استقبلت الأمهات اللبنانيات، والأمهات الأجنبيات المقيمات في لبنان من لاجئات وعاملات، يوم عيد الأم العالمي هذا العام، في الوقت الذي تمرّ فيه البلاد بأزمة اقتصادية – اجتماعية مستمرة بالتفاقم، وفي وقت تعاني فيه الأمهات كافة أنواع المآسي من فقر وجوع وعنف منزلي، وحرمان من الأطفال بسبب قوانين المحاكم الأسرية، وفي وقت لا تزال فيه الأم اللبنانية عاجزة عن منح جنسيتها لأولادها. واكتملت الصورة القاتمة هذه السنة، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020، حيث خسرت عشرات الأمهات أبنائهن بسبب الانفجار، فيما ضاعف مرور أشهر عديدة على الحادث، بدون أن تكشف الدولة خيطًا واحدًا من خيوطه، ولم تزجّ بمجرم أو مقصر أو متواطئ واحد في السجن، لتزيد من قساوة هذه المعاناة، وتبقي نيران الغضب والقهر مشتعلة داخل صدور الأمهات.

شهد لبنان عدة فعاليات نسوية وتظاهرات احتجاجية بالترافق مع يوم عيد الأم العالمي

وقد تم تنظيم  تظاهرة احتجاجية انطلقت من منطقة بشارة الخوري في بيروت باتجاه المرفأ من قبل أمهات الضحايا، وحملن شعار "ارحلوا"، وطالبن السلطة الحاكمة بالرحيل. كما وجّه الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي التحية لأمهات ضحايا المرفأ. فقالت سارة زيدان إنه يجب على اللبنانيين أن لا ينسوا في هذا اليوم أن هناك أمهات خسرن أولادهن على إثر انفجار المرفأ، بدون أي سبب ما عدا الإهمال.

اقرأ/ي أيضًا: الصين تفرّق شمل عائلات الإيغور وتختطف أقارب الصحفيين للضغط عليهم

ولم يكن الحال أفضل بالنسبة لأمّهات المعتقلين والمخفيين قسرًا داخل السجون السورية منذ سنوات طويلة، بدون أن تصلهن أية معلومات عن أبنائهن طوال هذه الفترة، في الوقت الذي تتقاعس الدولة عن القيام بدورها ومطالبة النظام السوري بالكشف عن مصيرهم، بالرغم من أن الفريق الذي يحكم لبنان اليوم، يتباهى بعلاقته الجيدة مع نظام بشار الأسد.

اللّاجئون السوريون بدورهم عاشوا سنة صعبة في لبنان، بسبب جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، وبسبب استمرار الخطاب العنصري في وجههم ومحاولات بعض العنصريين تحميلهم مسؤولية الأزمة التي يعيشها لبنان. كما خسرت العديد من الأمهات اللاجئات أبنائهن في الحرب السورية، فيما تشتّت عدد كبير من العائلات بسبب عمليات التهجير الممنهجة، الأمر الذي قطّع أوصال هذه العائلات. 

 أما على صعيد قوانين العنف الأسري ومطالبات الأمهات بتعديل سن الحضانة، لا تزال الأمور على حالها هذا العام، بعدما شهد لبنان العديد من حالات العنف ضد النساء في العام المنصرم. وقد استغلت الأمهات والناشطات النسويات مناسبة عيد الأم، لإعادة تسليط الضوء على حقوقهن المهدورة، ووُجهت الانتقادات بشكل خاص إلى المحكمة الجعفرية المسؤولة عن البت في القضايا الأسرية عند أتباع المذهب الشيعي، والتي كانت على الدوام هدفًا للنساء المعترضات على القوانين الأسرية. وقد دعت الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية، إلى تظاهرة بمناسبة عيد الأم، أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، للتذكير بهذا الخصوص.

واستفادت حملة "جنسيتي" المدنية من مناسبة عيد الأم العالمي، لمطالبة الدولة اللبنانية من جديد بإقرار قانون منصف وعادل، قائم على المساواة  بين النساء والرجال على حدّ سواء. ويضمن حق النساء اللبنانيات بمنح الجنسية لأسرهن بدون أي تمييز أو استثناء. 

وبالحديث عن الأزمة الاقتصادية، نظّمت مجموعة من الأمهات في منطقة إقليم الخروب، مسيرة سلمية احتجاجية على الطريق البحري في الجنوب، وحملن لافتة كبيرة كُتب عليها "أنا أم وقلبي  موجوع وما رح أقبل ابني يجوع". 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التقرير السنوي لمؤشر السعادة: فنلندا الأولى وأفغانستان الأخيرة

الأمم المتحدة: الدول الأكثر فقرًا ستدفع الثمن الأكبر لجائحة كوفيد-19