17-أغسطس-2016

من سيخلف فيدرير؟(كليف برانسكيل/Getty)

هذه المقالة من إعداد ويليام سكيدلسكي، مؤلّف كتاب "فيدرير وأنا: قصّة شغف" يتحدّث فيها عن اثنين من لاعبي التنس الصاعدين ويتوقّع أنّ أحدهما سيخلف فيدرير بعد أن يعتزل عالم التنس.

لقد كانت الأشهر القليلة الماضية مثيرة لقلق محبّي هذا الرجل. ففي مطلع هذا العام، وبعد خسارته أمام نوفاك ديوكوفيتش في نصف النهائي في بطولة أستراليا المفتوحة، تعرض فيدرير لإصابة في الركبة أثناء ملء حوض الاستحمام لابنتيه التوأم، فأجرى عمليّة جراحيّة واضطر للتخلف عن ثلاث بطولات متتالية.

لقد كانت الأشهر القليلة الماضية مثيرة لقلق محبّي روجر فيدرير فقد تعددت إصاباته وغياباته عن كبرى المنافسات العالمية

كان من المفترض أن يعود للمنافسة في آذار/مارس الماضي، ولكنّ جرثومة معويّة حالت دون ذلك. ثمّ تعرّض لإصابة في الظهر جعلته غير قادر على المشاركة في بطولتين في آيار/مايو وأخرى في حزيران/يونيو الماضي (بطولة فرنسا المفتوحة، والتي يتخلّف عنها لأول مرة منذ 17 عامًا). وبين إصابة وأختها يظهر أنّ أداء فيدرير قد تراجع قليلًا.

اقرأ/ي أيضًا: ريو 2016: دورة انهيار نجوم كرة المضرب

لقد بلغ فيدرير الرابعة والثلاثين من العمر، وهو على أعتاب الشيخوخة في عالم الرياضة، وليس مستغربًا أبدًا أن تظهر عليه علامات التعب في هذه المرحلة، ومع ذلك يبدو الأمر غير عادي عند الحديث عن شخص بوزن فيدرير.

وبالرغم من أنّ هذه العلامات قد ظهرت متقطّعة في الآونة الأخيرة وأثرت على أدائه، إلا أنّه لم يغب عن المشاركة في البطولات لأي فترات طويلة، وكان دائمًا يمنح محبّيه من عشاق التنس الأرضي ذلك الشعور من ترقّب العودة المتوقّعة والقويّة، وكان هذا أحد الأشياء الجميلة في تشجيعه ومتابعته، تلك الثقة أنّه وإن خسر مرّة فإنّه سرعان ما سيعود أقوى وأجمل مما كان. لكنّ المحزن هذه السنة أنّ هذه الثقة بعودته قد تراجعت لدى المعجبين بفيدرير، وبدأت أعراض الانسحاب بالظهور عليهم.

ومع ذلك لم تخل تلك الفترة من الإيجابيات. فقد بدأت في غياب فيدرير بالاهتمام أكثر بلاعبين آخرين، وخاصّة أولئك الصاعدين الجدد في عالم التنس. كنت في الماضي حين أشاهد لاعبين جددًا أنظر إليهم لأرى إن كانوا سيشكّلون خطرًا على فيدرير (وهذه علّة من العلل التي تصيب المعجبين والمعجبات بأبطالهم)، ولكنّي تغيّرت قليلاً من هذه الناحية وبدأت أقدّر اللعب الجميل أكثر. يصعب عليّ أن أقرّ بأنّ اعتزال فيدرير قد بات قريبًا جدًا، ولكن ماذا سيحدث من بعده؟ لقد كنت في الماضي أتفادى هذا السؤال دائمًا، ولكن تلك الغيابات المتكررة الأخيرة له أرغمتني على مواجهة هذا السؤال والتفكير به مليًّا.

