خلف متِراس الأسنان

لا تُلفظ أية كلمة

  • الشاعر الإيراني نصرت رحماني

 

لو كان حرفًا

كان سيكون حرف الثاء

رابع حرف في الأبجدية

- في الملاكمة يفوز صاحب المركز الرابع بميدالية أيضًا -

وبثلاث نقاط كاملة يستريح تحتها كفيء

إذا فقد نقطة يصبح تاءً

ويتقدّم بمركز واحد

وإذا فقد نقطتين

يجلس على النقطة المتبقية فيصبح باءً

ويتقدّم بمركزين

لطالما سحره حرف الثاء

بثلاث نقاط كاملة يستريح تحتها كفيء

وبلسان بالكاد يخرج من بين الأسنان

كان هذا مناسبًا جدًا للصورة التي رسمها لنفسه الخجولة والمتوجسة:

لسان بالكاد يخرج من بين الأسنان

أحلامه كانت بسيطة وواقعية

كأن يشهد فقط بداية الأشياء المثيرة

تحديدًا اللحظة التي تسبق امتزاج العطر برائحة الجلد في

الثروة

والثورة

والثياب

والثقب

والثعلب

والثمرة

والثمن

والثوم

والثانية

وفيما يربط ما بين الأشياء في ثمّ وثمّة

غير أن كابوسًا غريبًا كان يلازمه منذ الطفولة

منذ أن نطق حرف الثاء لأوّل مرّة بسهولة مثيرة

فلم يسخر منه أحد

وتُوّج بطلًا يحمل على الأكتاف والألسنة

كابوس أن يفقد نقاطه الثلاث دفعة واحدة

فيستحيل سينًا

يقضي باقي عمره خلف متراس الأسنان المغلقة.

*

يعيش في علبة

كحذاء لا يشتريه أحد

لكنّ أقدامًا كثيرة تجرّبه في محلّ بيع الأحذية

أقدام كثيرة تعده بالطرقات التي لا يعرفها

برائحة الزفت الطازجة

بالإسفلت النظيف

بالبلاط المكسور

بالغبار

بالمطر

بالطين الذي تشكّل للتّو

بمسَّاحة الأحذية عند مدخل البيت

برائحة براز الكلاب في الحي البرجوازي

بالسجادة

بالموكيت

بالسرير في الفندق

بالكنبة في بيت الأصدقاء

بمغامرة الأمير وهو يبحث عن قدم سندريلا

برائحة الجوارب الجديدة

برائحة الجوارب القديمة

برائحة التعب في نهاية يوم طويل

بألم المرّة الأولى والضِّمادة على الكاحل

برائحة الوحدة حين تتجه امرأة بمفردها إلى الباركينغ بعد انتهاء الحفلة في وقت متأخر

بيدين ناعمتين تحملانه حين تقرّر فجأة المشي حافية

وفي قلبه، حين تمدّدتا تمامًا

فارتفع جسدها بضع سنتمترات عن الأرض

كطير يقترب من البحيرة

حين شعرتا بالارتياح بداخله

فجربت بضع خطوات متردّدة أمام المرآة

كانت قدماها تعدانه برائحة البداية

كانت قدماها تعدانه برائحة طلاء الأظافر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هذا الصباح الجميل سيصير غابة

وأخبرني بأن الحُب نورٌ