24-فبراير-2016

عمال في دبي (Getty)

بإعلان وزير المالية العماني درويش بن إسماعيل بن علي البلوشي أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول التعاون سيبدأ مطلع العام 2018، سيدخل الاقتصاد الخليجي مرحلة جديدة، بعد الانتكاسة الكبيرة التي تعرض لها السوق النفطي والذي يشي بأن أزمة النفط ستستمر طويلا، فهذه الانتكاسة تأتي بمثابة ناقوس خطر للبحث عن مصادر جديدة للدخل القومي للدول الخليجية الغنية بمصادر الطاقة.

الخليج الذي كان ملاذًا لمئات آلاف العمال الأجانب، لن يكون كذلك في المستقبل فانخفاض الأجور وفرض القيمة المضافة سيؤدي إلى تآكل المداخيل الشهرية

الوزير العماني كان ذكر خلال مشاركته مؤخرًا في "المنتدى الأول للمالية العامة والنمو في الدول العربية" المنعقد في أبو ظبي أن نسبة الضريبة المضافة، التي تم الاتفاق عليها، تبلغ 5%، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان تطبق ضريبة الشركات بنسبة 12% منذ فترة.

اقرأ/ي أيضًا: المخدرات..سم يهدد المدارس الجزائرية

ما قاله الوزير العماني يأتي منسجمًا تمامًا مع اقتراح قدمته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في ذات المؤتمر، حضت فيه دول الخليج على إعادة هندسة أنظمتها الضريبية، واعتماد "ضريبة على القيمة المضافة لأن أسعار النفط المنخفضة ستبقى على الأرجح لـ"فترة طويلة".

لكن هذه التصريحات ليست جديدة فوزير المالية السعودي إبراهيم العساف كان أعلن في كانون الأول الماضي أن ضريبة القيمة المضافة سيتم تطبيقها تدريجيًا على أن تكون مستكملة خلال عامين.

توقعات الساسة والاقتصاديين الرسميين والمستقلين لا تأت من فراغ، ففائض العرض في سوق النفط مع انخفاض الأسعار ترافق أيضا مع رفع الكونغرس الأمريكي في قانون الموازنة الأمريكية لعام، 2016 الحظر المعمول به منذ العام 1975 على تصدير النفط الأمريكي، لتدخل كمنافس قوي لروسيا والسعودية.

وشيئًا فشيئًا يتضح أن عصر النفط التقليدي -مع تحكم الولايات المتحدة بأضخم مخزون للنفط الصخري في العالم، حيث تمتلك 75% من إجمالي مخزونه في العالم- يقدم مؤشرات خطيرة إلى أن عصرًا جديدًا من الصراع على الطاقة سيشهده العالم في السنوات والعقود القادمة، لأن الولايات المتحدة ستربط الماكينة الاقتصادية القادمة باستهلاك نفطها الصخري، لتعويض تكاليف استخراجه المرتفعة.

اقرأ/ي أيضًا: للأمومة ثمن

سيتيح تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج، رغم أنها الأقل على المستوى العالمي، توفير مداخيل ثابتة للموازنة العامة لدوله. فتطبيقها يعني حسب الخبراء أن مختلف طبقات الشعب الاجتماعية على اختلافها ستتحمل قيمًا متساوية من الضريبة نتيجة تحميل الضريبة على سلع أساسية.

ورغم أن أمريكا حتى اليوم لا تزال من الدول المستوردة للنفط إلا ما يجري اليوم ليس أكثر من "مرحلة انتقالية" لصراع قادم على مصادر الطاقة الجديدة عمادها الغاز والنفط الصخري، وهذا الأمر يفتح بابًا جديدًا لقراءة الصراع في الشرق الأوسط لاسيما في سوريا وليبيا، وكأنه تحضير للسيطرة على طرق التصدير، فالسيطرة والتحكم على طرق تجارة الطاقة لا يقل أهمية عن إنتاجه..

بكل الأحوال فإن الخليج الذي كان الملاذ الآمن لمئات آلاف العمال الأجانب، ربما لن يكون كذلك في المستقبل، فانخفاض الأجور وارتفاع مستوى المعيشة وفرض القيمة المضافة سيؤدي إلى تآكل المداخيل الشهرية للعاملين في دول الخليج، عدا عن أن الرواتب لن تكون مرتفعة كما كانت في السابق، ما يعني أن كثير من الموظفين والساعين للتعاقد مع الشركات الخليجية سيعيدون حساباتهم كثيرًا في المستقبل، وربما يبدؤون بالبحث عن فرص عمل جديدة في مكان آخر.

اقرأ/ي أيضًا:

غياب العلاج التلطيفي..ألم المغاربة الصامت

مافيا النقل في لبنان..طرق ارتزاق ملتوية