21-نوفمبر-2022
لوحة لـ أنسليم كييفر/ ألمانيا

لوحة لـ أنسليم كييفر/ ألمانيا

الساعة العاشرة

 

إنّها الساعة العاشرة

ذلك يعني أن أرواحًا تكاسلت

عن النجوى

الأرواح التي لن تحلّ بفنائي

سيختار لها الله

مدفأةً عامرة بالجمر

وسراجًا ذابلًا لتبديد الظلام

وكتبًا لتلفيق الأعذار الوحشيّة

إنّها الساعة العاشرة

آن للصوفي

أن يتكوَّم مثل كرة اللحم

في إزاره الوحيد

ويستعيدَ بعض ضلالاته

- في الحلم

أو في اليقظة ربّما -

مدد أيّتها الضلالة الهاربة

مدد أيّها الوِرد المكسور

في لثغة الكأس

مدد أيّتها الكأس النائمة

في ظلّ داليةٍ ذابلة

عند الساعة العاشرة

ينوي الحصان الوسيم أن ينام

ويهجر وعدَ السّائس العجوز

بعشبٍ طريّ

وسياطٍ أكثر رقّةً

الحصان المتعبُ كما لو أنّه أبٌ

يتمدّد كتابوتٍ

بين الإسطبل وغرفة أولاده

يعبرُ جسده الغلاةُ

ويهرب من ظلّ تابوته نملٌ معافى

وتنطفئ في وحشته

شمعة أسيرةٌ في الرواق

إنّها الساعة العاشرة

لا أحد في المدينة

سوى حانة فارغة

تصدر منها أغنية مبتلّةٌ

حشدٌ من الضوء

يلاحق رجلًا يعشق الليل

وحشد من العتمة

يطارد امرأة تنتظر النهار

عند الساعة العاشرة

ستعثر على من يعيّركَ

باليوم المكرر

وثمّة من يلومكَ

على كرسيّ مكسور

يلقى به من شرفة المقهى

إنها الساعة العاشرة

لا مصلّين

يهرولون إلى المساجد

لا سكارى يترنّحون

 في طرق العودة إلى المنازل

لا باعة يغنّون لعرباتهم

ولا أطفال ينثرون الأناشيد

في شوارع المدن

الساعة العاشرة وحيدة

وهي بطبيعة الحال

لا تنوي البقاء في معصمِ الوحيد

فهي ليست إيقونةً

مثلما أن معصم الوحيد

ليس متحفًا للساعات

الساعات

التي تعلن بأسىً

 كلّ يوم

عن حلول الساعة العاشرة.

 

كولومبوس

 

لا أفعل شيئًا يا كولومبوس

وما أفعله ليس سوى تجوال بائس

في أطلس مليء بالبشر المصابين باليأس

واستراحات قصيرة

في المقاهي التي لم يعد يرتادها أحد

لم أعد أتحدث إلى أحد

ولم يعد أحد يفكّر بمحادثتي

لذلك هربتُ من لساني

ونمتُ في صحائف الموتى

لكنّهم يتقلّبون كثيرًا

هم ايضًا يحلمون بالعودة إلى أشرعتهم

تلك التي ترفرف بلا بحارة

في عرض الحياة

قلت لحبيبتي: صباح الخير

فكان عليّ أن أقضي شطرًا من النهار

كي أشرح لها معنى الخير

وشطرًا من الليل لأرسم لها صورة الصباح

قلت لجاري: كيف تسير حياتك؟

فاكتشف أنّه نسي عكازته قبل أن يخرج

وانحنيت كي التقط حجرًا

لأخيف به كلبًا مسعورًا في الطريق

فلم يهرب

واكتفى بتحريك ذيله

كما لو أنّه يسخر من حماقتي

أي عزيزي كولومبوس

هل دعوت الآلهة

قبل أن تشرع في الإبحار

وهل كنت تفكّر بوسيلةٍ تمنع الخبز

من أن يغدو يابسًا؟

افكّر بأسنانك يا عزيزي

أفكّر كيف تسنّى لك أن تمضي كل ذلك الوقت

في عرض البحر

افكّر بالمصادفات التي اعترضت حياتك

فحوّلتها إلى بلاد شاسعة

أفكر بمن كانوا يقولون لك:

- كان الله في عونك

عندما كنت تستغيث

وأفكّر بمن لم يجيبوا على رسائلك

بذريعة أنهم منشغلون بما هو أكثر أهمية منك

افكّر إن كنت قد تركت لبيتك

ما جعل عيالك يحسنون التصرف في غيابك

ولا أدري حقًّا إن كان لك عيال

فأنا لم أقرأ سيرتك كاملة

ولا أدري لم أتغنّى باسمك؟

ربّما هي الموسيقى

وربّما اعترتني رغبةٌ بمحاكاة ممثل شهير

في نطق اسمك بصوت رخيم:

كولومبوس

كولومبوس

كولومبوس

يا لغباء الفقراء الجائعين.