23-يناير-2022

تشكك واشنطن في قدرة المنظمة على مواجهة التحديات المستقبلية (Getty)

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المانح الأكبر لمنظمة الصحة العالمية، غير أنها تعترض على مقترحات تقدمت بها المنظمة تهدف إلى جعلها أكثر استقلالية، وذلك يثير شكوك حول مزاعم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فيما خص دعمه طويل الأمد والمستدام لوكالات الأمم المتحدة.

تعتبر المقترحات التي تقدمت بها منظمة الصحة العالمية نوعًا من الإصلاحات تبدأ بزيادة المساهمة السنوية الدائمة لكل الدول الأعضاء في المنظمة بغية تحسين عمليات التدخل السريع في الأزمات

وتعتبر المقترحات التي تقدمت بها منظمة الصحة العالمية نوعًا من الإصلاحات تبدأ بزيادة المساهمة السنوية الدائمة لكل الدول الأعضاء في المنظمة بغية تحسين عمليات التدخل السريع في الأزمات. وتشير الخطة إلى زيادة المساهمات الإلزامية بدءًا من عام 2024 ولغاية عام 2028 حيث يمكن أن تصل المساهمات إلى 50% من ميزانية المنظمة البالغة حاليًا ملياري دولار. وتجدر الإشارة إلى أن الميزانية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية تهدف إلى مكافحة الأوبئة وتعزيز أنظمة الرعاية الصحية ومواجهة التحديات الصحية كالأمراض في مناطق مختلفة من العالم.


يمكنك الاطلاع هنا على نتائج التقرير النهائي الصادر عن منظمة الصحّة العالمية حول نشأة فيروس كورونا؟ 


وتأتي هذه المقترحات عقب انتشار فيروس كورونا والطريقة التي تدخلت بها وكالات الأمم المتحدة والنتائج التي حققتها ونقاط الضعف والمحدودية التي اعترت عمليات التدخل لمواجهة الوباء عالميًا، بحسب ما أشارت وكالة رويترز. وترى واشنطن أن مواجهة التحديات المستقبلية لاسيما من الصين قد تكون أكبر من قدرة منظمة الصحة العالمية على المواجهة. لذا تقترح واشنطن تبعًا لذلك، إنشاء صندوق منفصل، يسيطر عليه المانحون بشكل مباشر، ويهدف إلى مكافحة الأزمات الصحية وتمويل الوقاية منها.


شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار

 


في المقابل، يرى مؤيدو المقترح أن قدرة المنظمة على توجيه الانتقادات وتحديد المسؤوليات ضعيفة لا سيما في أوقات الأزمات. يعود السبب في ذلك، بحسب مؤيدي استقلالية المنظمة، أن الأولويات يتم تحديدها من قبل الممولين إلى حد ما، ويشيرون إلى أن التمويل الحالي للمنظمة يعتمد على المساهمات الطوعية من قبل مؤسسات عالمية خيرية مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس والدول الأعضاء مما يفسر ضرورة إنجاز هذه الخطوة.

وجاء رد منظمة الصحة العالمية بالإشارة إلى أن "التمويل الكافي وحده يمكن أن يسمح للمنظمة تنفيذ كامل أولويات الدول الأعضاء". وأكدت المنظمة عدم وجود إجماع في الوقت الحالي بين الدول الأعضاء، وأشارت إلى أنه من المرجح أن تستمر المحادثات حتى الاجتماع السنوي لجمعية الصحة العالمية في شهر آيار/مايو المقبل من هذا العام، على الرغم من الانقسامات التي تشي بصعوبة التوصل إلى اتفاق.

وتدعم الخطوة كلٌ من ألمانيا وكبار المانحين في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة لمعظم الدول الأفريقية وجنوب آسيا وأمريكا الجنوبية والدول العربية، بحسب ما نقل موقع ناشيونال بوست. فيما أبدت اليابان والبرازيل ترددهما حيال المسألة وعدم رغبتها السير بمقترح منظمة الصحة العالمية لزيادة المساهمات، فيما تتداول معلومات حول معارضة الصين أيضًا للمقترح.

وأما بالنسبة للمانحين الأوروبيين على وجه الخصوص، فإنهم يدعمون تمكين المنظمات متعددة الأطراف بما في ذلك منظمة الصحة العالمية بدلًا من إضعافها. وفي هذا الصدد، قال مسؤول أوروبي "الخطة الأمريكية تثير الشكوك بين العديد من البلدان"، وتابع بالقول "إن إنشاء هيكل جديد يسيطر عليه المانحون، وليس من قبل منظمة الصحة العالمية، سيضعف قدرة الوكالة على مكافحة الأوبئة في المستقبل".

ويذكر أنه تم تعيين لجنة مستقلة متخصصة في مجال الأوبئة لتقديم الاستشارة بشأن إصلاح منظمة الصحة العالمية، وقد دعت اللجنة في دراستها إلى زيادة أكبر بكثير في الرسوم الإلزامية تصل إلى 75% من الميزانية الأساسية للمنظمة، ومعتبرة أن النظام الحالي يشكل خطرًا كبيرًا على نزاهة واستقلالية منظمة الصحة العالمية.

وبالعودة إلى العام 2020، وتحديدًا إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي انتقد أداء المنظمة في تعاطيها مع أزمة تفشي فيروس كورونا بالقول "إنني اليوم أصدر أمرًا بتعليق تمويل منظمة الصحة العالمية، وكما نعكف على مراجعة من أجل تقييم دور المنظمة فيما خص سوء الإدارة الشديد والتعتيم على تفشي فيروس كورونا"، بحسب ما نقلت قناة CBS NEWS.

وجاءت هذه الاتهامات لتحمل في طياتها استهدافًا سياسيًا للصين حيث أشار ترامب إلى أن "العالم تلقى الكثير من المعلومات الخاطئة حول انتقال العدوى والوفيات الناجمة عن الوباء، والمنظمة أخفقت في واجبها الأساسي وتجب محاسبتها على استجابتها لتفشي وباء كوفيد-19 بعد ظهوره في الصين"، وتابع بالقول "سنعيد توجيه أموالنا إلى احتياجات الصحة التي تستحقها"، معتبرًا أن الصين لم تبلغ منظمة الصحة العالمية بشكل صحيح بالمعلومات التي كانت لديها حول الفيروس، ومضيفًا إلى أنها، أي الصين، مارتست ضغوطًا على المنظمة من أجل "تضليل العالم".

حينها سارع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى انتقاد قرار ترامب بسحب عضويته من المنظمة، معتبراً أن "هذا ليس وقت خفض موارد منظّمة أممية منخرطة في الحرب ضد وباء كوفيد-19، بحسب ما نقلت وكالة CNN الإخبارية.

غير أن إدارة جو بايدن عادت وانضمت من جديد لعضوية منظمة الصحة العالمية، على الرغم من التحفظات التي تبديها إدارة بايدن واعتبارها أن المنظمة بحاجة إلى إصلاح كبير وخصوصًا بشأن حوكمتها وهيكلها وتعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات المتزايدة وفي مقدمتها التهديدات التي تشكلها الصين.

ترى واشنطن أن مواجهة التحديات المستقبلية لاسيما من الصين قد تكون أكبر من قدرة منظمة الصحة العالمية على المواجهة

وبحسب أرقام منظمة الصحة العالمية، فقد أسفر الوباء عن إصابة حوالي 340 مليون إصابة حول العالم، ومن بينها نحو 5 مليون و 570 ألف حالة وفاة، فيما تم إعطاء 9 مليار و 502 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل تسبب عدوى أوميكرون الغثيان والاستفراغ لدى النساء؟