26-يوليو-2019

تعرض عدد من اللاجئين السوريين في إسطنبول للترحيل (تويتر)

الترا صوت- فريق التحرير

قصص مأساوية يرويها السوريون المرحلون والمهددون بالترحيل من مدينة إسطنبول التي تغنوا بها لشبه بعض أماكنها بدمشق؛ العاصمة السورية التي أغلقت أبوابها في وجههم. عدد من العائلات السورية أصبح مشتتًا بين إسطنبول وسوريا بين وليلة وضحاها جراء عمليات الترحيل الأخيرة، وآخرون رُحلوا إلى محافظة إدلب رغم امتلاكهم للـ(كملك) ولحياة شبه مستقره في إسطنبول.

توفر الحكومة التركية الحماية المؤقتة للمواطنين السوريين، فضلا عن الأشخاص عديمي الجنسية واللاجئين من سوريا، الذين جاءوا إلى تركيا 

دوريات للشرطة التركية تنتشر في الشوارع وفي أحياء إسطنبول ذات الكثافة السكانية السورية مثل الفاتح وأكسراي وإسنيورت وحي إكتيلي الذي شهد عمليات تخريب لممتلكات السوريين في الأيام الماضية والتي سبقت قرار إدارة الهجرة والداخلية التركية بتطبيق القانون على حين غرة، حيث بدت ساحات وأحياء كانت تكتظ بالسوريين يومي السبت والأحد خالية منهم.

وقال أحد اللاجئين السوريين لـ موقع ألتراصوت، إن زوجته وابنته عالقتان في ولاية غازي عنتاب جنوبي تركيا بسبب عدم حيازتهم على إذن سفر يسمح للسوريين بالتنقل بين المدن التركية، في حين بقي هو في منزله بإسطنبول التي يعمل فيها منذ سنوات. وأضاف أن مغادرة زوجته لإسطنبول تزامنت مع حملة الترحيل، لافتًا لامتلاكهم بطاقة حماية مؤقتة صادرة عن مدينة غازي عنتاب.

اقرأ/ي أيضًا: قمع اللاجئين السوريين في لبنان.. بطش بالوكالة

ترحيل إلى سوريا

منتصف الشهر الجاري عقد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو اجتماعًا مع إعلاميين وناشطين سوريين وعرب للحديث عن الهجرة غير الشرعية ونية السلطات التركية بتطبيق القانون فيما يخص حاملي بطاقة (الحماية المؤقتة) ومن لا يحملها أيضا وغير الحاصلين على إذن عمل ويقطن في مدينة إسطنبول.

في البداية ساد تفاؤل حذر حول إمكانية تنظيم وضع السوريين القانونية، إلا أن الحملة بدأت في اليوم التالي للاجتماع مستهدفة العمال السوريين واللاجئين المالكين لبطاقة الحماية المؤقتة الصادرة عن ولاية أخرى غير إسطنبول إضافة لمن لا يملك هذه البطاقة والوجهة كانت الأراضي السورية.

وأعقب ذلك صدور قرار عن ولاية إسطنبول يؤكد وقف عمليات الترحيل إلى سوريا، وينص على إعطاء مهلة للسوريين المخالفين حتى 20 من آب/أغسطس المقبل لترتيب أمورهم قبل عودتهم إلى الولايات التي حصلوا منها على بطاقة الحماية المؤقتة، في حين أكد القرار أن من لا يملك بطاقة (الكملك) سيتم نقله إلى ولايات تحددها وزارة الداخلية دون أن يحدد القرار آلية التنفيذ.

صدر قرار عن ولاية إسطنبول ينص على إعطاء مهلة للسوريين المخالفين حتى 20 من آب/أغسطس المقبل لترتيب أمورهم

الترحيل ونتائج انتخابات بلدية إسطنبول

في أواخر حزيران /يونيو الماضي استلم مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو وثيقة رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بعد إعادة الانتخابات التي أثارت جدلًا كبيرًا محليًا وعالميًا. 

وعقب فوز "الشعب الجمهوري" وحلفائه المناهضين للاجئين السوريين انتشرت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم " ليغرب السوريون عنا"، وحث المشاركون في الحملة أكرم إمام أوغلو على إخراج السوريين من مدينة إسطنبول وسط انتشار ملحوظ لخطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين.

