19-مارس-2019

الإرهاب (UK Defence Journal)

في دراسة أجرتها جامعتا جورجيا وألاباما الأمريكيتان، عن تغطية وسائل الإعلام الأمريكية لحوادث الإرهاب التي وقعت على أراضي الولايات المتحدة بين عامي 2006 و2015، والتي بلغ عددها 136 عملية، انقسم الجُناة فيها إلى مسلمين وغير مسلمين، وكان اهتمام الصحافة الأمريكية بالعمليات التي نفذها مسلمون يفوق اهتمامها بالأخرى التي نفذها غير المسلمين بنسبة 45 %.

عدد العمليات التي نفذها مسلمون بأمريكا خلال 10 سنوات هو 17 عملية من أصل 136 عملية إرهابية

بينما كشفت الدراسة عن أن عدد العمليات التي نفذها مسلمون بأمريكا خلال 10 سنوات هو 17 عملية من أصل 136 عملية إرهابية، بينما قام منتمون للمسيحية واليهودية والشيوعية وملحدون وغيرهم من كافة التيارات والاتجاهات والأديان بتنفيذ 119 عملية إرهابية!

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. في تشريح الإرهاب

وهو ما يدعو بلا شك للتأمل والتساؤل معًا. لماذا يتم تصوير الإسلام على أنه منبع كل الإرهاب والشرور والآثام في هذا العالم الطيب الذي يتمنى كل سكانه السلام والطمأنينة لبعضهم البعض إلا المسلمين منهم؟! تدعو الرأسمالية والقوى العظمى العالم إلى أن يفكر على هذا النحو، نعم بهذا المنطق الطفولي الساذج الذي يتم تعبئته في العقول عبر سياسات ووسائل إعلام تحكم العالم، وربما تتوارى خلف رؤساء بلهاء من نوعية ترامب وحلفائه.

ولكي لا نكون مثلهم، فلا يمكننا أن نعيش في ظل نظرية المؤامرة ونقول إن الإسلام بريء من كل الدماء التي أسالها أتباعه. الإسلام ككل الأديان تم تفسيره بطرق متطرفة، فقهاء متطرفون قاموا بلي أعناق النصوص ليستخرجوا منها ما يخدهم أفكارهم الإرهابية، ليتركوا لنا ميراثًا ثقيلًا من قرون غابرة ما زال يُدرس وتتم إعادة إنتاجه يوميًا في كتب مثل "الجهاد.. الفريضة الغائبة"، وغيره من الكتب التي تعد مراجع للحركات الإرهابية المحسوبة على الإسلام.

كذلك المسيحية، فهي الأخرى لم يخلُ تاريخها وحاضرها من التشدد، بل إنه في واقعة شهيرة وعلى يد أحد كبار أباء الكنيسة الأرثوذكسية البابا البطريرك كيرلس الأول تم سحل الفيلسوفة هيباتيا، وتعريتها في شوارع الإسكندرية، ومن ثم سلخ جلدها حتى الموت، أما عن اليهودية فحدّث ولا حرج، يكفيك الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية والذي يرتكب يوميًّا أبشع الجرائم باسم الدين، بل إن كل الأديان الإبراهيمية، وغير الإبراهيمية، لم تخلُ من دسّ سموم الإرهاب إلى أروقتها.

الأفكار السياسية كالشيوعية والأناركية هي الأخرى تورطت في الإرهاب، وارتكبت باسمها العديد من الجرائم.

يمثل الإرهاب مرضًا كالإنفلونزا يستحيل أن تقابل إنسانًا لم يصب به يومًا ما، كذلك الأديان والأفكار كلها أصيبت بهذا المرض العضال.

لم تتعدد الأديان ليقاتل بعضها بعضًا، بل هي حكمة الاختلاف بين الناس والأمم

هل دعا الإسلام أو أي من الأديان السماوية إلى الإرهاب؟! لا لم يدع الله يومًا إلى الإرهاب، ولكنها النفس البشرية الأمارة بالسوء استغلت كل العوامل لإيقاع الكراهية والبغضاء، سواء أراد البعض إلصاق الإرهاب بالإسلام أو إبعاده عنه، سيظل الإرهاب موجودًا وحاضرًا ما لم تكافحه الدول بالتعليم والدعوة إلى التسامح ونبذ الكراهية والعنصرية، وإرساء قيم التعايش مع الآخر، وكما قال الحلاج: "مالي ومال الناس يلحونني سفها.. ديني لنفسي ودين الناس للناس".

اقرأ/ي أيضًا: جريمة نيوزلندا.. نحو إعادة تعريف الإرهاب عربيًا

لم تتعدد الأديان ليقاتل بعضها بعضًا، بل هي حكمة الاختلاف بين الناس والأمم، التي أقرها الله سبحانه إلى أن تقوم الأرض ومن عليها، قال تعالى: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبرز الهجمات الإرهابية في أوروبا في القرن الـ21

بحثًا عن جذور الجهاد في الغرب