14-أبريل-2016

كارلوس لطوف/ البرازيل

لو عاد حسني مبارك إلى الحكم، وعاد معه الاستقرار.. سنهتف مرة ثانية: يسقط النظام. لا فرق بين من باع أرض مصر إلى السعودية، ومن منحها لحسين سالم وجمال عمر وصلاح دياب ليحوّلوها إلى منتجعات وفيللات وشواطئ ومستعمرات تصبّ في حساباتهم الخاصة بالبنوك.. وليس جيوب فقراء ومساكين القاهرة. الأولى خيانة لتراب مصر، والثانية خيانة لـ"المواطن مصري"، وفي الحالتين، يسقط من خان.

لا فرق بين من باع أرض مصر إلى السعودية، ومن منحها لحسين سالم وجمال عمر وصلاح دياب ليحوّلوها إلى منتجعات وفيللات

أسوأ مشاهد غضب الناس على السيسي خروج فئران وجرذان "مبارك"، المعروفين إعلاميًا بـ"آسف يا ريس" من جحورهم للدفاع عن صاحب الوجه الكئيب، جالب الفقر والنحس، الفاسد الأول، الذي لا يجب ذكر اسمه.. حسني مبارك.

اقرأ/ي أيضًا: ما وراء صفقة الجزر المصرية

يقولون: السيسي فشل، ولا يوم من أيامك يا ريّس، المشير عبد الفتاح باع تراب مصر لـ"آل سعود" بينما "مبارك" كافح وراء آخر كيلو متر من طابا، يؤكدون إنه عسكري ويعرف قيمة الدم الذي سال في ساحات المعركة، ولا يفرّط فيه أبدًا.. وكأن عبد الفتاح السيسي كان محاسبًا في البنك الأهلي!

هناك من يحاول أن يصنع القلق حول السيسي دفاعًا عن مبارك، يستميت في إثبات إن المصريين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، جاؤوا بالسيسي بعد "حسني"، الذي حمى حدود مصر 30 سنة، ولم يفرّط في شبر واحد.

الذي يقول ذلك لا يعرف أن الردّ موجود، ومنطقي، وهو: من جاء بالسيسي رئيسًا للمخابرات الحربية؟.. لمن أدى الرئيس الحالي القسم على الولاء؟

لولا "مبارك" لما جاء عبد الفتاح السيسي رئيسًا.. فلماذا ينقلب "أولاد مبارك" عليه الآن؟ يمكن أن تمد الخط على استقامته بسؤال.. لماذا غضبت جماعة "آسف يا ريس" على السيسي فجأة؟ لأن "السيسي" قال أصدق شيء في حياته خلال لقاءه بالمثقفين: "منه لله حسني مبارك، هو اللي خرب البلد".

مِدّ الخط على استقامته للمرة الثانية.. كل الخراب بدأ تحت يد "مبارك" وصُنع على عينه: الفساد والقهر والديكتاتورية والهزيمة والخذلان والقتل والتجريس والتفريط في التراب.. الفُجر كلَّه بدأ في عصر الرجل الكبير، مؤسسة دولة الفساد العميقة، ووصل إلى عزّه الآن، وسيزدهر أكثر لحظة تنكيس العالم المصري في "تيران وصنافير".

هل إذا قلت إن "مبارك" سر التفريط في الجزيرتين المنكوبتين سيكون دفاعًا رخيصًا عن السيسي؟

بالطبع لا، سأضعك فقط أمام الحقيقة.

اقرأ/ي أيضًا: سوريا.. انتخابات مسرح الشوك

بين يديْ خطاب أرسله سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة، إلى عصمت عبد المجيد، وزير خارجية مصر الأسبق، يقول فيه: "بناء على الاتفاق الذى جرى بين البلدين، مصر – السعودية، حول جزيرتى تيران وصنافير، في عام 1369 هجرية، الموافق عام 1950، لرغبة حكومة البلدين فى تعزيز الموقف العسكري العربي في مواجهة الكيان الصهيوني، نظرًا لموقع هاتين الجزيرتين الاستراتيجي، فقد وافقت المملكة العربية السعودية على أن تظلا تحت الإرادة المصرية، من أجل تقوية الدفاعات العسكرية المصرية فى سيناء، ومدخل خليج العقبة".

التصريحات المفبركة على لسان "مبارك"، التي يهاجم فيها التنازل عن "تيران وصنافير" مفتعلة

وأضاف الخطاب:"في الوقت الذي بدأت فيه جمهورية مصر العربية استعادة الأراضي المحتلة بعد عام 1967، تلقى الملك خالد بن عبد العزيز رسالة من الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميرى، تتضمن رجاء الرئيس حسني مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتى يتم الانسحاب الكامل لإسرائيل من الأراضي المصرية، وتبقى مسألة عربية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية".

واستكملت الوثيقة على لسان "الفيصل": "إنني على يقين أن العلاقات الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين، والتى تحرص حكومتانا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وأخيه فخامة الرئيس محمد حسني مبارك على تطويرها وتنميتها بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، سوف تهيئ فرصة طيبة لحكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بإعادة الجزيرتين المذكورتين إلى حكومة المملكة العربية السعودية".

التصريحات المفبركة على لسان "مبارك"، التي يهاجم فيها التنازل عن "تيران وصنافير" مفتعلة، يحاول أنصاره أن يجدوا له مكانا في قلب الحدث، أن يصوّروه وطنيًا رغم إنه ليس كذلك، هو فقط عسكري صار رئيسًا، وأبًا روحيًا لدولة الفساد بـ"حكم قضائي"، وفكرة "إعادة الجزيرتين" إلى آل سعود بدأت من بين يديه.

هل نقترب من الحقيقة أكثر؟ منح "مبارك" الراحل عبد الله، خادم الحرمين السابق، اعترافًا مكتوبًا بحق السعودية في ملكية "تيران وصنافير"، ووعدًا بردها في الوقت المناسب، وفق معلومات خاصة، ولو كانت السعودية لجأت للتحكيم الدولي لاستردّت الجزيرتين دون دفع دولار، ولا "هللة" واحدة.

عليك الآن أن تضع جملة "مبارك لم يفرّط في تراب مصر" في سجل الأكاذيب الكبير التي تدفعنا إلى "المهلكة".. عفوًا، المملكة.

اقرأ/ي أيضًا:

سلمان في القاهرة.. السعودية تحاول ضرب إيران من مصر

أوباما يضرب أسس "كامب ديفيد"