06-ديسمبر-2017

إمكانية نقل السفارة الأمريكية للقدس يثير غضبًا على السوشيال ميديا (توماس كويكس/أ.ف.ب)

يقول الشاعر العراقي أحمد مطر في قصيدة قديمة له ساخرًا من رعونة الحكام العرب في التعامل مع القضية الفلسطينية: "ولاة الأمر ما خنتم ولا هنتم، ولا أبديتم اللينا، جزاكم ربنا خيرًا، كفيتم أرضنا بلوى أعادينا، وحققتم أمانينا، وهذه القدس تشكركم، ففي تنديدكم حينًا، وفي تهديدكم حينًا، سحقتم أنف أمريكا، فلم تنقل سفارتها، ولو نُقِلت، معاذ الله، لو نُقِلت، لضيّعنا فلسطينا". واليوم قد تصبح هذه النبوءة الساخرة حقيقة بعد أن أُعلن عن نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة والاعتراف بها كعاصمة للكيان الصهيوني.

انتشرت نية الإدارة الأمريكية نقل سفارتها للقدس في الأوساط العربية وأثارت غضبًا شعبيًا وبعض التنديدات الرسمية

يبدو أن تدخلات أمريكا الأخيرة في المنطقة العربية وعلاقاتها الوطيدة مع رؤساء الدول العربية وتقربهم من الإدارة الأمريكية لتأمين كراسيهم في الحكم، أوشكت أن تأتي أكلها، فالرئيس الأمريكي ترامب قد يكون على بعد خطوات قليلة من اتخاذ قرار أهوج بالاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان المحتل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لتصبح الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى بالعالم التي تعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.

ويقول المسؤولون في إدارة ترامب إنه يسعى لتنفيذ وعده للناخبين الموالين لإسرائيل في حملته الانتخابية ولكن قد يؤجل ترامب التوقيع على نقل السفارة حتى يتم الانتهاء من تصميمها وبنائها وتأمينها بشكل جيد فالأمر قد يحتاج لسنوات.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: أين سيتجه ترامب بالقضية الفلسطينية؟

انتشر قرار الإدارة الأمريكية في الأوساط العربية الشعبية كالنار في الهشيم، لتصبح القضية حديث مواقع التواصل الأولى وتفعلت وسوم/ هاشتاجات مختلفة للتدوين مثل وسم #القدس بالعربية والانجليزية ووسم #القدس_عاصمة_فلسطين، وتسابق السياسيون والصحفيون والناشطون والشخصيات العامة في إعلان مواقفهم عبر صفحاتهم الرسمية، فوضع مرشح الرئاسة والمحامي المصري خالد علي إطارًا بعلم فلسطين لصورته الشخصية على موقع فيسبوك ودعا الجميع إلى إعلان رفض الإجراء الأمريكي والسعي لإعادة الزخم للقضية الفسطينية وتنشيط حملات مقاطعة الكيان الصهيوني ورفض التطبيع بكل صوره.

وعلق لاعب كرة القدم المصري السابق محمد أبو تريكة قائلاً: "الكيان الصهيوني احتلال تعاملوا معه على هذا الأساس، ليس له عواصم أو أرض، القدس عربية إسلامية".

وفي تحليل لقرار ترمب، جاء في تدوينات للمفكر العربي عزمي بشارة: "لن أستغرب إذا تبين أن إسرائيل، دولة الاحتلال نفسها، طلبت من ترامب تأجيل قرار نقل السفارة إلى القدس لأنه يحرج حلفاءها العرب. فتعزيز التحالفات مع بعض الأنظمة العربية جارٍ على قدم وساق رغم الاستيطان وضم القدس، ولا حاجة حاليًا للتشويش بخطوات استعراضية ذات طابع رمزي"، وأضاف بعد ذلك: "قرار نقل السفارة في الكونغرس قديم وكذلك الدعم غير المشروط لإسرائيل. أما لماذا قد يقدم ترامب على تنفيذه خلافًا لغيره من الرؤساء؟ فلا تبحث عن إجابة سياسية دولية أو جيواستراتيجية، بل سياسية داخلية متعلقة بوضعه الحالي في واشنطن، واُخرى سيكولوجية معبر عنها في مزيج الحماقة وغطرسة القوة".

اقرأ/ي أيضًا: المقاومة الفلسطينية واستغلال الحكومات العربية

خطوة نقل السفارة الأمريكية للقدس قد تفسر بالوضع الداخلي الأمريكي الحالي إضافة إلى غطرسة وحماقة ترامب

أما شعبيًا غضب المدونون العرب على مواقع التواصل الاجتماعي من القرار الصادر من الإدارة الأمريكية، وتابعوا في نشر تدوينات غاضبة وساخرة ومحرضة في بعض الأحيان، فسخر أحد المدونين من تقارب السلطتين المصرية والإسرائيلية معربًا عن خوفه من التجول في شوارع القاهرة حاملاً علم فلسطين حتى لا يجد مؤيدي السيسي يتجولون بأعلام إسرائيل في حماية القوات الأمنية، في إسقاط منه عما بدر من قبل عندما قبضت قوات الأمن المصرية عمن يحمل علم مصر في تظاهرات تيران وصنافير وسمحت بأعلام السعودية! وقال آخر إن "الخطوة الأولى لتحرير القدس هي الثورة ضد الحكام الخونة عملاء أمريكا والكيان الصهيوني"، كما علّق الطبيب المصري طاهر مختار: "في النضال من أجل الحرية وضد الاستبداد تبرز القضية الفلسطينية كقضية مركزية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

تطوّر الخطاب السياسي في تونس نحو القضية الفلسطينية

السعودية تَضِيع منّا!