24-سبتمبر-2019

الكاريكاتير المسيء

الترا صوت – فريق التحرير

مرة أخرى، تجددت العنصرية في لبنان، مستهدفةً اللاجئين السوريين على أراضيها، مع حَدَثين عنصريين، برزا في يومين متتالين بالتزامن مع تصريحات المسؤولين اللبنانيين التي تدعو لإعادة اللاجئين إلى المناطق الحاضعة لسيطرة النظام السوري، بذريعة أنها أصبحت "آمنة"، رغم عديد التقارير الأممية والحقوقية الموثقة لاختفاء الغالبية العظمى من الشبان الذين أُعيدوا قسرًا بعد اعتقالهم من قبل قوات النظام السوري على المعابر الحدودية.

فصل جديد من العنصرية ضد اللاجئين في لبنان، تمثل في كاريكاتير عنصري ومسيء للاجئين نشر على قناة OTV التابعة للتيار الوطني

السوريون في لبنان.. ممنوعون من الدفن والتعليم

الفصل الجديد من العنصرية المفتعلة بحق اللاجئين السوريين في لبنان، بدأ قبل نحو يومين، بعد تداول النشطاء خبرًا على مواقع التواصل الاجتماعي يفيد بإقدام مواطن من بلدة عاصون في قضاء الضنية بشمال لبنان، بإجبار عائلة سورية على نبش قبر طفلها (4 أعوام)، لإخراجه من المقبرة بذريعة ضيق مساحتها المحصورة فقط بسكان البلدة اللبنانيين، وأشار النشطاء إلى أن العائلة دفنت طفلها بعد إخراج جثمانه في بلدة أخرى في سير الضنية في محافظة عكار.

اقرأ/ي أيضًا: جريدة النهار اللبنانية.. لا حياد عن العنصرية!

 

 

 

 

أما ثاني فصول العنصرية المتجددة ضد التواجد السوري في لبنان، فكانت أول أمس الأحد، عندما بثت قناة OTV اللبنانية، التابعة للتيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، رسمًا كاريكاتيريًا لأنطوان غانم، يظهر تفاجؤ طالبين لبنانيين أمام باب أحد المدارس، بلافتة كتب عليها: "نعتذر منكم.. المدرسة مفوّلة (مملتئة) سوريين وعراقيين وفلسطينيين وهنود وزنوج وأحباش وبنغلادشيين".

 

 

وجاء نشر الرسم العنصري عبر شاشة OTV، ردًا على تغريدة وزير التربية والتعليم اللبناني، أكرم شهيّب، التي قال فيها أنه: "رغم كل التحديات لن نسمح ببقاء أي طالب خارج المدرسة في لبنان مهما كانت جنسيته وسنسعى لتأمين التعليم الشامل والعادل للجميع، فحق الإنسان بالتعلم حق مقدس تكفله كافة المواثيق والشرائع الدولية"، ما أثار حفيظة غانم، الذي كتب على الكاريكاتير، مستنكرًا: "بعمر شفت لبناني أكرم من هيك؟!".

 

 

من باسيل إلى OTV.. عنصرية واحدة

وعند الحديث عن موجة العنصرية المتزايدة ضد اللاجئين السوريين في لبنان، لا يمكن تجاهل تغريدات وزير الخارجية جبران باسيل، الذي يستمر بنشرها يوميًا عبر حسابه الرسمي على تويتر، والتي يشير فيها، كما في تغريدته المنشورة يوم الجمعة الماضي، إلى أن: "الأزمة السورية كلفت لبنان الكثير: أكثر من مليون ونصف مليون نازح على أرضه، أكثر من ألف مخيم عشوائي بين بلداته، وأكثر من 30 مليار دولار خسارة باقتصاده".

 

 

وتتناقض تغريدات باسيل التي تتحدث عن خسائر لبنان الاقتصادية نتيجة التواجد السوري، مع الأرقام الصادرة عن المنظمات الأممية، في الوقت الذي تزيد من تغذية موجة العنصرية المرتفعة ضد السوريين الذين لجؤوا إليها، ولم تسعفهم الظروف الاقتصادية الصعبة باللجوء إلى الدول الأوروبية عبر البحر. 

ومطلع العام الجاري، صرح المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي، بأن "الاقتصاد اللبناني كان سينهار لولا تواجد اللاجئين السوريين على أراضيه".

ويتواجد في لبنان ما يقدر بـ1.5 مليون سوري، فيما تشير الإحصائيات الأممية إلى تواجد 940 ألف سوري، وتقول الإحصائيات التي تدرس أوضاع اللاجئين الاقتصادية في لبنان إن 69% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 51% يعيشون فقرًا مدقعًا، إضافة إلى أن 35% من العائلات السورية تعيش ضمن أماكن غير إنسانية أو غير صالحة للسكن.

كما أن 37% من العائلات، يحصل الفرد فيها على 27 دولار شهريًا بمعدل 135 حتى 150 للأسرة المكونة من خمسة أو ستة أشخاص. كما أن أكبر مبلغ تتلقاه العائلة السورية من المساعدات الإنسانية يبلغ 310 دولار، ونسبة العوائل التي تحصل على هذا المبلغ لا تتجاوز 19%، وهي العوائل التي فقدت معيلها في الحرب السورية. فيما تبلغ العوائل السورية المديونة بألف دولار 90%. 