في المقابل غرد أتراك وأجانب باللغات التركية والإنجليزية والعربية على تويتر تضامنًا مع السوريين، داعين إلى نبذ الكراهية والعنصرية. كما غرد سوريون ليعبروا عن موقفهم من هذه الموجة.

وعقب ذلك قال أكرم إمام أوغلو في لقاء تلفزيوني "مؤخرا بدأت مسالة اللاجئين السوريين تتصاعد في إسطنبول، حيث يوجد لاجئون مسجلون وآخرون غير مسجلين.. سنكون إلى جانبهم، الأطفال مثلا يعانون من مشكلات صحية ونفسية خطيرة أما فيما يتعلق بالنساء، يوجد مواضيع سيئة جدًا، كالزواج المبكر، أنا شهدت عليها بنفسي من خلال زيارتي للأحياء.. زرت بلدية سلطان بيلي 7 مرات خلال 6 أشهر".

وتابع "في أي بلد من بلدان العالم لا يمكن أن تستقبل 3.5 مليون لاجئ وتسمح لهم بالانتشار من دون أي مساءلة أو تنظيم.. هذه الأمور تدار وفقًا لقوانين الهجرة والبروتوكولات الدولية المتعارف عليها.. نعم نحن كدولة تركنا وحدنا في هذا الموضوع، أوافق على ذلك، وتحدثت عن هذا في أكثر من مؤتمر دولي.. وخاصة أوروبا ومجموعة من الدولة المفترض أنها متقدمة تركتنا وحيدين في موضوع اللاجئين".

ماذا تعني الحماية المؤقتة في تركيا؟

بحسب مفوضية الأمم المتحدة يتم توفير الحماية المؤقتة من قبل الحكومة التركية للمواطنين السوريين، فضلا عن الأشخاص عديمي الجنسية واللاجئين من سوريا، الذين جاءوا إلى تركيا بسبب الأحداث في سوريا بعد 28 أبريل 2011. المديرية العامة لإدارة الهجرة هي الهيئة الحكومية المسؤولة عن جميع إجراءات اللجوء في تركيا، بما في ذلك نظام الحماية المؤقتة.

لا يعاقب الأفراد الذين يسعون للحصول على الحماية المؤقتة في تركيا عن طريق الغرامات الإدارية لدخولهم تركيا بطرق غير نظامية أو غير قانونية وبقائهم غير القانوني في تركيا طالما أنه تم التعرف عليهم من قبل السلطات التركية أثناء دخولهم تركيا وطلبهم الحماية؛ أو توجهوا للسلطات التركية بأنفسهم في غضون فترة زمنية معقولة وقدموا سببًا وجيهًا لدخولهم غير القانوني أو إقامتهم غير النظامية في تركيا.

ويضيف نص القرار أن جميع اللاجئين السوريين الذين يسعون للحصول على الحماية يجب أن يكونوا مشمولين بنظام الحماية المؤقتة، بما في ذلك أولئك الذين ليسوا قادرين على تقديم أي وثائق هوية من سوريا.

وينبغي توفير الحماية والمساعدة في تركيا للمستفيدين من الحماية المؤقتة، والذي يتضمن الحق في البقاء في تركيا حتى يتم التوصل إلى حل أكثر دوامًا لوضعهم، والحماية من العودة القسرية إلى سوريا، وكذلك التمتع بالحقوق والاحتياجات الأساسية.

يضمن نظام الحماية المؤقتة مجموعة من الحقوق والخدمات والمساعدة للمستفيدين من الحماية المؤقتة يشمل ذلك ضمن جملة من الأمور، الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والمساعدة الاجتماعية والدعم النفسي والوصول إلى سوق العمل.

ورغم ذلك لم تعلّق مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على عمليات ترحيل السوريين، في ظل صمت أيضًا من الاتحاد الأوروبي الذي أعلن يوم السبت الماضي عن تقديم دفعة من المساعدات المالية للاجئين السوريين في تركيا قيمتها 1،400 مليار يورو كجزء من مبلغ 6 مليارات يورو أقر عقب التوصل مع تركيا لاتفاقية إعادة القبول عام 2016 لوقف تدفق اللاجئين السوريين إلى دول الاتحاد.

