17-أغسطس-2017

يواجه الصحفيون المصريون قبضة أمنية وانتهاكات واضحة (محمد الشاهد/أ.ف.ب)

يعتبر دليل السلامة المهنية للصحفيين الميدانيين أحد أهم المراجع الواجب على الصحفيين قراءتها بعناية وأخذ الإرشادات المذكورة على محمل الجد، من الواجب أن يعرف الصحفي المخاطر التي هو على مشارف خوضها حتى يتعلم أساليب السلامة وأدوات النجاة، خاصة في دولة كمصر تُصنّف على الجدول الدولي كمنطقة خطرة من الداخل، مما يجعل الدول تحذر رعاياها من زيارتها، ومما يزيد من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الصحفي الميداني أو حتى الباحث أو المهتم بالشأن العام المصري، وكان لحادثة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني صدى واسع في هذا الشأن.

يواجه الصحفيون المصريون قبضة أمنية وانتهاكات واضحة لم يسبق لها مثيل وفي تصاعد مستمر منذ اقتحام الأمن للنقابة

يواجه الصحفيون المصريون قبضة أمنية وانتهاكات واضحة لم يسبق لها مثيل وفي تصاعد مستمر منذ اقتحام الأمن المصري لنقابة الصحفيين في آيار/ مايو من العام الماضي، فقد وصل عدد الانتهاكات المُسجّلة في العام الماضي إلى 727 حالة انتهاك حسب تقرير مرصد "صحفيون ضد التعذيب" بما يعادل حالتي انتهاك بشكل يومي، وسجّل المرصد نفسه 150 حالة انتهاك ضد الصحفيين في الربع الأول من العام الحالي، بالإضافة للانتهاكات الجماعية المتواصلة بشكل يومي والمتمثلة في منع بعض الصحفيين من تغطية أحداث معينة أو التواجد بداخل المحاكم وكذلك حالات حجب المواقع الإلكترونية التي وصلت إلى 135 موقعًا محجوبًا أغلبها ذو طابع إخباري وصحفي، هذا ما استطاع المرصد توثيقه وتسجيله ما يعكس واقعًا أكثر سوءًا ورعبًا في مواجهة الصحفيين في مصر.

تعتمد لجنة القيد بنقابة الصحفيين شروطًا مجحفة لقبول طلبات الانضمام للنقابة، ولا تزال حتى الآن لا تعترف بالصحافة الإلكترونية والعاملين بها، ما يجعل أغلب الصحفيين الإلكترونيين والميدانيين أو الذين يعملون عملاً حرًا لدى مؤسسات صحفية غير مصرية غير مقيدين بالنقابة وما يجعلهم عرضة أكثر للمخاطر لعدم وجود كيان صحفي يطالب بحقوقهم في حال تعرضوا للانتهاكات.

نحاول في هذا التقرير إلقاء الضوء على بعض المشاكل التي قد يواجهها الصحفيون أثناء تغطيتهم الأحداث في مصر، والإجراءات الضرورية الواجب وضعها في الاعتبار لكي يحمي الصحفي نفسه من سوط الجلادين، وذلك اعتمادًا على ما رصدناه من الواقع المصري وما يتعرض له الصحفيون من ممارسات قمعية أو اعتداءات أمنية أو تنكيل من الأهالي والمواطنين في بعض الأحيان أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: من حجب المواقع إلى اختراقها.. هذه قصة خالد البلشي وعمرو بدر

تدابير وقائية للصحفي الميداني

تحدثنا مع الباحث الحقوقي محمود عبدالظاهر وهو عضو فعّال بالمرصد المصري للصحافة والإعلام "صحفيون ضد التعذيب" لمعرفة التدابير الواجب اتخاذها لتجنب مخاطر القبضة الأمنية. أشار عبدالظاهر إلى "ضرورة التزام الأمان الرقمي للصحفي الميداني، وضرورة حفظه للبيانات والملفات التي يعمل عليها في مكان آمن غير هاتفه الجوال مثلًا، وأن يهتم الصحفي بحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الخاصة على موقع "فيسبوك" لأنه في حال القبض عليه أو انتهاك خصوصيته ستصبح كل حساباته ورسائله متاحة للجهة الأمنية لاستغلالها في التنكيل به، لذا من الأفضل أن يغلق الصحفي الميداني حساباته الإلكترونية على هاتفه الجوال قبل أن يتجه إلى تغطية حدث ما".

