10-سبتمبر-2015

عيّن تشافي مدربًا لفريق الناشئين في السد القطري (محمد فرج/الأناضول/Getty)

لا تعتبر قضية احتراف اللاعبين الأجانب في الدوريات والأندية العربية عامةً، والخليجية خاصة، قضية جديدة. فالموضوع قديم قدم هذه الأندية، وشائك للغاية. فالدوري الكويتي، على سبيل المثال، الذي انطلق بداية الستينيات، شهد احتراف لاعبين أجانب منذ بدايته (أي منذ قرابة الخمسين عامًا)، ثم مُنعت الأندية الكويتية في وقتٍ لاحق من استقطاب اللاعبين الأوروبيين، ليسمح لهم من جديد بذلك في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. ومنذ ذلك الوقت يتزايد عدد اللاعبين المحترفين بالأندية الكويتية وسائر دول الخليج.

في الواقع، يختلف نظام الاحتراف في الدول الخليجية من دولة لأخرى، فبعض الدول تقدم التسهيلات لفرقها في استقطاب اللاعبين الأجانب، حرصًا منها على وقف عمليات التجنيس التي تتم بدافع التلاعب والحصول على كم أكبر من اللاعبين الأجانب المحترفين (السعودية مثلًا سمحت أخيراً بضم حارس مرمى أجنبي لكل نادي سعودي، الأمر الذي لم يكن مسموحًا من قبل)، وبعض الدول تحاول أن تعقد عملية الاستقطاب، مثل قطر، التي قللت عدد اللاعبين المحترفين المسموح بهم في موسم الـ2014-2015 إلى ثلاثة لاعبين فقط، رغبةً منها بدعم اللاعبين القطريين استعدادًا لمونديال 2022 الذي ستستضيفه.

في جميع الحالات، وسواء دعم اتحاد كرة القدم مطالب الأندية المتجسدة بضم اللاعبين الأجانب أو لم يدعمهم، فإن الحال لن يتغير، ولن تجد إدارة النادي صعوبة بتجنيس اللاعبين الذين ترغب بضمهم، بل إن بعض الدول ستدعم عملية التجنيس هذه، رغبةً منها بالحصول على منتخب أكثر قوة.

ما الذي يستطيع أن يقدمه لاعب كرة قدم في أواخر الثلاثينيات من عمره؟

لهذه الأسباب، وبسبب استقطاب "عجائز" أوروبا وأمريكا الجنوبية، غير القادرين على العطاء، يخسر الكثير من اللاعبين الخليجيين والعرب فرصة احتراف الكرة. وقد يرى البعض أن هذه النظرة اختلفت مع حلول العقد الثاني من القرن الحالي، حيث بدأت الأندية الخليجية تسعى وراء خدمات اللاعبين العرب المحترفين في أوروبا، ولكنها خطوة غير كافية، فالمواهب العربية موجودة وينبغي الإهتمام بها.

ولكن، وبعيدًا عن الاختلاف العرقي والانتماء، ما الذي يستطيع أن يقدمه لاعبٌ في أواخر الثلاثينيات من عمره؟! حسنًا، ثمة جوانب تسويقية في الموضوع، وينبغي الاعتراف لذلك. واللاعبون كشافي هرنانديز مثلًا، لديهم سمعة طيبة يمكن الاستفادة منها في البلاد العربية، إضافةً إلى قيمتهم المعنوية. لكن، يجب أن يكون معلومًا، أن الأندية الأوروبية تجتهد للتخلص من لاعبيها عندما يتخطون عتبة الثلاثين، بينما تجتهد أنديتنا للتعاقد معهم. وبينما يودع جماهير برشلونة تشافي هيرناندز بعد أن قدم كل ما لديه مع النادي ومنتخب بلاده، تستقبل جماهير السد القطري الموهبة السابقة. لكن هذا طبيعي، فالكرة العربية بحاجة إلى وقت طويل لتقارع برشلونة.

بمعزلٍ عن التسويق، سؤال يطرح نفسه: ماذا قدم راؤول للسد القطري؟ وماذا قدم ريفلينو وفيليب كوكو وآخرون من اللاعبين الذين كلفوا خزائن الأندية الخليجية الملايين؟ هل استطاع الهلال مع ريفلينو الوصول إلى العالمية؟ وهل استطاع راؤول السد القطري أن ينافس راؤول الريالي؟ ربما، يتوجب على الدوريات الخليجية، وهذا من باب الحرص عليها، أن تستثمر في اللاعبين الشباب لجعل دورياتها أكثر قوة واحترافية.

يتوجب على الدوريات دعم اللاعبين العرب ومنحهم فرصة أكبر للمشاركة

إن الإجابة على هذا السؤال يكمن بفهم طبيعة رياضة كرة القدم بذاتها، هذه الرياضة التي تتطلب من اللاعب إمكانيات ومهارات ولياقة، ولا تكفي نجومية اللاعب لتصنع الفارق، فاللاعب تنتهي صلاحيته عندما يفتقد جسده اللياقة والمهارة التي كان يتمتع بها. وصفقة التعاقد مع النجم الثلاثيني مضرة من جميع النواحي، فهي من ناحية صفقة منتهية الصلاحية، ومن ناحية أخرى تضعف ثقة اللاعبين المحليين بأنفسهم باعتبارهم لاعبين من الدرجة الثانية في فريقهم، والمستفيد الوحيد من هذه الصفقة هو اللاعب النجم، الذي ضخ في رصيده المزيد من الأموال، بدلًا من أن ينهي مسيرته الكروية. غير أن هذا ليس شائعًا عربيًا وحسب، إنما يحدث في الدوري الأمريكي أيضًا.

ولكن إذا ما نظرنا إلى الصفقة التي أبرمها نادي السد القطري مع تشافي هيرناندز، أخيرًا، سنجد أن ثمة بندا جديدا، يبدو أنه جيد، فالنادي لم يستقطب اللاعب ليلعب وحسب، بل أراد منه أن يكون مدربًا لفريق الناشئين، وهذا البند يبدو لمصلحة الجيل المقبل، إذا كان تشافي المدرب بكفاءة تشافي اللاعب. يمكن القول إن هذا البند: "ضربة معلم".