وقال يوهانس هان، مفوض السياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع "مع هذا التخصيص الجديد للأموال، يواصل الاتحاد الأوروبي الوفاء بالتزامه بدعم تركيا في استضافة أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم. وستركز مساعدتنا على خدمات الرعاية الصحية والحماية للاجئين، وزيادة المرونة والاعتماد على الذات من جانب اللاجئين والمجتمعات المضيفة من خلال الدعم الاجتماعي والاقتصادي.. وبالإضافة إلى ذلك، سندعم البنية التحتية البلدية في المحافظات التي يوجد بها عدد كبير من اللاجئين".

لقاءات سياسية وحملات إعلامية

في محاولة لإيضاح وتنظيم ما يجري في مدينة إسطنبول، التقى وزير الداخلية التركية سليمان صويلو الأربعاء رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة في العاصمة التركية أنقرة، وبحث معه أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا، وخصوصا الإجراءات الأخيرة في إسطنبول.

الطرفان اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة يرأسها كل من معاون وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاطقلي، أنس العبدة الذي أكد أن الهدف من اللجنة هو أن يكون هناك صوت واحد للسوريين ورسالة واحدة تصل بشكل مباشر للمعنيين من طرف الحكومة التركية والعكس، إضافة إلى تنسيق العمل والوصول إلى وضع الحلول المناسبة لقضايا اللاجئين والمقيمين السوريين في تركيا.

في حين يحضر ناشطون وإعلاميون سوريون وأتراك مستقلون لإطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم "أنا إنسان" اليوم الجمعة 26 من الشهر الجاري. 

وبحسب القائمين على الحملة، تهدف المبادرة للقيام بحملات إعلامية لزيادة التعايش والأخوة بين الشعب التركي والمقيمين الأجانب في تركيا وتحسين الصورة الإيجابية للمقيمين في تركيا وزيادة تقبلهم في المجتمع التركي، دون أن يكون لها ارتباط بالمواضيع السياسية.

روسيا وإعادة اللاجئين السوريين

موسكو التي فشلت في الأشهر الماضية بإقناع الاتحاد الأوروبي بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بهدف جذب أموال إعادة الإعمار، تركز جهودها اليوم على تركيا ولبنان، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية في تموز/يوليو من العام الماضي أنها أرسلت وفدًا من الوزارة إلى تركيا والأردن ولبنان للعمل على تأمين عودة اللاجئين الراغبين إلى سوريا.

كذلك لم يغب موضوع إعادة اللاجئين السوريين عن اجتماعات أستانا التي كانت مهتمها الحفاظ على اتفاقية خفض التصعيد في سوريا، لكنها انتقلت لبحث موضوع اللاجئين السوريين وتشكيل لجنة صياغة الدستور السوري.

 لم تعلّق مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على عمليات ترحيل السوريين، في ظل صمت أيضًا من الاتحاد الأوروبي!

وفي تموز/يوليو من العام الماضي قدمت موسكو مقترحًا لواشنطن حول آلية عودة اللاجئين السوريين من الأردن ولبنان. مؤكدة أن المقترحات تتضمن تشكيل لجنة مشتركة لتمويل إعادة الإعمار في سوريا، إلا أن المقترح لم يلق ترحيبًا من الإدارة الأمريكية التي تربط بين التوصل لحل سياسي وعودة اللاجئين طوعية مع ضمان أمنهم وسلامتهم على غرار الاتحاد الأوروبي.

ومؤخرًا وجه ألكسندر لافرنتيف المبعوث الخاص للرئيس الروسي، الدعوة للبنان لحضور الاجتماع المقبل لأستانا، والمقرر عقده نهاية تموز/يوليو الجاري.

وذكر بيان صارد عن الرئاسة اللبنانية، أن "الرئيس ميشال عون استقبل المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتيف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين في حضور السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين والوفد الدبلوماسي المرافق، وتناول الحديث التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، لا سيما في سوريا وموضوع النازحين السوريين ومؤتمر أستانا".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ماذا حصل في الانتخابات المحلية التركية؟

كيف تغيرت سياسة تركيا الخارجية بعد الربيع العربي؟