18-أغسطس-2015

باريس سان جرمان ضدَ برشلونة، لكن في كرة اليد (فرانك فيف/أ.ف.ب/ Getty)

سِحرُ كرة القدم وجنونها، يبعد عن أنظار محبي الرياضة حول العالم جمال الرياضات الأخرى وتميّزها، فتغدو مظلومةً بعيدةً عن اهتمامات الجماهيرِ، وبالتالي الاستثمارات والمعلنين، كرة اليد مثالًا. إنها من أجمل الرياضات وأكثرها سحرًا، ولكنها بالمقابل من الأكثر تعرضًا للظلم، جراء بُعد الجماهير عنها وعدم الاهتمام بها كما يلزم.

جمالٌ مظلوم

أهميّة وجُود عقوبة اللّعب السلبي في كرة اليد تكمن في أنها تجعل المبارة أسرع بما يَمنع المَلل ويعطي جماليِّة أكثر للأداء هجوما ودِفاعا

 كرةُ اليد هي لعبة جماعيّة تختزِنُ من السّحِر الكثير، وفيها من الجمالية والفنيَّات بقدر ما فيها من القوّةِ والسرُعة والحرَكة، كما تتضمّن الكثيرَ من روحِ الفريق والتعاون في الهجوم والدفاع، وتحتاج إلى الحضور الذهنيّ كما البدني كي تؤدّي غَرَضَها نحو مُتعة الجماهير واللاعبين في آن.

إنها لُعبةٌ "تلعب بالرجلين أَكثر مما تُلعب باليدين"، كما يقول أحدُ العارفين بها، في تأكيد على ما تحتويه من السُرعة والقوّة في الدفاع والهجوم بالإضافة إلى القدرةِ على التحمُّلِ بما فيها من احتكاكاتٍ لا تخلو من العُنف أحيانًا حتى يعتقد البعض أنها تلامس "الرَكبي"، وإن لم تصل قسوتها إلى حد الخطر.

روحُ الفريق

 يتألّف كلُّ فريقٍ من فرق كرة اليد من سبعة لاعبين على أرض الملعب ومثلهم على مقاعدِ البُدلاء، والسبعةُ يوزَّعُون إلى حارس مرمى وستة لاعبين، بينهم ثلاثة يلعبون في مراكز الخطِّ الخلفيّ، أي صانع ألعاب وضاربين، أيمن وأيسر، وثلاثة في مركز الخطِّ الأمامي، أي لاعب الدائرة أو ما يُعرف بـ"الارتكاز" وجناحين، أيمن وأيسر، كما قد يُنَوِّع مدرب الفريق فيلعب أحيانا بلاعبي دائرة مستغنيًا عن أحد اللاعبين من الخط الخلفي أو الأمامي.

أما في الدفاع فتَتَنوّع الخِطط بحسب أفكارِ المدرب وحِساباتِه، وبحسب قُدُراتِ الفريق، ففي حين يعتمد بعض المدربين على الدفاع "6 - 0" عندما يمتلكون في فريقهم لاعبين بقامات طويلة وضخمة في الدفاع، قد يختلف شكل الدفاع الى "5 -1" أو "4 - 2" أو "3 - 3" أو "3 - 2 - 1"  بحسبِ حِسابات المدرب وسرعة اللّاعبين الذين يستطيعون التحرك بأرجُلِهم بأقوى سرعة ممكنة، كلاعبي كرة السلة مثلاً التي تعتمد كثيرًا على هذا النوع من الدفاع السريع الذي قد يصل أحيانا إلى اعتماد منطق الدفاع رجل لرجل "man to man".

 بالإضافة الى أنّ لكرة اليد قوانينها الخاصة التي قد تتشابه أحيانًا مع بعض الألعاب الجماعية وقد تختلف في أحيانٍ أخرى، ففين حين أن التبديل مفتوح للمدربين في مباريات كرة اليد، يمكن للاعب الذي يلتقط الكرة السير بها ثلاث خطوات وبعد ذلك يتوجب عليه إما التمرير أو "تنطيط" الكرة على الأرض، وبعد "التنطيط" لديه ثلاث خطوات أخرى وبعدها يجب عليه إخراج الكرة من يده.

في كرة اليد ثمة أشكالٍ عديدةً للعقوبات التي تتدرج بحسب حجم الخطأ المرتكب، فمن البطاقة الصفراء إلى إخراج اللاعب لمدة دقيقتين إلى البطاقة الحمراء، كما أن اللاعب الذي يحوزُ 3 مرات عقوبة الدقيقتين يتوجب إخراجه بالبطاقة الحمراء.

عقوبة "اللعب السلبي" بما يخدم "إيجابية" اللعبة

من الأحكام الخاصة بقانون لعبة كرة اليد عقوبة اللّعب السلبيِّ، التي يحتسبها الحكم ضد الفريق المهاجم إذا ما رأى منه تخاذُلاً أو تباطؤاً ملحوظاً لتضييع الوقت، أو إذا ما طالت الهجمة من دون القُدرة على التسجيل نتيجة قوّة دفاع الخصم، والحكم هو الذي يستنسب مُدّة الوقت قبل احتساب اللعب السلبيّ، وعادةً يكون بحدود الدقيقتين أو أكثر بقليل، ويكون التحذير باللعب السلبي من قبل الحكم برفع يده إلى الأعلى لإعلام الفريقين بوجود لعب سلبي. وأهميّة وجُود عقوبة اللّعب السلبي تكمن في أنها تجعل المبارة أسرع بما يَمنع المَلل ويعطي جماليِّة أكثر للأداء هجومًا ودِفاعًا، لذلك فكرة كرة اليد الحديثة اليوم من الناحية الهجوميّة تعتمد على السرعة والخطط التي تمنع إيقاف الكرة وتعطيلها بيد لاعب واحد وتوجِب تمريرَها سريعًا للاستفادة من الفراغات التي يُحدِثُها اللِّعب السريع في خَطِّ الدفاع، بينما الدفاع القوي هو الذي يعطل الكرة أكبر فترة ممكنة بما يعطل خطط الخصم ويرهق لاعبيه.


فرنسا الأولى عالميًا وقطر الأولى عربيًا

تعتبر أوروبا الخزان الأساسي للمنتخبات والفرق واللاعبين على مستوى العالم، وهي التي تسيطر على أغلب البطولات العالميّة، فمن فرنسا وألمانيا وإسبانيا ودول الاتحاد السوفيييتي سابقًا وصولا إلى الدول الاسكندنافية وغيرها من منتخبات القارة العجوز، فإنّها جميعًا تعتبر المنبعُ الأساس لكرة اليد من لاعبين ومدربين على أعلى المستويات، بالإضافة إلى بروز فرق جيدة ولاعبين على مستوى عال أيضًا في بلدان أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين وشمال أفريقيا كمصر وتونس والجزائر وبعض الدول الآسيوية ككوريا الجنوبية واليابان وقطر وإيران.

رغم كل ذلك ما يزال الاستثمار في كرة اليد أقّل بكثير من الألعاب الرياضية الجماعيّة، ككرة القدم وكرة السلة، وربما تعود الأسباب هنا إلى غياب الاهتمام الإعلامي الكافي بها أُسوةً بغيرها أو لصعوبة تعلّمِها لدى البعض، وحتّى لِغِياب اللَّهف الجماهيري نحوَها، ما يدفعُ إلى توجيه الأجيال باتجاه ألعاب أكثر شهرة وأكثر حصدًا للأموال وجذبًا للمعجبين.