21-مايو-2016

(Getty)

هنالك الكثير من المناسبات التي تسعى خلال العام إلى تذكير الناس وزيادة الوعي لديهم بجدّية مخاطر الأمراض النفسية والعقلية. ففي نيسان/إبريل أسبوع كامل يخصص للتوعية بمرض الاكتئاب، وفي المملكة المتحدة تقوم منظمة الصحة العقلية بتنظيم العديد من الفعاليات التوعوية بين 16-22 أيار/مايو مع تعدّد الموضوعات التي يُسلّط عليها الضوء من عام لآخر.

التحدي الأبرز في التوعية بالاكتئاب هو أن أغلب الناس الذين لا يعانون منه سيكونون عادة غير قادرين على التعاطف مع المريض وربما يستخفون بمرضه

والهدف من هذه الفعاليات كما هو واضح أن يصبح الناس أكثر وعيًا بالأمراض النفسية كالاكتئاب، وأكثر قدرة على الاعتراف بوجودها في أنفسهم أو من حولهم. فهي أمراضٌ لا يملك عامّة الناس من غير المختصّين إلا فهمًا عابرًا إن لم يكن مغلوطًا في كثير من الأحيان عنها، خاصّة حين يخلط الكثيرون بين الحزن أو التوتّر والاكتئاب.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تتخلى عن مسكنات الألم؟

وحتّى المجتمع العلميّ من الأطبّاء لا يزالون حتّى اليوم يجادلون فيما إذا كان الاكتئاب علّة مادّية تعود إلى خلل في الخلايا العصبية للإنسان أو إنّها مجرد نمط سلبي للتفكير يمكن تغييره من خلال الإرشاد النفسي أو العلاج السلوكي.

انتشرت في الآونة الأخير تقارير عديدة من مختلف البلدان العربيّة تشير إلى ارتفاع ملحوظ يلمسه المراقبون في مشاكل الصحّة النفسية وخاصّة عند الشباب، وذلك بملاحظة مؤشّرات عديدة أهمّها المشاكل العائلية والعنف والعنف الأسريّ والمشاكل الدراسيّة وتعاطي المخدّرات والكحول، وبالتأكيد حالات الانتحار. ولعلّ التحدّي الأهمّ الذي يواجه العاملين في مجال العناية بالصّحة النفسيّة والناشطين الذين يحاولون زيادة الوعي بمرض كالاكتئاب على وجه الخصوص هو أنّ غالبيّة الناس الذين لا يعانون من الاكتئاب سيكونون عادة غير قادرين على التعاطف مع المريض ولا مساعدته على اتخاذ الخطوات الصحيحة للعلاج والأخطر من ذلك هو أنّ الكثيرين يستخفّون بأمر هذا المرض وصاحبه، خاصّة مع فوضى المعلومات الصحيّة غير المختصّة واختلاط الأمر على الناس بين العلم والخرافة والدين.

قد يظنّ البعض أنّ مريض الاكتئاب يتمارض وحسب وأنّ مشكلته تكمن في مزاجه العكر وسلوكه غير القويم، أو أنّه غير متديّن أو بالعكس متشدّد دينيًا، ولذا يصعب التعاطف معه والاقتراب منه. ولكنّ الاكتئاب أخطر من ذلك بكثير، إنّه أشدّ تعقيدًا وعمقًا من مجرّد الحزن والكمد، إنّه أشبه بانفجارات نفسية داخليّة تصيب المريض في مقتل. إنّ المصاب بالاكتئاب قد يصل في بعض الحالات المتقدّمة من المرض إلى أن يشعر بأنّه ليس إلا شبحًا بين الحياة والموت. يقول الصحفي والكاتب الإنجليزي تيم لوت: "فكّرت في إحدى المرّات أنّ أفظع تجربة مررت بها هي وفاة أمّي منتحرةً وأنا في الحادية والثلاثين من عمري، ولكنّ الأفظع من هذا بالتأكيد هو ما مررت به أنا نفسي من المعاناة مع الاكتئاب قبل انتحارها".

اقرأ/ي أيضًا: هل عليك التوقف عن تناول الغلوتين؟

إذن كيف نميّز بين الاكتئاب وحالات أخرى من الحزن الطارئ؟

قد تجد البعض يصف الاكتئاب بأنّه أشبه بالعيش بحلقة من الظلام، والبعض يرى أنّه في الاكتئاب لا يشعر بشيء، يشعر بأنّه بعيد عن ذاته، فارغ وخامل، ينسى كثيرًا ويخلط بين الأشياء ولا يقوى على التركيز. وقد جمع المختصون بعض الأعراض الأساسية للاكتئاب وأجملوها في النقاط الآتية:

الشعور باليأس وانعدام الحيلة

عدم الرغبة في اللقاء بأصدقائك أو المشاركة في أنشطة جديدة والابتعاد عن الأمور التي كنت تستمع بها

الشعور بالتعب والإعياء طوال الوقت

التغيّر الشديد في نمط النوم والطعام

عدم القدرة على التركيز والشعور بأنّ الأعمال التي كانت تسهل عليك في الماضي باتت أكثر صعوبة

عدم القدرة على التحكم بالأفكار السلبية مهما حاولت صرفها عنك

سرعة الغضب والتوتّر والعدوانيّة

الإفراط في التدخين أو الكحول وغيرها من أشكال السلوك الطائشة

يقول تيم لوت -الذي يعزو الفضل في توجّهه نحو الكتابة إلى تجربته مع الاكتئاب وكيف تخلص منه-: "إنّ الاكتئاب رعب مقيم في نفس من يعاني منه، رعب حقيقي قد يفصله عن الواقع في بعض الحالات المزمنة". ولا شكّ أنّ من يعاني منه يستحق التعاطف والمساعدة، وهما أمران لا يمكن أن نقدمهما له/لها إلا إذا فهمنا هذا المرض أكثر وامتلكنا الجرأة على الاعتراف بوجوده في حياتنا وحياة من حولنا.

اقرأ/ي أيضًا:

عادات للأشخاص السعيدين

8 عادات سيئة تقتل الزواج