31-أغسطس-2015

يفكر المشروع بالتدرج من المساعدة إلى خلق حالة تضامن (Getty)

"أنا أؤمن بالعدوى الإيجابية وأتخذها كمنهج، فلا أحد يملك الفكرة، كل شخص يساهم في عجن فكرة شخص آخر، فالأفكار الملهمة ممكن أن تغير مجتمع بأكمله". هكذا يقول الشاب محمود النابلسي، الذي يكاد يصبح من أكثر الشخصيات المعروفة في الأردن، ليس لأنه أصبح يشغل موقع مسؤول أو أنه أطلق أغنية "كسّرت الدنيا" مثل أغنية "انت معلم"، ولا حتى لأنه صاحب أكثر الصور انتشارًا على الانستغرام، بل لأنه بات عزوة لكل أردني محتاج.

يبحث الشارع عن كل شيء يشبهه

كيف بات عزوة؟ ببساطة استثمر مسيرته منذ العام 2002 في العمل التطوعي، ليخلق منذ أيام مشروعًا تطوعيًا خيريًا من نوع آخر. بات مشروعه حديث الشارع الأردني في مختلف المناسبات، الشارع وليس أروقة السياسيين وصالوناتهم، وذلك لأن الشارع يبحث عن كل شيء يشبهه تمامًا مثل مشروع "عزوتي" الذي أطلقه الشاب النابلسي.

"عزوتي" مشروع بسيط جدًا، وهو استنساخ لفكرة نشأت في إحدى الضواحي الإيطاليّة، حيث يقدم المطعم هناك القهوة للمحتاجين، من خلال شراء فنجاني قهوة. واحد للزبون والآخر لمن لا يملك ثمنه، فيما يقوم مشروع "عزوتي" غير الربحي على مطعم بكامله. يقدم الوجبات المنزلية من صناعة قرويات في محافظتي المفرق وعجلون في الأردن. وهناك، يشتري الزبون وجبتين، ليستلم واحدة والأخرى "يعزم" بها محتاج. يبدو هذا نبيلًا فعلًا، ويحاول المطعم استخدام طرق "غير جارحة"، كأن يكتب الزبون اسمه على قصاصة ورق صغيرة "إذا أراد"، ويدرج فيها أنه يرغب بعزيمة من يحب على هذه "السندويش" مثل "اللبنة المدحبرة".

يعتقد النابلسي أن معظم الناس في الأردن وخارجه يحبّون مشاهدة هذا النوع من المبادرات والأفكار القائمة على التكافل الإنساني. ليس مشروع "عزوتي" فحسب هو ما ترك النابلسي من أثر على أرض الواقع الأردني، فمحمود، الشاب الأردني، بدأ العمل التطوعي منذ العام 2002، وتطوع في منظمات كثيرة، ولديه سجل حافل في المنظمات الحقوقية. خبرة محمود في العمل والتنمية الشبابية وتطوير البرامج الشبابية بالنهج المبني على حقوق الإنسان، ساعدته كثيرًا في مشروعه.

بالإضافة إلى مشروعه، يكمل محمود الدراسات العاليا في تخصص التنمية الدولية والمستدامة في جامعة برانديس في الولايات المتحدة الأمريكية. رغم أنه يبدو من جماعة "الجمعيات الأهلية"، التي تعمل غالبها بأجندات غربية، منفصلة دائمًا عن الواقع المحلي، إلا أن محمود يبدو متفائلًا حين يقول "إن الحياة هنا ممكنة، باستغلال الوسائل والموارد المتاحة هي من أهم مفاتيح العمل التطوعي". برأيه، العمل التطوعي، يحدث فارقًا في حياة الآخرين في تأمين الاحتياجات الأساسية، بحسب هرم ماسلو، ومن الانتقال من مبدأ المساعدة إلى قيمة التضامن الاجتماعي والتكافل الاقتصادي. وإن كانت لغة محمود، هي نفسها لغة جمعيات المجتمع المدني، والتي تنفّر جزءًا كبيرًا من الناس، إلا أنه قريب ومحبوب من الناس، هذا ما تلحظه عند زيارته في مكان تطوعه.