27-يوليو-2023
gettyimages

بعد ساعات من احتجاز رئيس النيجر، أعلن عن تنحيته رسميًا (Getty)

استيقظت عاصمة النيجر نيامي على "محاولة انقلابية"، أعلن عن نجاحها في وقت متأخر من ليلة الأربعاء، بعد التمكن من عزل الرئيس المنتخب محمد بازوم، عقب ساعات من احتجازه في القصر الرئاسي.

وقال العقيد أمادو عبد الرحمن، الذي كان يجلس إلى جانب تسعة ضباط آخرين، في بيان له، إن قوات الدفاع والأمن قررت: "وضع حد للنظام بسبب تدهور الوضع الأمني ​​وسوء الإدارة"، وفق تعبيره.

قال البيت الأبيض مع تطور الوضع أن وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، تحدث إلى الرئيس المحتجز بازوم و "نقل دعم الولايات المتحدة الثابت"

وأضاف عبد الرحمن إن حدود النيجر مغلقة، وأعلن حظر تجول على مستوى البلاد، كما تم تعليق عمل جميع مؤسسات الجمهورية، وحذر من أي تدخل أجنبي.

وكان انتخاب بازوم أول انتقال ديمقراطي للسلطة في دولة شهدت أربعة انقلابات عسكرية منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960.

وبدأ الانقلاب، مع قيام الحرس الرئاسي باحتجاز الرئيس المنتخب محمد بازوم في القصر الرئاسي، ومنع العاملين من الدخول إلى القصر، في ظل تطمينات أن الرئيس وعائلته بخير، كما لم تشهد العاصمة نيامي اضطرابات من أي نوع، ما عدى تحرك عربات من الجيش نحو موقع التلفزيون وتوجه مجموعة عسكرية من القوات الخاصة المتمركزة في منطقة تيلابيري غربي النيجر إلى العاصمة نيامي.

قال البيت الأبيض مع تطور الوضع أن وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين، تحدث إلى الرئيس المحتجز بازوم و "نقل دعم الولايات المتحدة الثابت"، مضيفًا: أن "الشراكة الاقتصادية والأمنية القوية للولايات المتحدة مع النيجر تعتمد على استمرار الحكم الديمقراطي واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان".

تنا

وأضاف بلينكن: "لقد تحدثت مع الرئيس بازوم في وقت سابق من هذا الصباح، وأوضحت أن الولايات المتحدة تدعمه بحزم كرئيس منتخب ديمقراطياً للنيجر. ونطالب بالإفراج الفوري عنه. ندين أي جهود للاستيلاء على السلطة بالقوة. نحن منخرطون بنشاط مع حكومة النيجر، ولكن أيضًا مع شركاء في المنطقة وحول العالم، وسنواصل القيام بذلك حتى يتم حل الوضع بشكل مناسب وسلمي".

وقالت الأمم المتحدة، إن أمينها العام أنطونيو غوتيريس، تحدث إلى بازوم وعرض "دعمه وتضامنه الكاملين". ودعا جوتيريس "جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري".

وفي الأثناء، شهدت الساعات القليلة الماضية تواصل التنديدات الدولية والإقليمية بالانقلاب واحتجاز الرئيس بازوم مطالبة بالإفراج الفوري عنه  وإعادة العمل بالمؤسسات الديمقراطية.

الحرس الرئاسي في الواجهة

ما تزال الصورة غير مكتملة لحقيقة ما يقع في النيجر، لكن مصادر عدة تواترت على أنّ قائد الحرس الرئاسي الجنرال عمر تشياني هو الذي يقف وراء احتجاز الرئيس بازوم في القصر الرئاسي، وترجح مصادر أن السبب وراء قيامه بذلك هو سعي بازوم إلى إقالته، علمًا بأن تشياني يتولى منصبه منذ 10 سنوات وهو محسوب على الرئيس السابق محمد يوسوفو.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر وصفته بالمقرب من رئيس النيجر قوله إن ما وقع "تعبير عن الاستياء من جانب الحرس الرئاسي".

ووفقًا لوكالة رويترز فإنّ عربات عسكرية أغلقت منذ الساعات الأولى للمحاولة الانقلابية مدخل القصر الرئاسي، ومنعت كل من يحاول الوصول من العاملين إلى القصر أو مقرات الوزارات الواقعة بجوار القصر.

getty

إدانات إقليمية ودولية

تتالت الإدانات للانقلاب على السلطة في النيجر، وفي هذا الصدد أعلن رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يرأس أيضا هيئة رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أنّ قادة مجموعة الإيكواس "لن يقبلوا أي حركة تعيق شرعية السلطة وعملها في أي جزء من غرب أفريقيا"

وأعلن تينوبو أنه تشاور مع قادة غرب أفريقيا بشأن النيجر، قائلًا: "سنحمي ديمقراطيتنا التي عملنا بجهد لاستحقاقها".

