قدّمت السينما المصرية بعد هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967، الكثير من الأفلام الجدلية التي حملت طابعًا هزليًا وأبعادًا سياسية واضحة، وتضمنت نقدًا صريحًا أحيانًا، ورمزيًا في أحيان أخرى، لنظام الحكم في مصر خلال الحقبة الناصرية.

أثارت هذه الأفلام جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والسياسية المصرية، وتعرّض بعضها للتضييق من قبل السلطة سواءً في عهد الرئيس جمال عبد الناصر نفسه، أو حتى في عهد أنور السادات وحسني مبارك، حيث جرى منع بعضها من العرض، وعُرض بعضها الآخر بعد حذف مشاهد منه.

هنا وقفة مع 5 من أكثر الأفلام المصرية إثارةً للجدل وتعرضًا للتضييق والمنع في تاريخ السينما المصرية.


1. شيء من الخوف

يحكي الفيلم قصة قرية يحكمها بلطجي يتزعم عصابة تنهب وتسرق وتفرض الإتاوات على الناس، وتقتل من يرفض دفعها أو تحرق زرعه. يتزوج البلطجي الذي يُدعى "عتريس" من إحدى فتيات القرية بالقوة، وبشهادة شهود باطلة يعترض عليها أحد الشيوخ، فيقوم عتريس بقتل ابنه الذي يشيعه سكان القرية ثم يتوجهون إلى منزل عتريس ويقومون بحرقه وهو داخله.

أثار الفيلم غضب السلطات المصرية التي رأى بعض مسؤوليها بأن "عتريس" يجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، الذي شاهد الفيلم بنفسه وسمح بعرضه بعد ذلك.

أُنتج الفيلم المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للكاتب المصري ثروت أباظة عام 1969، وهو من إخراج حسين كمال، وبطولة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين وغيرهم.


2. زائر الفجر

يضيء الفيلم على الفساد والقمع وتصفية المعارضين بعد هزيمة 1967، من خلال قصة صحفية يُعثر عليها ميتة في منزلها، فيبدأ أحد المحققين بالتحقيق في الحادثة رغم تأكيد الطبيب الشرعي بأنها ماتت بسبب أزمة قلبية. وخلال التحقيق، يكتشف أنها تنتمي إلى جماعة معارضة، وأنها كانت هدفًا لأجهزة الأمن. أما سبب الوفاة، فهو بالفعل أزمة قلبية أصابتها بعد مداهمة منزلها فجرًا لاعتقالها.

أُنتج الفيلم عام 1973، لكنه منع من العرض بسبب اعتراض الرقابة على مضمونه، ولم يُعرض حتى عام 1975 بعد حذف 10 مشاهد منه. وهو من إخراج ممدوح شكري، وبطولة ماجدة الخطيب، وعزت العلايلي، ويوسف شعبان.


3. الكرنك

يستعرض الفيلم التجاوزات السياسية والأمنية التي وقعت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر من خلال مجموعة من الطلاب الجامعيين، الذين تعتقلهم أجهزة الأمن بسبب تجمعهم في مقهى "الكرنك" – الذي كان يقصده المعارضون السياسيون – وتلفق لبعضهم تهمًا باطلة وتجبر بعضهم الآخر على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، بينما تجند آخرين للعمل كمخبرين في الجامعة.

أُنتج الفيلم المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للروائي المصري نجيب محفوظ عام 1975، وهو من إخراج علي بدرخان، وبطولة نور الشريف وسعاد حسني وكمال الشناوي.


4. وراء الشمس

يتناول الفيلم مجموعة من القضايا المرتبطة بهزيمة حزيران/ يونيو 1967، وارتفاع معدلات القمع والتعذيب بعد وقوعها، من خلال قصة ضابط كبير في الجيش بطالب بفتح تحقيق لمعرفة أسباب الهزيمة، فيُقتل في بيته وأمام ابنه الذي زُج به في السجن الحربي، الذي تعرض فيه لمختلف أشكال التعذيب على يد مديره، الذي جنّد شقيقته للعمل مخبرةً لصالحه.

أُنتج الفيلم عام 1978، وهو من إخراج محمد راضي، وبطولة رشدي أباظة ونادية لطفي وأحمد زكي ومحمد صبحي ومحمود المليجي.


5. البريء

يناقش الفيلم قضية التعذيب داخل السجون المصرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، من خلال قصة مجند يعمل حارسًا في سجن يضم معتقلين سياسيين يقنعه مديره بأنهم عملاء يتآمرون على الوطن، لكن قناعته هذه تتلاشى بعد اعتقال صديقه المقرب، ووفاته أمام عينيه بلدغة ثعبان سام.

أُنتج الفيلم عام 1986، وعُرض للمرة الأولى في العام نفسه بعد حذف الرقابة لمشهده الختامي، ولم يُعرض كاملًا إلا في عام 2005، بعد 19 عامًا على إنتاجه. وهو من إخراج عاطف الطيب، وبطولة أحمد زكي وجميل راتب ومحمود عبد العزيز.