22-أغسطس-2017

يشتكي عموم المواطنين في المغرب من ارتفاع مهول لأسعار الكهرباء والبنزين والغاز(فاضل سنا/أ.ف.ب)

هل يوجد حقًا بترول في المغرب؟ وإذا كان ذلك صحيحًا ما أثر ذلك على المواطن المغربي؟ أسئلة يطرحها الرأي العام الوطني في ظل تواتر أخبار متوالية خلال الآونة الأخيرة من الشركة النفطية "ساوند انيرجي"، تبشر المغاربة بأن بلدهم على وشك أن يتحول إلى دولة بترودولار، الثروة التي لطالما تحلم بها الشعوب الفقيرة كهدية من السماء تنقذهم من شقاء معيشتهم.

بشرت شركات نفطية أجنبية المغاربة بأن بلدهم قد تتحول إلى بلد نفطي كهدية من السماء تنقذهم من شقاء معيشتهم

اقرأ/ي أيضًا: الفوسفات.. الثروة المهدورة في المغرب

ساوند انيرجي تؤكد اكتشافها النفط بالمغرب

وقالت الشركة البريطانية، المتخصصة في مجال التنقيب عن النفط، خلال هذا الشهر إنها "أحرزت تقدمًا في التنقيب عن الغاز ببئر تندرارا، وعلى وشك الدخول في مرحلة التصدير للغاز المكتشف نحو السوق الأوروبية"، موضحة في بيان لها على موقعها الرسمي، إنها "حصلت على ترخيص الموافقة من السلطات المغربية لمد خط أنابيب إلى أوروبا من أجل تسويق الغاز المغربي".

كما أعلنت ساوند إنيرجي أنها اكتشفت كميات هامة من الغاز في كل من حقل "سيدي المختار" بنواحي مدينة الصويرة، وحقل "مريدجا" جنوب شرق المغرب، واعدة بتسويق الغاز المكتشف بهذين البئرين في السوق المغربية المحلية بحلول نهاية العام الجاري.

لكن يبقى حقل تندرارا، الواقع قرب منطقة فكيك، هو أكبر مخزون نفطي مكتشف من طرف الشركة البريطانية في المغرب، إذ قدرت حجم الإنتاج الذي يمكن أن يصل إليه البئر الواحد في الحقل المعني  بنصف مليون متر مكعب في اليوم، وأكدت الشركة أن الدراسات المنجزة أظهرت إمكانية استغلال ما بين ثلاثة إلى أربعة تريليونات قدم مكعب من الغاز في المنطقة، وهي كمية هامة بالمقاييس التجارية، وتقع هذه الاكتشافات الصخرية للغاز على عمق 3459 مترًا وعرض 2611 مترًا.

الاكتشاف الذي يؤكد ما أشار إليه وزير الطاقة والمعادن، عبد القادر عمارة، عندما صرّح في ندوة صحفية قبل عامين، أن المغرب يتجه إلى التحول لمنتج كبير للغاز خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، قائلًا: "إن البلد سوف ينتقل من قدرات إنتاج في حدود 100 إلى 200 مليون متر مكعب إلى بضع مليارات من الأمتار المكعبة في العام الواحد".

وبدأت ساوند انيرجي التنقيب عن النفط بمنطقة تندرارا منذ نيسان/ أبريل 2013، وتحتفظ بـ %47.5 من الأسهم، فيما تؤول %27.5 إلى مجموعة "شلومبرجر" النفطية الأمريكية، أي أن ما يقارب %75 من العائد ستذهب إلى جيوب الشركتين الأجنبيتين، على أن تنتهي تصاريح الاستغلال سنة 2021.

اقرأ/ي أيضًا: الجفاف كابوس الاقتصاد بالمغرب

اكتشاف النفط لا يثير تفاؤل المغاربة

لا يكترث المواطنون المغاربة بأنباء اكتشاف الغاز والبترول، بعد خيبات الأمل التي تلقوها سابقًا من أخبار كاذبة روجت لاكتشاف النفط

لا يكترث المواطنون المغاربة عمومًا بأنباء اكتشاف الغاز والبترول بالمغرب، بعد خيبات الأمل التي تلقوها سابقًا من أخبار كاذبة روجت لاكتشاف النفط، ولعل أشهرها عندما أعلنت الدولة المغربية سنة 2000، على لسان وزير الطاقة والمعادن، يوسف الطاهري، في حكومة عبد الرحمن اليوسفي آنذاك، عن اكتشاف احتياطي مهمّ من البترول بالبلد، يُقدّر بـ1.5 مليار برميل في مجموعة من الحقول بمنطقة "تالسينت"، وهو ما أثار فرحة عارمة وسط الناس حينئذ، قبل أن يتحول الحلم إلى سراب.

ويذهب بعض المراقبين إلى أن مثل هذه الأخبار المرتبطة باكتشاف النفط، تستدعي التعامل معها بحذر، إذ أن الشركات العاملة في التنقيب عن البترول عادة ما تلجأ إلى تضخيم نتائج عملها من أجل رفع أسهمها على البورصات العالمية، وتشجيع المستثمرين على ضخ أموالهم لصالحها، كما يمكن أن تكون مجرد "فرقعات إعلامية" تروجها السلطة بين الفينة والأخرى من أجل تخفيف الضغط الشعبي.

بيد أنه على الجانب الآخر للقضية، يثير تهاطل الشركات الأجنبية المتخصصة في التنقيب عن النفط على المغرب خلال السنوات الأخيرة، فضول الرأي العام حول دوافعها إن لم يكن هناك وجود مؤكد لمخزون نفطي مهم تطفو عليه المملكة، سيما أن عدد هذه الشركات، التي أبرمت اتفاقيات مع الحكومة المغربية، يتجاوز الثلاثين، منها الشركة الإيرلندية "Cirle Oil"، والأسترالية "Tangiers Petroleum"، والأسكتلندية "Cairn Energy"، والأمريكية "Chevron"، و"قطر للبترول"، بالإضافة إلى "ساوند إنيرجي" البريطانية.

ويمكن للثروة النفطية، في حال تأكد وجودها، أن تحل الأزمات الاقتصادية التي يتخبط فيها المغرب، من الفقر مرورًا بشح الميزانية إلى المديونية الخارجية الثقيلة، فبفضل موقعه الاستراتيجي القريب من أوروبا، يسهل عليه تصدير كميات كبيرة من النفط دون مراعاة تكلفة النقل، كما أن العثور على مخزون نفطي مهم من شأنه أن يضمن للمملكة أمنها الطاقي، خاصة وأنها تستورد حوالي %93 من حاجياته الطاقية، بقيمة 13 مليار دولار، وهو ما يمثل %20 من إجمالي وارداتها.

إلا أن الكثير من المواطنين المغاربة يشككون في مدى استفادتهم من ثروات النفط، حتى في حالة العثور عليها وتصديرها للخارج، في ظل الفساد المستشري بالبلاد، الذي ينهب موارد البلد الطبيعية دون أن يترك للمواطن البسيط حقه من الثروة.

ويشتكي عموم المواطنين في المغرب من ارتفاع مهول لأسعار الكهرباء والبنزين والغاز، خاصة بعد رفع الدعم الحكومي عن المشتقات الطاقية، فهل تخفف مخزونات النفط، التي بشرت بها ساوند انيرجي، من لهيب فواتير الكهرباء والبنزين؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟

السمك في موريتانيا.. الثروة المستنزفة