22-فبراير-2024
أفغاني يحمل كيس دقيق في قندهار

(Getty) تُنذر الأزمة الحالية بمجاعة وشيكة

مع نهاية عام 2023، وجد الأفغان أنفسهم في مواجهة أزمة إنسانية جديدة تُنذر بمجاعة وشيكة بسبب خفض منظمات الإغاثة الدولية لمساعداتها نتيجة نقص التمويل الذي دفعها إلى تقليص ميزانيتها. 

وتضاعفت حدة هذه الأزمة مع اشتداد البرد وانخفاض درجات الحرارة، سيما في المناطق النائية والمهمشة التي تكون فيها أشهر الشتاء شديدة القسوة، والتي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.

وبحسب وكالة "The New Humanitarian"، تعاني منظمات الإغاثة من أزمة بلغت ذروتها اعتبارًا من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، عندما وجدت نفسها مضطرة إلى الموازنة بين الاحتياجات الحالية لـ15.8 مليون أفغاني يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وبين الاحتياجات الجديدة لملايين النازحين بسبب الكوارث الطبيعية وعمليات الترحيل القسري من البلدان المجاورة.  

ففي 7 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، ضرب إقليم هرات الغربي زلزال ضاعف من الأزمة التي كانت تواجهها أفغانستان آنذاك على خلفية إعلان الحكومة الباكستانية المؤقتة عن خطتها لترحيل ما يصل إلى مليون أفغاني، وتزامن ذلك مع فقدان 25 مستشفى تديرها الحكومة تمويلها الدولي، إضافةً إلى إعلان برنامج الأغذية العالمي اضطراره إلى خفض مساعداته لأكثر من 10 ملايين أفغاني يعتمدون على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة. 

يواجه الأفغان أزمة إنسانية جديدة تُنذر بمجاعة وشيكة بسبب خفض منظمات الإغاثة الدولية لمساعداتها نتيجة نقص التمويل الذي دفعها إلى تقليص ميزانيتها.

وأدت هذه الأزمات والكوارث إلى تفاقم النقص الحاصل أساسًا في ميزانية المنظمات الإغاثية، وتركت تأثيرًا سلبيًا على الكثير من الأفغان، لا سيما أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية التي يعيق فصل الشتاء فيها قدرتهم على التنقّل والعمل لأيام وأحيانًا لعدة أسابيع. 

وأشارت الوكالة إلى أن مقاطعة ميدان وردك، وسط أفغانستان، تُعتبر من المقاطعات الأكثر تضررًا جراء أزمة نقص المساعدات، ذلك أن غالبية أسرها تفتقر إلى معيل ذكر، ولا يملك معظم سكانها مصادر دخل. 

وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد الذين يحتاجون إلى المساعدات في أفغانستان، هذا العام، 24 مليون أفغاني مقارنةً بـ29 مليون العام الفائت. ورغم الانخفاض الملحوظ، إلا أن الأزمات السابقة، وخاصةً نقص التمويل، قد تتسبب بارتفاعه مرة أخرى. 

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، إن: "التمويل المحدود كان وسيستمر في إجبار الجهات الفاعلة الإنسانية على إعطاء الأولوية للأشخاص الأكثر ضعفًا واحتياجًا"، في إشارة إلى تحديات الاستجابة الإنسانية للعام المقبل في أفغانستان.

وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة الأزمات التي تواجهها المدن الأفغانية، نتيجة فقدان أكثر من 700 ألف شخص وظيفته منذ عودة "حركة طالبان" إلى السلطة في آب/أغسطس عام 2021، تبدو الأزمات في المناطق الريفية أشد قسوة نتيجة الآثار الوخيمة للكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف والزلازل، التي تسببت في تدمير المحاصيل الزراعية. 

وتُعتبر مدينة بهسود، في إقليم ميدان وردك، من المدن المتضررة من الكوارث الطبيعية، حيث دمرت الفياضانات خلال العامين الماضيين أكثر من 1000 منزل، وقضيت على محاصيل بعض المزارعين بالكامل، ولا تزال آثار هذه الكوارث قائمة حتى الآن بل وقد تستمر لعدة سنوات ما ذكره سكان المدينة للوكالة. 

وقال أحد سكان المدينة إنه بسبب الفيضانات وتقليص المساعدات، أصبحت العائلات الآن: "مضطرة للاختيار بين تناول [وجبتها الواحدة] أثناء النهار أو في الليل"، وأشار إلى أن العمل لم يعد متوفرًا سواء في الريف أو المناطق الحضرية لأسباب عديدة، أهمها ترحيل تركيا وباكستان وأفغانستان أكثر من مليون أفغاني خلال العام الفائت. كما أن اشتداد البرد يعيق قدرة الأفغان في الكثير من المناطق على زراعة أراضيهم. 

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن لخفض برنامج الأغذية العالمي لمساعداته تداعيات أخرى تتعلق بارتفاع معدلات عمالة الأطفال. فخلال السنوات السابقة، سمحت المساعدات للأطفال بالدخول إلى المدارس بدلًا من العمل لمساعدة أسرهم، ولكن يبدو أن هذا سيتغير نتيجة تراجع حجم المساعدات الدولية المقدمة إلى أفغانستان.