جثّة
ڤون هاغنز*، اسم يداعب جثّتي بوعيد الخلود.
على رقعة شفّافة من السيلكون، جسدي نسيج متحوّل من الكلمات والعضل لغتي المتوثّبة للانقضاض على المجاز.
سأنزع جلدي، كأفعى، كلّما داهمني قصيدٌ جديد.
أسنان
فقدتْ ضرسي عقلها منذ أعوام. أحسُّ ببقرة مجنونة ترتع في فمي. تَنِزُّ المرآة صباحًا، بعد غسل حديث البارحة. فهمتُ سرَّ عجزي عن الكلام الآن، قد أبرعُ في الكتابة أكثر!
سوف أعايدُ طبيبة الأسنان قبل أن يتدحرج الصمتُ إلى الحلق، وأختنق.
الطبيبة حبلى؛ انقطعتْ دماء حيضها، وبرع فمي في إراقة الدّماء. هل سيولد الكلام بعد هذا المخاض؟! آآآآآه! فتحتُ الزفرة على مصراعيْها؛ فحصت الطبيبة الألم هنا وهناك، وقالتْ "تكدّس الجير في فمك!".
الجيرُ: إصرارٌ شديدٌ على لَوْكِ الكلمات مرّاتٍ قبل نطقها؛
أو تأتأةٌ كدّستْ الخوف بين الأسنان واللّثّة؛
أو استهلاك مفرطٌ للعلكة المستورَدة المهدّئة؛
أو تَدافُعُ أشياء غريبة على المذاق، خلال سبع سنوات من الصراخ؛
الجير؛ انتقام الخبز المدعَّمِ، المصاحب للأكلات السريعة الباهظة.
... تَوالدَ السّوسُ من لُعاب الوِفاق الممزوج بدماء الشهداء.
تصفيق
نصفّقُ؛ التصفيق قرْعُ يَدَيْنِ بأيديولوجيتين مختلفتين لصنع مصير واحد.
نصفّقُ:
1. للتحليق وتهنئة الطيّار بهبوطه المخيف.
2. للشاعر حين يتلو مرثيّة معارضة لملهاتنا.
3. حين نفترش المسامير، في طقوس فاكير لإسعاد أسياده.
4. للإمام يخبرنا بسقوط تفاح جنّتنا في المزابل.
5. للسياسي يُثني على وقاحتنا، ويغرس رأس النعامة -رأسنا- في الوحل.
6. لقتيل يقتصّ من الشهيد.
7. للماضي يجلدنا بعد أن سلخ جسد الحاضر.
8. للمُلَقِّنِ، وسط المسرحية، راجمين الركح بالطماطم سُخْطًا على شكسبير.
9. للمعنى، يجرح البلاغة لأنّها لم تمدح وجيعته.
10. للنار، تتلو صلواتها على فقرائنا.
11. لسقوط بغداد ولاندحار المغول.
12. لبرنامج تلفزيّ مدحت فيه مُغْتَصَبَةٌ مُغْتَصِبَهَا.
13. للمومس، تفتح غارها لعلي بابا واللّصوص الأربعين.
14. للمؤرخ، داخل الكاباريه، يرشق الراقصة بورقات نقديّة.
15. للقاذورات، تغادر سطلها طوعًا لتزيّن الشارع الجانبي للكرامة.
16. للمجازر، تمنحنا دمًا ونعلين مضادين للسقوط.
17. لسيزيف، معوّضين صخرته بجمجمة رضيع.
نصفّق، لكلب الحاكم عضّنا من الخلف؛ ترضينا جراحة طبيب كوبي لتجميل مؤخرتنا.
* طبيب وفنان تشكيلي ألماني، اشتُهر بتحويل جثث الآدميّين والحيوانات إلى منحوتات بعد تحنيطها.
اقرأ/ي أيضًا: