المتحدة، التي تضغط للحصول على مقترح لـ"اليوم التالي"، في ظل انشغال واشنطن بهذا الموضوع. 

وفي السياق نفسه، صرح مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى لشبكة NBC News بأنه فوجئ بـ"شراسة الحملة الإسرائيلية المتجددة، والتي تضمنت هجمات على المباني السكنية".