02-سبتمبر-2018

نادية الجلاصي/ تونس

العمل أوردة خارج الجسد

لا أتذكرُ كلمة شاعرٍ إلّا وأنا أتصفحُ الهمّ عبر صفحات الفيسبوك

ﻻ أتذكرُ مرةً وأنا أعملُ منظّف دجاج بأن الرّوائح الدّسمة

من تلك اﻷماكن تنبعث على شكل هاوية في رأسي

لا أريدُ تذكير ذاتي بشهادتي الجّامعيّة ولا باﻷثمان الّتي عليَّ أن أبيعها وأنا أقلِّبُ جراح امرأة لا تمتلك حق شرائها لدجاج أبيض

ﻻ أتذكر كمية اﻷرباح بالضبط الّتي أعود بها للمنزل

ففي كل مرة أُخرج رزق عائلتي ثمَّة عائلة أخرى تحسُّ بالجّوع فلا أردُّ من يسعى إليَّ

لستُ كريمًا

لكنّي أراقب جبهة الجّوع المسرعة

أثمنُ اﻷناقة في كيس خبز فارغ

وأترجى النّساء أن ضعن كميّة اﻷموال المتبقية على حسابي

لستُ مستعجلًا حتى في اللحظات الّتي لا أعملُ فيها أو لا أستطيع أنْ أسدد رمق أهلي اليومي

غير إنّي دائمًا أحسُ بالرّضا يطرق أنين ذاتي

أهاااااا وأخيرًا حصلتُ على 5000 دينار المصرف انتهى وما تجود به يراعي سأظل شاكرًا إيَّها

لستُ مستعجلاً على الارتباط الاجتماعي

ولا أرغبُ أن أكوّنَ أسرة تشعر في يوم من اﻷيام بحالةٍ حرجة

جلُّ الّذي أرغبُ فيه ألا يخذلني الزّمني على بسطيّة الانتظار.

 

حكايا

كنت قبل برهة أفكرُّ في الأموال الّتي من المرجح امتلاكها لأجل تحسين وضعي المعيشي، تسيحُ الأكوانُ منّي، وغالبًا تسبقني الأفكار والطّرائق العجولة في سبيل فعل ذلك الأمر، ولتعجبي الدائم مما أشاهد به الآخرون، أعبرُ أن يكفيني دائمًا أن أسير بطولي فهذه الجائزة الأثمن في الحياة، لم تكن أضواء جسدي بعد مستعدة لتلقي الصّدمة، اليوم للمرة الأخيرة في مشواري المزعوم المواصلة فيه سأكتفي بوالدتي مناخاً ألوذ اليه وأُقبِّلُ يدها يوميًا فأشهد أن هذا أفضل رزق لي يا رب.

وأكتفي بكِ نعمة في الحياة... أمي

اليوم الرّابع على لا تواجدكِ في المنزل أفتقر إلى زقزقة صلاتكِ وتراتيلك وتسابيح الفجر، أحنُّ إلى صوتك الّذي يندهني مع جملة من الألم (هااااا يمه الله يساعدك)، ما زلت أبتكر حركاتكِ في الدّار حتى لا أشعر بالوحشة أو بضيق الصّدر، خمسة ليلًا صارت وأنتظرُ هاتفي يرنُّ ماما أحمد فأردد (ها يمه صدك جذب وين صرتِ).

أُمّاه ليت الشّعر أوسع من مداه

لابتغيت شيئًا واحدًا لكِ

أن ترتدي حقيقية غياب أبي.

 

اقرأ/ي أيضًا:​

أشباح منتصف الليل

كائن اُحادي الخلية