05-مارس-2019

وقفة لصحفيين مغاربة اعتراضًا على محاكمة 4 من زملائهم (صحف مغربية)

يعيش الجسم الصحفي في المغرب غضبًا كبيرًا بسبب متابعة أربعة صحفيين وبرلماني، أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة الرباط، بتهمة نشر معلومات ليست خاطئة أو مضللة، بل صحيحة، لكن المدعين يقولون إنها سرية، دون أن يعلن مسبقًا بأمر قضائي سريتها! وهي معلومات عن لجنة تقصي الحقائق حول التقاعد بالبرلمان، تبعًا لشكاية تقدم بها حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض.

تتابع المحكمة الابتدائية في الرباط، محاكمة أربعة صحفيين مغاربة بتهمة "نشر أخبار صحيحة" بدعوى أنها سرية!

المحاكمة التي امتدت لعامين، التزم فيها الصحفيون الأربعة بحضور الجلسات، على أمل ألا تتجاوز القضية مرحلة الدفوعات الشكلية. لكن كل الآماني تكسرت، وذلك بعدما التمست النيابة العامة، في جلسة الخميس الماضي، من هيئة الحكم، السجن للصحفيين، رغم أن مدونة النشر في المغرب لا تتضمن عقوبات سجنية، وتكتفي بالغرامات المالية فقط.

اقرأ/ي أيضًا: في المغرب.. التدوين على فيسبوك قد يدفع بك إلى السجن بتهمة "الإرهاب"!

تسلسل المحاكمة

تعود تفاصيل المحاكمة إلى سنة 2017، عندما استدعت الشرطة القضائية أربعة صحفيين هم: محمد أحداد من جريدة "المساء"، وكوثر زاكي من موقع "لوسيت أنفو"، وعبد الحق لشكر من جريدة "أخبار اليوم"، وعبد الإله سخير رئيس تحرير موقع "الجريدة 24"، بالإضافة إلى المستشار البرلماني، عبد الحق حيسان، وتم التحقيق معهم حول مصدر الأخبار التي نشروها في المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها، والتي تخص لجنة تقصي الحقائق في البرلمان المغربي، والتي هي أخبار صحيحة.

استدعاء الصحفيين والاستماع لهم، وتقديمهم أمام المحكمة، أثار سخط الوسط الإعلامي المغربي، كون المقالات تضمنت معطيات عادية، ولم تأخذ أي طابع سري "خطير". لكن الصراع بين حزب الأصالة والمعاصرة المعارض وحزب العدالة والتنمية قائد الأغلبية، دفع رئيس لجنة التقصي، عزيز بنعزوز، من الأصالة والمعاصرة، بإعداد تقرير عن المقالات التي نشرت، معتبرًا أنه تم المس بسرية عمل اللجنة.

احتضن مقر نقابة الصحافة اجتماعًا طارئًا على خلفية محاكمة 4 صحفيين مغاربة

وعرفت مرحلة البحث أيضًا، تنصتًا على هواتف الصحفيين والبرلماني، إذ لجأت الفرقة الوطنية إلى طلب لائحة اتصالات الصحفيين من شركات الاتصالات التي يتعاملون معها، وأرفقتها بالمحاضر، وهو ما اعتبره الدفاع "مسًا بالدستور" الذي يمنع التنصت الهاتفي بدون إذن قضائي.

من جهته، حاول حكيم بنشماش إبراء نفسه من متابعة برلماني وأربعة صحفيين بالقانون الجنائي، مصدرًا بلاغًا، في شهر تموز/يوليو الماضي، يؤكد فيه أنه لم يرفع أي دعوى أمام القضاء لمتابعة مستشار برلماني وصحفيين، وإنما أحال مراسلة توصل بها من قبل عزيز بنعزوز، رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، إلى وزير العدل والحريات، يطلب فيها فتح تحقيق.

كوثر زاكي، وهي صحفية في موقع "لوسيت أنفو" المغربي، وواحدة من الصحفيين الأربعة، قالت في تصريح لـ"ألترا صوت": "وصلنا اليوم إلى مرحلة حاسمة في القضية التي أتابع فيها رفقة ثلاثة صحفيين وبرلماني، من طرف مجلس المستشارين، بتهمة نشر معلومات تخص لجنة تقصي الحقائق، وكلنا ننتظر قرار المحكمة الذي سيتم الافراج عنه خلال الأيام المقبلة".

أظهرت الصحفية المغربية تفاؤلها من قرار المحكمة المنتظر، قائلة: "نحن نؤمن باستقلالية القضاء، والقرار الذي ستعلنه المحكمة سينتصر للقانون طبعًا؛ فسيعاقبنا إن كنا مذنبين، أو سيبرؤنا إن كنا أبرياء. وما قمنا به هو عمل صحفي صرف اعتمادًا على مصدر، كما نفعل كل يوم في تعاطينا مع الأخبار".

توحيد الصف

المتابعة وحدت الجسم الصحفي المغربي، إذ احتضن مقر النقابة الوطنية للصحافة بمدينة الدار البيضاء، يوم أمس الإثنين، اجتماعًا طارئًا، بحضور عدد كبير من الصحفيين والمحامين، والفعاليات المدنية، من أجل التعبئة وتشكيل لجنة تضامن.

الصحفية المغربية كوثر زاكي
الصحفية المغربية كوثر زاكي 

وخلص الاجتماع إلى خطوات احتجاجية للجسم الصحفي بأكمله، تتجلي في تنظيم وقفة تضامنية، يوم الأربعاء المقبل، أمام المحكمة الابتدائية في مدينة الرباط، تزامنًا مع المحاكمة، بالإضافة إلى حمل الشارات الحمراء، في نفس اليوم، بجميع المؤسسات الإعلامية المغربية.

وقال الصحفي البارز في جريدة المساء محمد أحداد في تصريح لـ"ألترا صوت"، إن اللقاء الذي احتضنه مقر النقابة الوطنية، وحضره عدد كبير من الصحفيين والنقابيين والمحاميين والجمعويين، "حمل رسالة واضحة، هي أنه لا يمكن الالتفاف حول مدونة النشر وتكييف المتابعة بقوانين أخرى تتضمن عقوبات سالبة للحرية".

هذا وأدان الجميع الشكاية التي وضعها حكيم بنشماس ضد الصحفيين، واستغربوا من موقف النيابة العامة التي نصبت نفسها طرفًا ضد الصحفيين ودافعت بقوة عن عزيز بنعزوز رئيس لجنة تقصي الحقائق وحكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين.

كوثر زاكي، أحد الصحفيين الـ4 المحاكمين، لـ"ألترا صوت": "ما قمنا به هو عمل صحفي صرف، اعتمادًا على مصدر، كما نفعل في العادة مع أي الأخبار"

من جهتها ثمنت كوثر زاكي، الدعم المعنوي الذي قدمه زملاؤها من الصحفيين المغاربة، قائلة: "نقدر كثيرًا خطوة الدعم المعنوي الذي أقدمت عليه النقابة المغربية للصحافة الوطنية، وعيًا منها بمهنية الزملاء، وإيمان باستقلال السلطة القضائية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصحافة الإلكترونية في المغرب.. ضحية جديدة لتقنين قمع الحريات

الإعلام الحكومي المغربي.. قطيعة مع الواقع