ولم يتأخر بيان المجموعة الذي دان بأشد العبارات محاولة الانقلاب في النيجر، ودعا البيان من وصفهم بـ "المتآمرين وراء الانقلاب إلى إطلاق سراح الرئيس المنتخب ديمقراطيًا بشكل فوري ودون شروط".

وحمّلت الإيكواس في بيانها "الضالعين في محاولة الانقلاب المسؤولية عن سلامة الرئيس وأسرته وأعضاء الحكومة".

بدوره، أعلن رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي إدانة الاتحاد الأفريقي شدة "توجه بعض الجنود لزعزعة المؤسسات الديمقراطية في النيجر"، معتبرًا أن ما يجري "خيانة للواجب الجمهوري"، وحث الجنود على "التوقف فورا عن هذا التصرف غير المقبول"، ودعا المجتمع الدولي إلى "إعادة الجنود فورا ودون شروط إلى ثكناتهم".

دوليًا، أفاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك أنّ أنطونيو غوتيريش "يدين بأكبر قدر من الحزم أي محاولة لتولي الحكم بالقوة والمساس بالحوكمة الديمقراطية والسلام والاستقرار في النيجر"، و"يدعو جميع الأطراف المعنيين إلى التزام ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري".

بدوره، ندد الاتحاد الأوروبي بما يحدث في النيجر، وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الاتحاد "قلق للغاية" إزاء الأحداث الجارية في النيجر، وذلك بعد ورود تقارير عن محاولة انقلاب هناك.

وأعرب بوريل في رسالة عبر منصة تويتر عت "قلقه الكبير حيال الأحداث التي تجري في نيامي"، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي ينضم إلى مجموعة إيكواس في تنديدها بما يحدث".

وسارعت فرنسا، التي تتمتع بعلاقات قوية مع النيجر والرئيس بازوم، إلى إدانة المحاولة الانقلابية بشدة وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن "فرنسا قلقة للأحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع".

وأضافت الوزارة أن فرنسا تضم صوتها إلى "الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في دعوتهما لاستعادة وحدة المؤسسات الديمقراطية النيجرية".

يشار إلى أنّ النيجر تحت حكم بازوم استقبلت الجنود الفرنسيين الذين كانوا في قواعدها التي أغلقت في مالي وبوركينا فاسو.

ولم تتأخر الإدانة الأمريكية، حيث  دان البيت الأبيض "تقويض أداء حكومة النيجر المنتخبة ديمقراطيًا بقيادة الرئيس بازوم"، وطالب بالإفراج الفوري عن رئيس النيجر والكف عن استخدام العنف.

زكي وزكية الصناعي

كما أصدرت الخارجية الألمانية بيانا قالت فيه إن "الوضع هناك لا يزال غير واضح تمامًا. ونحن على تواصل مع سفارتنا هناك، ومع الشركاء الدوليين، وسنتخذ تدابير مناسبة بطبيعة الحال، إذا تطلب الأمر ذلك".

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية، إن من السابق لأوانه الحكم على الوضع هناك، لافتا إلى أن الجنود الألمان "آمنون في الوقت الحالي".

ويحتفظ الجيش الألماني بقاعدة نقل جوي في العاصمة نيامي لدعم المهام العسكرية في غرب أفريقيا، وتحظى هذه القاعدة بأهمية بالنسبة لعملية سحب القوات الألمانية الجارية من مالي المجاورة.

وللنيجر تاريخ مع الانقلابات العسكرية، حيث شهدت أربعة ناجحة، وعدة محاولات انقلابية لم يكتب لها النجاح، كانت واحدة منها ضد الرئيس الحالي بازوم قبيل تنصيبه بأيام في نيسان/أبريل 2021.

وبدأ الانقلاب، مع قيام الحرس الرئاسي باحتجاز الرئيس المنتخب محمد بازوم في القصر الرئاسي، ومنع العاملين من الدخول إلى القصر

ووقعت محاولة ثانية للإطاحة في بازوم، في آذار/ مارس من هذا العام أثناء وجود الرئيس في تركيا، وفقًا لمسؤول في النيجر.

وتحظى النيجر بأهمية استراتيجية في منطقة الساحل الملتهبة، حيث تستضيف عددًا من القوات الأجنبية الفرنسية والأمريكية والألمانية، كما تعد إحدى أغنى بلدان العالم بالمواد الأولية لاسيما اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية.