13-أكتوبر-2015

الشهيد معتز زواهرة

معتز زواهرة، أو معتز التعمري، هو شهيد هذا المساء، على مدخل بيت لحم الشمالي الرابط لمهد المسيح بقيامته، هناك غُدر الشهيد، لاعب كرة القدم المحترف، محط تنافس عدة أندية فلسطينية، تلقى كرة لهب هذه المرة، لم تكن مطاطية كتلك التي اعتادها ابن الـ"27" عامًا في المكان عينه، قبل أن يُمسَخ بجدار الفصل العنصري الذي طوق قبر راحيل، وأضيفت إلى معالم المكان أبراج اسمنتية لقناصة الاحتلال، نعم "على القبة"، أينما اعتاد الشهيد لقاء شهيد سابق، شهيد من انتفاضة أخرى، لم يمض عليها كثيرًا، لكن مواليدها ينتفضون الآن. تلقى معتز الضربة في المكان عينه، حيثما حمل صديقه ورفيقه في تصنيع العبوات المنزلية/ الكوع، الشهيد كفاح خالد عبيد شهيدًا.

 كان كفاح مدخلنا إلى الموت، فهو أول مجايلينا وأصدقائنا ممن لعبوا دور الشهيد بيننا، بل وأمام أعين لم يتجاوز أكبرها 12 عامًا حينذاك. كثيرون هم من أصيبوا بطلقات غير قاتلة بجوار تلك القبة اللعينة، رائحة الدم رائجة في المحيط منذ أن كانت راحيل، وكثيرون من قتلتهم الرصاصات، كفاح ليس الشهيد الوحيد في تلك الفترة من ذروة انتفاضة الأقصى، ولكنه صديقنا الذي نعرفه واستشهد آنذاك.

 ليس بين الشهداء من هو ذكرى، لكم الحق، وأنت الآن يا معتز  لك كل الحق في أن تفرض هذا رأيًا، أنتم لستم ذكرى

لم يغب كفاح عن الحديث لدى أي لقاء، معتز كان يتحسر عليه دومًا، للأسف لم تكن حسرة صداقة وحسب، بل كتلك التي تحسها لدى أم سبعينية تتحدث عن بكرها شهيدا في مراهقته. الآن، أنت أيضًا لست ذكرى يا معتز كما كنت تقول عن رفيقك، ليس بين الشهداء من هو ذكرى، لكم الحق، وأنت الآن لك كل الحق في أن تفرض هذا رأيًا، أنتم لستم ذكرى.

بعيدا عن تعداد المناقب، الوارد في حالات النعي والنحيب، قيل لي باستشهادك، وحضرت فورًا يا شهيد المساء الحر، حضرت بصورة ذلك السائق الماهر لحافلة نقل الركاب الألمانية الصفراء، ننقل مجموعة من الصحافيين التشيك والنرويجيين، كنت أنت الربان، كان لك يومها أن تجرب السباحة في مجرى وادي العوجا بالقرب من مكان يوحنا ويسوع، لكن من وراء عجلة القيادة، طبقت نظريتك في أن حافلات النقل كتلك التي لك من طراز فولكسفاغن، "بتقدر تصير جيب لما بدها". بالعودة ليسوع السماء ويسوع صديقك الذي سبقك إلى الوغى بالرمح عينه، هما أيضًا ممن سيتكفلون الترحيب بك في جوقة الصاعدين إلى قدرهم من القدس، هنيئا لكم بعضكم بعضا.

لم تك لاجئا يا صديقي إلا من طرف الأم، لم تغب عنك ملامح البدوي اليقظ من طرف أبيك، لكن اختلاط الأنساب بالقرب من مهد المسيح جعلك ترحل إلى جوف فلسطين من مخيم الدهيشة. لرفاقك جميعًا، لأخوك في المعتقل، ولأهلك في المخيم والصحراء كل التضامن ولك أنت كل الوفاء.  

اقرأ/ي أيضا:

إنه زمن الاشتباك المستمر ومكانه

البحث عن شهيد