03-سبتمبر-2021

النجم الراحل مارادونا هو أبرز من ارتدى الرقم 10 (Getty)

انتهت حكاية برشلونة مع أسطورته وهدّافه التاريخي ليونيل ميسي بطريقة تراجيدية، فودّع البرغوت بالدموع النادي الذي أعطاه فرصة اللعب في أوروبا عندما كان يبلغ الثالثة عشرة من عمره، ليبدأ رحلة جديدة في باريس سان جرمان الفرنسي، ويجد الفريق الكتالوني نفسه بدون الملك الذي حمل الرقم عشرة منذ عام 2008، وقادهم إلى تحقيق عشرات الألقاب، ليتحوّل البلاوغرانا مع ميسي إلى العملاق الذي يخشاه الجميع في أوروبا، في الوقت الذي حقّق ميسي على المستوى الفردي خلال هذه الحقبة ست كرات ذهبية، أكثر من أي لاعب آخر في تاريخ الكرة.

مصير الرقم عشرة مع برشلونة في حقبة ما بعد ميسي بقيَ مثار الأخذ والردّ خلال الأسابيع الماضية، مع تعذّر حجب الرقم تكريمًا لميسي، لأن الأمر يخالف قوانين الاتحاد الإسباني لكرة القدم، وبعد تسرّب الإشاعات حول نيّة النادي منح الرقم عشرة للوافد الجديد ممفيس ديباي، ومن ثم لفرانكي دي يونغ، استقّر الرأي اخيرًا على اليافع أنسو فاتي جوهرة الفريق القادمة، الذي تأمل جماهير البلاوغرانا، أن يصنع مسيرة مظفّرة في النادي تذكّرهم بما قدّمه ليونيل ميسي في الكامب نو على امتداد السنوات.

للرقم عشرة في كرة القدم قصة طريفة، فخلال خمسينيات القرن لم يكن يكترث اللاعبون كثيرًا لمسألة الأرقام، وكانت  توزّع أحيانًا على اللاعبين بصورة عشوائية، فحصل الملك بيليه بالصدفة على الرقم عشرة في مونديال 1958 الذي استضافته السويد، وبعد المستوى المدهش الذي قدّمه يومها المراهق إبن الـ17 سنة، ونجاحه في إهداء بلاد السامبا لقبها التاريخي الأول، أصبح الرقم عشرة المطلب الأول للّاعبين المهاريين وصناع اللعب حول العالم، وبات مرتبطًا بالذكاء والحرفنة والتميّز.

يكتسي الرقم عشرة أهمية خاصة في نادي  برشلونة ، حيث حمله أبرز نجوم النادي على امتداد تاريخه، ابتداءً من الأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا، الذي بدأ رحلته الأوروبية من بوابة برشلونة، ولعب بين عامي 1982 و1984، بدون أن ينجح في ترك بصمة عظيمة، بسبب الإصابات المتكرّرة التي لحقت به، وصعوبة تأقلّمه في إقليم كاتلونيا، ومن أبرز اللاعبين الذين حملوا رقم عشرة مع البلاوغرانا، يبرز مدرب الفريق السابق بيب غوارديولا، الذي ارتدى القميص رقم عشرة في موسم 1991-1992، قبل أن يتخلّى عنه لصالح النجم الهولندي ريتشارد ويتزكي، ويتحوّل بيب للقميص رقم 4 الذي احتفظ به طوال مسيرته حتى اعتزاله.

 اقرأ/ي أيضًا: نهاية حزينة لأجمل الحكايات.. ميسي يرحل عن برشلونة

في موسم 1993-1994 منح مدرّب برشلونة يوهان كرويف القميص رقم عشرة، للنجم البلغاري هريستو ستويشكوف،  ليعود ويتخلّى عنه في العام التالي للنجم البرازيلي روماريو، شريك ستويشكوف في صدارة هدافي مونديال 1994 في الولايات المتحدة، وتناوب أربعة لاعبين على الرقم عشرة بعد روماريو، هم لويس كاريريس، روجير غارسيا، غابي، وياري  ليتمانين، ليعود الرقم ويذهب لبرازيلي آخر من جديد، هو ريفالدو، المتوّج بالكرة الذهبية في العام 1999، وصاحب المقصية الرائعة التي أهّلت برشلونة إلى دوري أبطال أوروبا 2002.

بعد ريفالدو حمل الرقم عشرة في برشلونة النجم الأرجنتيني خوان رومان ريكيلمي، الذي كان يُتوقّع منه أن يصنع الربيع في برشلونة، لكن خلافاته مع مدرب الفريق يومها لويس فان غال، وعدم تطابق وجهات النظر بينهما، جعلته يغادر الفريق من الباب الضيّق في العام 2005، ليرثه الساحر رونالدينيو الذي نثر سحره في أرجاء الكامب نو، فباتت الجماهيرتنتظر مباريات برشلونة، لمشاهدة ما سيقدمه اللاعب الأسمرالمتوّج بالكرة الذهبية في العام 2005.

في العام 2008، لم يكن رونالدينيو ضمن خطط المدرب الشاب يومها بيب غوارديولا، فغادر الساحر إلى ميلان، لكنه كان يدرك أنه سيسلّم الرقم عشرة لشخص قادر على حمل الأمانة بأفضل طريقة، وللّاعب الذي قال عنه رونالدينيو نفسه في العام 2005، خلال حديث مع صديقه كوبي براينت، أنه سيكون اللاعب الأفضل على الإطلاق. كان عمر البرغوت يومها أقل من 18 سنة!

خلال سنوات لعبه مع برشلونة، كسر ميسي كل الأرقام الممكنة، فأصبح الهداف التايخي  لبرشلونة وللدوري الأسباني، وأكثر من صنع أهداف في الدوريات الكبرى، وأكثر من سجّل ضربات حرة، ومن قام بمراوغات ناجحة، ومن أحرز أهدافًا من خارج منطقة الجزاء.

 يدرك أنسو فاتي أن الأنظار ستكون جميعها مسلّطة عليه، عندما سيطأ أرض الكامب نو للمرة الأولى بالقميص رقم عشرة، فهل سيعطيه الأمر حافزًا إضافيًا لشق طريقه نحو النجومية وتخليد إسمه مع أساطير برشلونة، أم سيكون رقم ميسي عبئًا ثقيلًا يضع عليه ضغوطات لن يستطيع تحمّلها ؟ السنوات القادمة ستحمل لنا الإجابة.

 اقرأ/ي أيضًا:

 أرقام مذهلة وألقاب صنعت تاريخ البارسا.. حصاد إنجازات ميسي مع برشلونة

 بالأرقام والحقائق.. هل تكلّلت رحلة كريستيانو رونالدو إلى اليوفي بالنجاح؟