11-نوفمبر-2015

ندوة صحفية للنواب المنشقين عن كتلة نداء تونس النيابية(سفيان الحمداوي/أ.ف.ب)

لا حديث للتونسيين هذه الأيام إلا عن أزمة حزب نداء تونس، فمن صوّتوا له ومن لم يصوّتوا، وأصدقاؤه وخصومه، كلهم يتابعون تطورات الأزمة من خلال وسائل الإعلام المحلية والأجنبية عسى أن يتبيّن لهم الخيط الأبيض من الأسود.

السيناريو الأخطر في تونس في الأيام القادمة هو تحوّل الصراع إلى الشارع وإرجاع البلاد إلى فوضى صائفة 2014

أما بالنسبة للمواطن التونسي البسيط، فاهتمامه بأمر الحزب الأول في البلاد ليس اختيارًا شخصيًا، بل هو مفروض عليه من قبل وسائل الإعلام، إذ كلما شاهد القنوات أو قرأ الصحف، هذه الأيام، وجد أخبار حزب النداء في العناوين الرئيسية. يتابع هذا المواطن إما خوفًا لأن البعض يصور انشقاق الحزب مهلكة للبلاد وضربًا لاستقرارها الضعيف أصلًا، وإما بحثًا عن الإثارة والفضائح التي يكشفها أطراف النزاع في الحزب.

أما السياسيون فجلهم ينتظر الانشقاق طمعًا في إعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، إذ أعلنت بعض الأطراف السياسية عن قدرتها على الحكم في إشارة إلى مرحلة ما بعد النداء وحشدت أخرى الشارع بعناوين اجتماعية فيما هي رسالة: "أنا موجود"، فيما تلتزم أطراف أخرى الصمت. طرف وحيد أبدى إلى حد الآن رفضه انشقاق حزب نداء تونس وعبر قياديوه في أكثر من مناسبة عن ذلك، إنه الحزب صاحب الكتلة النيابية الثانية والشريك في الحكومة الحالية، حركة النهضة.

الأكيد أن تونس ما بعد انشقاق حزب رئيس الجمهورية ستتغير فيها عديد المعطيات وكل "السيناريوهات" ممكنة، يمكن التنبؤ ببعضها ولكن تبقى أخرى مجهولة. أحد السيناريوهات أن تصبح كتلة النهضة النيابية الأولى في المجلس النيابي وبناء على الدّستور فإن رئيس الجمهورية يكلفها باختيار رئيس الحكومة وبتشكيل حكومة جديدة. لكن هذا السيناريو مستبعد لعدة اعتبارات ومنها أن حركة النهضة ترفض دخول الحكم من جديد كطرف رئيسي فتجربة الترويكا ليست ببعيدة، كما أن نداء تونس غير مستعد ليكون في المعارضة أو في أدنى الحالات أن يكون طرفًا ثانويًا في الحكم وهو الذي يُعرّف نفسه بأنه وريث بورقيبة.

السيناريو الثاني هو أن تتحالف كتلة النهضة (تسعة وستين نائبًا) مع كتلة نداء تونس المتبقية بعد الاستقالات والانشقاقات (أربعة وخمسين نائبًا) ليشكلوا أغلبية تدعم الحكومة الحالية أو أي حكومة أخرى مقابل تغيير بعض الوزراء ممّن لم ينالوا رضا النهضة وهو السيناريو الأقرب ما لم تتدخل الأطراف الأجنبية الرافضة للإسلام السياسي.

أما السيناريو الثالث فهو دعوة رئيس الجمهورية ضمن صلاحياته لانتخابات برلمانية مبكرة بعد فقدان حكومة الصيد للدعم والعجز عن إيجاد النصاب الكافي لدعم أي حكومة أخرى. وهو أمر مستبعد كذلك فمن جهة، تعلن النهضة دعمها للحكومة الحالية ومن جهة أخرى قد لا يخدم هذا السيناريو حزب نداء تونس أو ما تبقى من الحزب.

أما السيناريو الأخطر، في نظري، فهو تحويل بعض الأطراف السياسية الصراع إلى الشارع وإرجاع البلاد إلى صائفة 2014 عندما توقفت مؤسسات الدولة التشريعية والسيادية عن العمل ووصلت حالة الاحتقان أقصاها وما صاحب ذلك من عنف مادي واجتماعي، وهو وضع خطير حينما نضيف إليه خطر "تنظيم الدولة الإسلامية" والمعلومات الواردة من ليبيا عن تجميع مقاتليها تحضيرًا لهجوم إما على تونس أو على الجزائر. وحينما نضيف إلى كل ذلك وضعًا اقتصاديًا سيئًا للغاية، تقارب فيه نسبة النمو الصفر.

الوضع التونسي ليس معزولًا عن الوضع الإقليمي والدولي وتدخل الأطراف الدولية المتصارعة في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها كبير ومفضوح إلى حدّ ما، ولكنه وضع يأتي دائمًا بأخف الأضرار نظرًا للتركيبة الاجتماعية المتجانسة ولنقص الثروات في تونس مما يضعف الضغط والطمع الخارجيين وهو ما يغلّب التفاؤلُ عند الفئة الأكبر من الشعب التونسي.

اقرأ/ي أيضًا: 

المشهد السياسي التونسي.. تغييرات في الأفق

تونس.. رؤية في قانون المصالحة