11-نوفمبر-2022
كأس العالم

"Getty" تطوّرت تقنيات بث مباريات كأس العالم كثيرًا إلى أن وصلت لوضعها الحالي

مع اقتراب انطلاق مونديال قطر 2022، يستعدّ المشاهدون لعيش تجربة استثنائية ترفع من درجة الإثارة والمتعة إلى أعلى المستويات، في ظل التقنيات الحديثة في ما يخص البث التلفزيوني، من خلال جودة الإضاءة والصوت وخدمات النقل الحديثة، بالإضافة إلى كاميرات وزوايا التصوير المتعددة وإعادات اللقطات بدقة متناهية ومن زوايا واضحة، فيما ترصد العدسات أبرز تفاعلات الجمهور في الملعب لحظة بلحظة، ناهيك عن الاستديوهات التحليلية ومقاطع الفيديو والملخصات وما إلى ذلك.

كأس العالم

بالنتيجة فإن القيمين على كأس العالم في قطر، سيسخّرون كل ما توصلّت إليه التكنولوجيا الحديثة في عالم البث، التصوير، والتفاعل، لكي يعيش المشاهد خلف شاشته تجربة استثنائية في فيفا قطر 2022.

سياق طويل من تطور البثّ

عمليات البث التلفزيوني مرّت بمراحل متعددة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، ففي الوقت الذي نقوم به اليوم باختيار معلق محدد أو لغة محددة، ونتحكم بالألوان وأبعاد الشاشات، ولدينا رفاهية اختيار مشاهدة المباراة من المنزل أو من المقهى، وعبر التلفاز أو الهاتف أو الحاسوب المحمول، فإن أسلافنا عانوا كثيرًا للوصول إلى المباريات.

النسخ الأولى من كأس العالم لم تكن منقولة عبر التلفاز، وكل ما وصلنا منها هو مجموعة مقاطع فيديو سيئة الجودة التقطت بكاميرات رديئة، فيما تم بثّ مباريات بطولة 1934 عبر أثير الراديو للمرة الأولى، في 12 من الدول الـ16 المشاركة.

كأس العالم

التغطية التلفزيونية المباشر ظهر للمرة الأولى في مونديال 1954 في سويسرا، حيث نقلت بي بي سي بعض المباريات للمشاهدين في المملكة المتحدة، من بينها المباراة النهائية، والمباراة التي تلقت فيها إنجلترا خسارة مذلّة أمام المجر بنتيجة 3-6. البريطانيون شهدوا هذه الخسارة بالمباشر، وبالصوت والصورة. حصلت سويسرا يومها فقط على مبلغ 2،500 دولار أمريكي فقط مقابل حقوق النقل، المباريات كانت جميعها بتعليق كينيث ويلستنهوملي.

 في مونديال 1958 دخلت يورو فيجين إلى الصورة، مع معلقين اثنين، وهو نفس عدد معلقي بي بي سي. خارج بريطانيا كانوا يستمعون للمباريات عبر راديو بي بي سي، ثم يشاهدون الإعادة بعد يوم أو اثنين، بعد شراء الفيديو من بي بي سي، الأخيرة كانت قد خصصت برنامجًا يوميًا لتحليل المباريات وعرض مقاطع فيديو، يقدمه الإعلامي الشهير ديفيد كولمان. مرة أخرى لم يتم نقل جميع المباريات بل اختارت المحطتان مباريات محددة اعتبرت أنها الأكثر أهمية، مع العلم أن عدد كبير من المباريات في تلك الفترة كانت تقام في الوقت نفسه.

كأس العالم

أقيم مونديال 1962 في تشيلي، وقد تمكنت بعض الدول الأوروبية من مشاهدته، بعدما نقله القمر الصناعي الأمريكي تيليستار، كانت المباريات تصل متأخرة لبضع دقائق، والصورة رديئة بشكل عام، إلا أن نقل المباريات عبر الأقمار الصناعية عدّ يومها ثورة كبيرة في عالم الاتصالات.

في مونديال 1966 اتسعت رقعة المشاهدة، وزاد عدد المباريات المنقولة، ولم تعد تلعب مباريات نصف النهائي في التوقيت نفسه، فبات يمكن نقلهما تلفزيونيًا. الحدث الكبير يومها تمثّل بإدخال تقنية إعادة الأهداف والفرص المحققة، الأمر الذي تفاعل معه المشاهدون بإيجابية كبيرة.

ظهور الألوان في مونديال المسكيك

الحدث الأبرز في مونديال 1970 تمثّل باستخدام الصورة الملونة، بعدما عُرضت النسخ السابقة بالأبيض والأسود. استخدمت تقنيات تلوين تحاكي ألوان أقمصة اللاعبين، لكنها كانت متاحة فقط لأجهزة التلفاز التي تستقبل الألوان وليس الأبيض والأسود فقط.

كأس العالم

شكّل مونديال 1974 في ألمانيا نقلة نوعية هو الآخر، حيث تمّ عرضه في جميع أنحاء العالم تقريبًا وببث مباشر، ملايين المشاهدين شاهدوا المباراة النهائية بين ألمانيا وهولندا، بينما نقلت سبع قنوات أرجنتينية مونديال 1978 الذي استضافته بلاد التانجو، كانت الصورة بالأبيض والأسود، وشاهده بالألوان فقط المشتركين بقناة " شانيل تي في كولور " .

كأس العالم

استمر الوضع كما هو عليه في النسخ اللاحقة، مع الارتفاع الكبير في شعبية كرة القدم، وتسجيل نسب مشاهدات قياسية، وازدهر في الثمانينيات عالم الإعلانات والتسويق، فباتت الشركات تستخدم المونديال للترويج لمنتجاتها، وشهدت صناعة كرة القدم طفرة كبيرة. انتشرت صورة أيقونية في تلك الفترة، لمقاتلين لبنانيين في الحرب الأهلية، أخذوا " استراحة " لمشاهدة إحدى مباريات مونديال 1982.

عولمة كرة القدم

بعد انتهاء الحرب الباردة وانتصار الرأسمالية على الشيوعية، تعولمت كرة القدم بشكل واسع، وزاد عدد المشاهدين بشكل كبير، وأصبح المونديال أشبه بكرنفال يتابعه الجميع، حتى الذين لا يحبون كرة القدم كثيرًا. العدد التراكمي لمشاهدي مونديال 1994 في الولايات المتحدة، فاق الـ 32 مليار مشاهد، بينما بلغ عدد الذين شاهدوا مونديال 2002 في كوريا واليابان من خارج المنزل، أي من المقاهي والساحات العامة، حوالى 2,5 مليار شخص، مع العلم أن المونديال الأسيوي شهد تقنيات جديدة في التصوير، من بينها وضع كاميرات في الشباك، والتصوير الجوي.

كأس العالم

وكان جديد كأس العالم 2002 هو العمل بنظام التشفير التلفزيوني لأوّل مرّة في تاريخ البطولة، وفي مونديال 2010 في جنوب إفريقيا، استخدمت تقنية الـ " إتش دي " للمرة الأولى، وتم بثّ المباريات عبر الإنترنت، فأتيح للمشاهدين متابعتها عبر الهواتف والحواسيب المحمولة، في الوقت الذي تعد اللجنة المنظمة لمونديال قطر المشاهدين باستخدام تقنيات ومؤثرات مرئية وصوتية غير مسبوقة، ليكونوا أمام أجمل نسخ كأس العالم على الإطلاق.