"جمهورية عونيستان لا تحتمل"!  

أثار الكاريكاتير الذي نشر عبر قناة OTV، موجة غضب بين صحفيين ونشطاء لبنانيين، انتقدوا الكاريكاتير، ومجمل الممارسات والتصريحات العنصرية للتيار الوطني الحر.

وطالب البعض إلى محاسبة القناة، تحديدًا لاستخدامها كلمة "زنوج" لما تحمله من دلالة عنصرية بالغة، قد تؤدي في دول أخرى إلى إسقاط وزراء ومسؤولين نافذين.

وقالت الإعلامية اللبنانية ديما صادق في تعليقها على الرسم العنصري: "منذ أسبوع تفتشون عن نقطة سودا بسجلي. ساعة بتنبشو سفير، وساعة بتخترعو صورة إسرائيلية، وساعة مقابلة، وما تظبط معكم. سأسهلها عليكم: النقطة السوداء بحياتي هي إني اشتغلت أربع سنين بخزان عنصرية! شو هالنذالة هاي! فعلا أنا كتير بعزك روي الهاشم (رئيس مجلس إدارة OTV)، بس اللي عّم ينعمل بهل محطة صار كفر!".

 

 

كما هاجمت الصحفية ديانا مقلد، الكاريكاتير، بقولها: "تلفزيون رئيس جمهورية لبنان يبث كاريكاتير يستعمل فيه عبارات عنصرية مقيتة تجاه السود والسوريين والفلسطينيين وجنسيات أخرى، ويحملهم مسؤولية عدم توافر المدارس. عدا عن العنصرية، فالفكرة كاذبة ومضللة وحقيرة. هذا عهد نهايته مزبلة التاريخ، ويجب أن ينتهي سريعًا. جمهورية عونيستان لا تحتمل".

 

 

وقال جهاد بزّي: "العنصرية يللي بتميز بين طفل وتاني، هي شكل صريح من النازية. هؤلاء الجماعة عم يصيروا نازيين. بس مش فارقة معهم، رح يقولوا: خير إنشاء الله، نازيين بلبنانيتنا".

 

 

من جهة أخرى، أعربت العراقية يارا محمد القاسم، عن دهشتها من إقحام العراقيين في رسم الكاريكاتير، بقولها: "بس أريد أفهم العراقيين متى نزحوا للبنان؟ هو انتوا دولتكم عايشة على المساعدات؛ العراقي يترك خير بلده حتى يروح يعيش عندكم؟! عنصرية اللبنانيين صارت هستيرية، وصاروا يشمرون ع الكل حتى من يذهب إليهم سائح بفلوسة يعتبروا نازح".

 

 

نصف الشخصيات العامة اللبنانية تؤجج الخطاب العنصري

وفي تحقيق صحفي نشر الأسبوع الماضي، من قبل فريق إنفوتايمز الصحافي والتقني بالتعاون مع الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية (سراج) وموقع درج الإلكتروني، رُصدت تغريدات 101 من الشخصيات العامة اللبنانية، ما بين شباط/فبراير 2011 وأيلول/سبتمبر 2019، المرتبطة بمساندة اللاجئين السوريين في لبنان والشخصيات المناهضة لوجودهم، وفقًا لحضورهم العام ونشاطهم على منصة تويتر، وتأثيرهم في الشارع اللبناني.

العنصرية في لبنان
51% من الشخصيات العامة اللبنانية ضد اللاجئين السوريين

ويشير معدو التحقيق إلى أن تحليل التغريدات أظهر تضاربًا في الآراء حيال اللاجئين السوريين، فقد دعم 30% من الشخصيات اللبنانية في تغريداتهم اللاجئين السوريين، فيما تضمنت تغريدات 19% وقوفهم على الحياد، مقابل تغريد 51% ضد اللاجئين السوريين مطالبين بإعادتهم إلى سوريا، وتم وصفهم في التغريدات بـ"النازحين".

العنصرية في لبنان
الشخصيات العامة اللبنانية الداعمة للاجئين السوريين

ويضيف التحقيق بأن نسبة الذكور في التغريدات المناهضة للاجئين السوريين، بلغت 95% مقابل 5% للإناث، منوهًا إلى أن أعضاء التيار الوطني الحر تصدروا قائمة المغردين سلبًا بـ114 تغريدة، مع بروز دور واضح في هذا الإطار لرئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل الذي كان أكثر المغردين بشأن اللاجئين السوريين.

كشف تحقيق صحفي، عن أنه في مقابل 30% من الشخصيات العامة اللبنانية الداعمة للاجئين السوريين، ثمة 51% ضد اللاجئين، على رأسهم جبران باسيل

أما على الطرف المقابل، فقد برزت الإعلامية ريما مكتبي، على قائمة المغردين الأكثر دعمًا للاجئين السوريين في لبنان على مدار السنوات الثماني الفائتة.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

جبران باسيل.. العنصرية ضد السوريين كإستراتيجية

بين الخفة والسذاجة والعنصرية.. علاقة الساسة اللبنانيين بتويتر