هنالك لاعبان اثنان هما الأسترالي نيك كيرغيوس والألماني ألكسندر زفيريف، يتوقع المتابعون لرياضة التنس أن يخلفا فيدرير

هنالك لاعبان اثنان من بين من بدأت أراقب في الآونة الأخيرة: الأول هو الأسترالي نيك كيرغيوس ابن الـ21 عامًا، والثاني هو الألماني ألكسندر زفيريف ابن الـ19 عامًا، مع أنّهما من ناحية المزاج والأسلوب على طرفي نقيض. فكيرغيوس هو جون ماكنرو هذا القرن: صلف ولا يحترم الآخرين وغير تقليدي تمامًا من الناحية الفنيّة. فهو مثل ماكنرو أسطورة في المهارة ومع ذلك فلا تستطيع أن تحبّه بسهولة. أما زفيريف فهو أكثر اتزانًا وأرقى أسلوبًا. ورغم طوله البالغ قرابة المترين إلا أنّه شديد المرونة. كما يندر أن يظهر انفعالاته. يمكن أن نقول إنّه بيورن بورغ هذا القرن، وهذا ما يجعلنا نتوقّع أنّه سيكون الغريم الأول في المستقبل لكيرغيوس.

ويمكن أن أتخيّل في غضون سنوات قليلة أن يسيطر كلا الشابّين على هذه اللعبة ويخطفا الأضواء، علماً أنّ اللاعب النمساوي الشابّ المتألق والصاعد دومينيك ثيم، والذي يتمتع بتلك الضربات الخلفية مذهلة السرعة، قد يخالف ما أتخيّله وأتوقّعه ويكون هو النجم الأول في عالم التنس.

اقرأ/ي أيضًا: الشقيقتان وليامز.. هكذا بدأت القصة!

يبدو أنّ زفيريف لاعب لا ريب أنّه سيشغل مكانة عظيمة في عالم التنس في المستقبل، حتّى أنّك تشعر أن لا شيء يمكن أن يقف في طريقه. أمّا مسيرة كيرغيوس الاحترافيّة فسأكون أقل جزمًا في تصوّر نجاحها في المستقبل، خاصّة حين أنظر إلى الغضب الذي يسمح له بتملّكه بدرجة قد تبدو أحيانًا مهلكة وقد تعود بالضرر على لعبه. أضف إلى ذلك أنّ تصرّفاته حتّى على المستوى الشخصي مع خصومه في الملعب في غاية الفظاعة (ولعل المثال الأقبح على ذلك حين أخبر خصمه ستان فافرينكا في الملعب، الصيف الماضي، أنّ تيناسي كوكيناكيس، وهو لاعب تنس أسترالي، قد "نام" مع صديقته). فالصورة التي تنطبع في ذهنك عنه أولاً هي صورة المضطرب المخبول، وإن كان البعض يرى أنّه يفعل ذلك عن وعي وقصد.

ولكنّي مع ذلك أرى أنّ كريغيوس بأسلوبه الحادّ والصداميّ في اللعب سيمثّل إن حالفه الحظّ ظاهرة جديدة في عالم التنس، وهذه ليست المرّة الأولى التي يتفوّق بها الأشرار في هذه اللعبة، مع أنّي لم أر أيّ لاعبٍ من قبل بهذه الشخصية العجيبة التي يمتلكها كريغيوس. أما زفيريف فأعتقد أنّه يمتلك القدرة على تحقيق خطوات كبيرة ومتّزنة في لعبة التنس، ولكنّه لن يقترح طريقة جديدة في اللعبة، ولعل هذا ما يجعلني أذهب إلى أنّ زفيريف هو الذي سيخلف فيدرير، فأسلوبهما متشابه إلى حدّ كبير.

صحيح أنّي لا أعرف يقينًا أيّ الاثنين سيخلف فيدرير، أو بالأحرى إن كان أي منهما سيكون خليفة الرجل، ولكن هذه هي المتعة في عالم الرياضة وأن تكون من عشّاق رياضة ما، إنها متعة التوقّع والارتقاب. فقد تجد في أحد اللاعبين كل ما تمقته وترفضه، ولكنّك قد تجد نفسك يومًا ما تشاهد واحدة من مبارياته، وفجأة تصبح أحد أشدّ المعجبين به، وتستيقظ في صباح اليوم التالي وأنت لا ترى أفضل منه.

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد 23 ذهبية..أين فيلبس من أهم الإنجازات الرياضية؟

رافاييلا سيلفا: من مدينة الإله إلى ذهب ريو 2016