كما وضح أنه "يجب أن ينتبه إلى حساسية قانون الطوارئ المطبّق في مصر، وأن يكون على دراية جيدة بطبيعة وإحداثيات المكان الذي ينوي تغطيته ومداخله ومخارجه والشوارع المحيطة به خاصة في حالات الاشتباكات الأمنية، وأن يعرف الأماكن العسكرية التي يمنع بها التصوير حتى لا يعرض نفسه لمخاطر المحاكمات العسكرية، وأيضًا من الواجب دراسة الطبيعة السكانية للمنطقة التي يغطي بها الأحداث حتى يحترم عادات السكان وتقاليدهم، وأن يعرف بطبيعة عمله كصحفي موضوعي فلا يبادر بإبداء رأيه وألا يشارك في الحدث الذي يغطيه، يجب أن يلتزم بمنطقة الحياد حفاظًا على أمنه، وأن يعلن عن هويته للجهة الأمنية في حال سُئل عنها ويؤكد على ضرورة التزامه بمعايير العمل الصحفي، وأن يترك رسالة أو خبرًا لأحد الأشخاص المقربين بوجوده في ذلك الحدث حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية إذا تعرض للاختفاء القسري".

يجب على الصحفي الميداني أن يكون على دراية جيدة بطبيعة المكان الذي ينوي تغطية حدث به خاصة في حالة الاشتباكات الأمنية

اقرأ/ي أيضًا: هدايا أبوظبي للقاهرة.. نظام جديد للتجسس على الإنترنت

تطبيق جديد لحماية الصحفيين على الهواتف الذكية

انطلاقًا من تلك المخاطر التي تهدد الصحفيين، يسعى المرصد المصري للصحافة والإعلام خلال أيام إلى إصدار تطبيق جديد يعمل على الهواتف الذكية بعنوان "صحفي" يهدف إلى حماية الصحفيين من الانتهاكات، يُسجل الصحفي حسابًا جديدًا على التطبيق، يذكر فيه اسمه وجهة عمله ويدوّن رسالة قصيرة تُرسل تلقائيًا، في حال تعرض للخطر، إلى ثلاثة أشخاص يقوم بتسجيل أرقامهم، وذلك عن طريق إجراء سريع بأن يجعل الصحفي هاتفه متصلاً بالإنترنت وتقنية تحديد المواقع ثم يضغط على زر الطاقة ثلاثة مرات متتالية سيشعر بالهاتف يهتز في يده فيضغط المرة الرابعة حتى ترسل رسالة الاستغاثة إلى أرقام الأشخاص الثلاثة مرفقة بتحديد المكان الذي أرسلت منه الرسالة، أو أيًا كان الإجراء التقني الذي سيطرحه التطبيق.

بهذه الطريقة يسعى التطبيق لحماية الصحفيين من الانتهاكات بتوفير أداة بسيطة لإرسال استغاثة سريعة حتى يستطيع المرصد توفير الدعم القانوني للصحفي والتواصل مع جهة عمله وإبلاغهم بتعرضه للخطر وتوفير الغطاء الإعلامي من أجل التضامن معه، ومعرفة آخر مكان تواجد فيه الصحفي قبل تعرضه للانتهاك حتى لا يتعرض لمخاطر الاختفاء القسري.

وبسؤال الباحث محمود عبدالظاهر عن الإجراءات المتخذة من المرصد المصري للصحافة والإعلام لحماية الصحفي من المخاطر الأمنية والاختفاء القسري، أوضح "أنه لا يوجد إجراء لحماية أي شخص من سطوة الدولة، نحن نعمل تحت مظلة القانون في مناخ انتزعت فيه تلك المظلة القانونية، كل ما نفعله هو توفير الدعم القانوني والصحفي، والسعي في الإجراءات القانونية المتعارف عليها، وإرسال التلغرافات إلى النائب العام".

وأضاف عبدالظاهر أن "التطبيق يساعدهم أيضًا في رصد حالات الانتهاك المتعددة وليس فقط في حالة الاحتجاز، فيمكن للصحفي التبليغ عن أي انتهاك تعرض له مثل المنع من التغطية أو سحب الكاميرا الخاصة به أو غيره من الاعتداءات عن طريق إرسال تدوينة قصيرة بوقائع الحادث من خلال التطبيق، كما أنه يزوّد الصحفيين بنصائح مستمرة لحماية أمنهم خلال العمل".

ويضيف عبدالظاهر أن المرصد المصري للصحافة والإعلام يعترف بصفة الصحفي لكل من يمارس مهنة الصحافة سواء كان عضوًا نقابيًا أو غير نقابي، كما أنه يعترف كذلك بالصحافة الإلكترونية وأهميتها، ويصدر المرصد إصدارات بحثية بشكل دائم لرصد حالة الصحفيين ومشاكلهم، كما أنه يعمل على إعداد توصيات لتقديمها لنقابة الصحفيين لإعادة صياغة شروط القيد بالنقابة، وتوصيات أخرى للسلطة التشريعية فيما يخص وضع الصحفيين والقوانين التي تحكم عملهم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرية التعبير في مصر.. خطوات نحو تشريع الانتهاكات وتقنين القمع!

في مصر.. إعلانات المعرفة في بلد التعتيم!