10-يوليو-2016

ملالا تلقي خطابًا في لندن (Getty)

"طفلٌ واحد، معلمٌ واحد، قلمٌ واحد، كتابٌ واحد، يستطيعون تغيير العالم" -الناشطة الباكستانية في مجال تعليم الإناث ملاله يوسف زاي.

ركزت ملاله على منع الإناث من التعليم وغلق مدارسهن وكان ذلك الاهتمام ناشئ نتيجة استنتاجها أهمية التعليم وأثره في تكوين شخصية الأفراد

هكذا عبرت الناشطة ملاله يوسف زاي عن خوضها النضال ضد الجهل من بابه الأوسع وهو الحق في التعليم وخاصة بالنسبة للإناث، فهي تراه الطريق الصحيح للشعوب الراغبة في التحرر والتى تعاني ويلات التخلف والفقر والتطرف والجهل.

ولدت ملاله في 12 تموز/يوليو 1997 في وادي سوات بباكستان زرع والدها "ضياء الدين يوسف زاي" فيها حب المعرفة والعلم. لقد عانت منطقة وادي سوات كثيرًا من حركة طالبان فحاولت الحركة السيطرة على ذلك الوادي ومنع الفتيات من التعليم فكان نتيجة نشاطها التعليمي حصولها على جائزة نوبل في السلام عام 2014.

بدأت ملاله التدوين منذ فترة كبيرة على قناة الـBBC تحت اسم مستعار، ومنها انطلقت تدويناتها لتصف بها معاناة الفتيات وما يحدث فى منطقتها نتيجة نفوذ حركة طالبان. لقد ركزت ملاله على منع الإناث من التعليم وغلق مدارسهن وكان ذلك الاهتمام ناشئ نتيجة استنتاجها أهمية التعليم وأثره في تكوين شخصية الأفراد والتأثير على سلوكياتهم في المجتمع ومدى قوة المجتمعات قياسًا بقوة التعليم داخله. فمن يملك العلم يملك القوة ويستطيع أن يؤثر فيمن حوله.

لكن ذات يوم توقفت حافلة المدرسة وذلك في يوم 9 تشرين الأول/اكتوبر 2012 واقتحم الحافلة ثلاثة متطرفين من حركة طالبان في محاولة لاغتيال الطالبة التي لم يتعدَّ عمرها وقتها الخمسة عشر عامًا وكادت تلك الحادثة أن تودي بحياتها بعد إصابتها وزميلاتها بطلقات نارية أصابت رأس وجبهة ملاله. دفعت ملاله مقابل وقوفها ضد حركة طالبان ونفوذها في المنطقة بمحاولة اغتيال عبرت عنها في إحدى خطاباتها واصفةً إياه بـ: "الفكر مقابل الرصاص".

اقرأ/ي أيضًا: ما لا يسعك جهله عن التعليم المنزلي

بعد تعافيها من إصابتها وقفت ملاله وألقت خطابًا شديد الأهمية في الأمم المتحدة يمكن تلخيص صياغته فى جملة "ظنوا أن الرصاص سيسكتني". ولابد هنا أن نتوقف ونتعلم أن ملاله تدفع الثمن من أجل حق الإناث في التعليم لأنها ترى أنه من التعليم يبدأ كل شيء، فالمجتمعات والحضارات لا تُبنى على جهل مجتمع، بل يتغذى على هذا الجهل التطرف والبلطجة والفساد والسرقة وخداع الجماهير.

قدمت اليابان في خمسينيات القرن الماضي نموذجًا يحتذى به للدول الناهضة حديثًا بخاصة وأن اليابان كانت قد تحطمت تمامًا من آثار القنبلتين الذريتين، فأرسلت البعثات العلمية للاطلاع على ما وصل إليه الغرب، ومن هنا كانت البداية الحقيقية لليابان، وقد فعلت ذلك متأثرة بمحاولات محمد علي للنهوض بمصر ووضعها بمصاف كبار الدول في بدايات القرن التاسع عشر.

عندما يكون هناك خلل رئيسي في أضلاع المنظومة التعليمية فلا تبحث عن الناتج والمكمل لتلك المنظومة وهو "الطالب"

فإذا أردنا إصلاح مجتمع فيجب إدخاله في منظومة تزرع به العديد من القيم كالحريات والعدل والمساواة والحقوق والواجبات والإبداع والبحث العلمي ولا يوجد ماكينة واحدة يمر عليها جميع أطياف الشعب غير "منظومة التعليم"، وهى ذات الأثر الأكبر في حياتنا، سواء كان هذا الأثر إيجابيًا أو سلبيًا. كلنا نتذكر ما فعله المعلمون معنا داخل الفصول إيجابًا وسلبًا، فلابد أن هناك ولو "معلم واحد" أثر عليك في طفولتك ومراهقتك.

لعلنا نرى هنا الفارق بين أخلاقيات وسلوكيات أفراد المجتمع المصري بين فترة الخمسينيات والآن. الفارق واضح لصالح التعليم، ترتكز منظومة التعليم على أربعة أضلاع "الإدارة، المعلم، المنهج (الوسائل التعليمية)، الأبنية التعليمية". وعندما يكون هناك خلل رئيسي في أضلاع المنظومة التعليمية فلا تبحث عن الناتج والمكمل لتلك المنظومة وهو "الطالب".

إدارة غير محددة الأهداف، ومعلم غير مؤهل، ومناهج تعليمية أكل الزمان عليها وشرب، فلا تمت للواقع بصلة مع انهيار تام للأبنية التعليمية، وعدم كفايتها لإعداد الطلبة. فلابد أن نعيد النظر كاملًا في مدى جدوى التعليم في ظل غياب تام للأهداف المرغوبة من التعليم وعدم ملائمة تلك الأهداف مع الوسائل المتبعة في العملية التعليمية. وأختم بما قاله ألبرت أينشتاين "ليس لدي أي موهبة خاصة.. أنا فقط شغوف بالتعلم!"، هو ذلك الشغف الذي يجب زراعته في عقول الطلبة؟.

اقرأ/ي أيضًا:

الكتاب مع طلبة الجزائر في الشارع

4 مواقع تساعدك على تعلّم لغات جديدة