17-سبتمبر-2018

الشاعرة والروائية إيناس عباسي

ألترا صوت - فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُه الورق، ولغته الخيال.


إيناس عباسي روائية وشاعرة ومترجمة وكاتبة أدب أطفال من تونس. صدر لها في الشعر: "أسرار الريح" و"أرشيف الأعمى". وفي الترجمة: "رو" للروائيّة الفيتناميّة كيم ثوي، و"شجرة البرتقال الحزينة" للكاتب خوسيه ماورو دي فاسكونسيلوس. كما صدرت لها رواية بعنوان "منزل بورقيبة".


  • ما الذي جاء بكِ إلى عالم الكتب؟

الفضول. التشوق لمعرفة نهايات القصص والمتعة التي تولدها الحكايات. نشأت في مدينة تخلو من وسائل الترفيه وقد كانت المكتبة العامة للصغار مثل مغارة علي بابا التي لا تنضب. ناهيك أنني قرأت الكتب القليلة الموجودة في بيتنا ولم يجد والدي حلًا سوى في اصطحابي للمكتبة. بدأت باستعارة الكتب من مكتبات مدينتنا وحتى من جيراننا. حين وصلت سن العاشرة كنت عمليًا أمتلك اشتراكًا في المكتبة الوطنية العامة واشتراكًا ثانيًا في مكتبة "الفولاذ" (أكبر مصنع للحديد في تونس ولديه أنشطة ثقافية واجتماعية)، واشتراكًا ثالثًا في المكتبة القرآنية التابعة لمسجد المدينة الرئيسي. كل مكتبة كانت بشكل أو آخر تكمل الأخرى، ففي المكتبة العامة كنت لا أزال اعتبر طفلة رغم نهمي ولم أعبر نحو قسم الكبار إلا بعدها بسنتين حين وصلت السن المسموح به. أما في مكتبة الفولاذ التي لم تكن مقننة بعمر، مستوى أو موضوع، كان المقياس الوحيد قدرة الطفل على القراءة. وفي المكتبة القرآنية وجدت نوعا آخر من الكتب كتب تبدو صعبة وتثير التحدي والرغبة في قراءتها فقط لإثبات أنني كبيرة بما يكفي، كتبا فكرية وتاريخية ولم يكن هناك عائق العمر. المهم فقط إعادة الكتب سليمة كل أسبوعين. أتذكر أنني تجرأت على استعارة كتاب للغزالي وقتها، لم يبد أمين المكتبة أي ردة فعل أمام هذا الاختيار ولا أتذكر حرفًا من الكتاب اليوم.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتكِ؟

قراءة كتاب مثل "كليلة ودمنة"، في نسخته الأصلية الكاملة كان أمرًا مؤثرًا في خيالي وقراءاتي لاحقًا. ولحسن حظي قرأت في نفس الصائفة أو التي تلتها الجزء الأول من "ألف ليلة وليلة". حدث هذا في سن التاسعة والعاشرة وكان هذا مثل قفزة رائعة في بحر الحكايات.أعتقد أن قراءة الكتابين على التوالي حددت اختياراتي لاحقًا فقد توقفت عن التذمر من الأيام الصيفية الطويلة. كان هناك عالم عجيب وساحر في الكتب. بدأت في فتح بوابته برفق وحين دخلته اكتشفت أن هناك الكثير من الكتب في انتظاري. هناك كتب أخرى تؤثر بي مثل كتب غريغوار دولاكور وديفيد فونكينوس، وبقراراتي حتى الشخصية بطريقة مباشرة وغير مباشرة تفاصيل صغيرة.

  • من هو كاتبكِ المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

أنا مزاجية ومن مرحلة لأخرى تختلف رؤيتي للعالم، وبالمثل في الكتب من فترة  لأخرى يتغير اختياري. لفترة كان باموق كاتبي المفضل، بعد قراءتي لـ"اسمي أحمر" افتتنت بعوالمه السردية. الطريقة التي رسم بها إسطنبول بشوارعها بشخصياتها الممزقة بين الإرث العثماني والتأثر الغربي الأوروبي، ومع ذلك عند نقطة ما بعد قراءة خمس أو ست روايات له لم يعد يدهشني. إلياس خوري كان في فترة دراستي الجامعية كاتبي المفضل أحب رواياته، لغته وكثافة جمله التي تدعو للتفكير شخصياته المعقدة البسيطة في آن. كنت اشعر بأنها امتداد لدراستي للرياضيات بشكل أو بآخر عوالم موازية. هل لدي كاتب مفضل حقًا؟ لا أعتقد. كل الكتب الجميلة والمحبوكة بطريقة محكمة ومكتوبة بسرد آسر هي كتب مفضلة بالنسبة لي.

  • هل تكتبين ملاحظات أو ملخصات لما تقرئينه عادة؟

لا أكتب ملاحظات أو ملخصات. في فترة كنت منضمة لنادي "اقرأ" للنقاش حول كتاب نقرأه شهريًا. لذلك كنت أسجل بعض الملاحظات جانبًا على دفتر دون أن أعود إليها فعليًا لأنني أحب التحدث عن الكتب مباشرة.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لا لم يثر الكتاب الإلكتروني على علاقتي بالكتاب الورقي، بل بالعكس تمكنت من الحصول على كتب يصعب الحصول عليها ورقيا لأسباب مختلفة، هناك دور مثلًا لا تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب، أو أن الطبعة نافذة منذ سنوات، أو لأنني وبكل بساطة قليلة الصبر مثلما حصل مع رباعية "صديقتي المذهلة" لإلينا فيرانتي، حيث قرأت النسخة الإلكترونية لتشوقي لمعرفة بقية الحكاية ثم عدت واشتريت النسخة الورقية. 

  • حدّثنينا عن مكتبتك؟

على امتداد العشر سنوات الأخيرة تنقلت كثيرًا، واضطررت للتخلي عن مئات الكتب. أقسمت بعدها أنني لن أعاود تكوين مكتبة وأن كل ما أنتهي من قراءته أهديه للأصدقاء أو للمكتبات العامة، ومع ذلك لا أتوب، فخلال سنة ونصف تكونت مكتبة جديدة تحتاج لرفوف إضافية، مكتبتي تحتوي بالأساس على الدواوين الشعرية الروايات وبعض الكتب الفكرية والتاريخية ومجموعة كبيرة من كتب الأطفال.  

  • ما الكتاب الذي تقرئينه في الوقت الحالي؟

حاليًا أعيد قراءة "صرخة طانيوس" لأمين معلوف بالعربية، بالتوازي أقرأ بالفرنسية الرواية الجديدة لغريغوار دولاكور "المرأة التي لا تكبر".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة دلير يوسف

مكتبة عصام نصار