21-مايو-2024
لولا دا سيلفا - لقطة من فيلم Lula

(imdb) لقطة من الفيلم

في فئة "عروض خاصة"، عُرض في مهرجان كان السينمائي الفيلم الوثائقي "Lula" (لولا)، للمخرج الأميركي أوليفر ستون، الذي يروي قصة صعود وسقوط ثم عودة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا (1945).

يعود الشريط إلى بدايات مسيرة لولا دا سيلفا السياسية ويستعرض تحولاتها وصولًا إلى اعتقاله بتهمة الفساد عام 2018. لكنه يركّز أكثر على السنوات الأخيرة من حياته بين عامي 2016 – 2022، وذلك في حوار بين لولا وستون تتخلله لقطات أرشيفية مختلفة.

ولد لولا عام 1945 لعائلة فقيرة في ساو باولو، واضطر إلى ترك المدرسة في وقت مبكّر بهدف مساعدة أسرته في تدبّر شؤونها المعيشية. وبعد سنوات طويلة من العمل في مهن مختلفة، في الثلاثين من عمره تحديدًا، ترأّس اتحاد عمّال الصلب وقال إضرابًا للمطالبة برفع الأجور.

يروي الوثائقي قصة صعود وسقوط ثم عودة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عبر حوار بينه وبين المخرج الأميركي أوليفر ستون

وهو ما تحقق بالفعل، لكنه لم يعد مجديًا بعد ارتفاع الإيجارات. حينها شعر دا سيلفا بأنه: "لقد حان الوقت للعمّال للتفكير في حكم بلدهم"، كما يقول في الفيلم (ساعة ونصف).

لم يتعلّم لولا القراءة حتى بلغ العاشرة من عمره، إذ كان يعمل في السنوات التي كان فيها معظم الأطفال في المدرسة الابتدائية. وفي عام 1980، بعد انتهاء الحكم الدكتاتوري في البرازيل (استمر 21 عامًا) ساهم لولا في تأسيس "حزب العمّال" الذي ترشح عنه للانتخابات الرئاسية عدة مرات، وفاز عام 2002.

وكانت لحظة وصوله إلى رئاسة البرازيل بداية مسار سياسي صعب للغاية، إذ أصبح لولا لاحقًا هدفًا للقضاء، لغايات سياسية الذي اتهمه بالفساد، وهو ما حدث أيضًا مع خليفته ديلما روسيف.

وانتهت هذه الاتهامات باعتقال لولا وإدانته بتهم عديدة مرتبطة بالرشوة وغسل الأموال عام 2017، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 26 عامًا، لكنه خرج منه بعد 580 يومًا، وعاد فور إطلاق سراحه إلى الحياة السياسية، وفاز في الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة متفوقًا على منافسه جايير بولسونارو.

هذا المسار الشائك والمعقد هو محور الشريط الوثائقي الذي يمتد على 90 دقيقة، لم يغفل لولا دا سيلفا خلالها الحديث عن تورط الولايات المتحدة في أميركا الجنوبية وتدخلاتها لصالح حلفائها.

وذكر لولا دا سيلفا أنه كان من الممكن أن يقضي سنواته الأخيرة في منزله بعيدًا عن السياسة، لكنه لا يستطيع فعل ذلك لأنه، وبحسب تعبيره، لا يحق له القيام بذلك، ولأن: "الكثير من الناس ينتظرون مني أن أفعل شيئًا ما".

وقال لولا إن محاكمته وسجنه كانت نتيجة انقلاب، أو ما يسمونه في أميركا الجنوبية ودول أخرى "الحرب القانونية" بحسب مخرج الفيلم أوليفر ستون، الذي لفت إلى أن هذا المصطلح يشير إلى الاستخدام السياسي للعدالة بهدف وضع شخص ما خلف القضبان.

وأضاف المخرج الأميركي في وصف ما تعرّض له لولا دا سيلفا: "لقد كانت قصة قذرة. ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف خرج لولا من السجن، وهو الأمر الذي كان معجزة".

وتابع: "لقد روى لنا قصة غير عادية، حدثت بعد ذلك: تم إطلاق سراح لولا، وعاد إلى السياسة وتغلب على بولسونارو بفارق ضئيل خلال انتخابات عام 2022. إنه مثال جيد لكيفية عمل العالم اليوم، وكيف تسيطر السلطة على الخيوط، وكيف يمكنك إحباط خصمك عن طريق الفضيحة".

وأشار موقع "ديدلاين"، إلى أنه: "يمكنك أن تأتي إلى هذا الفيلم دون أن تكون لديك أية معرفة بوجود لولا دا سيلفا، ثم تخرج وأنت تشعر بأن لديك فهمًا جيدًا لقصته".

الجدير بالذكر أن "نتفليكس" أنتجت عام 2019 فيلمًا وثائقيًا بعنوان "حافة الديمقراطية" حول صعود لولا دا سيلفا في الحياة السياسية البرازيلية، ووصوله إلى سدة الرئاسة وما شهدته حقبته من تحولات اقتصادية مهمة أنهت حالة الفقر نسبيًا وخفضت مستويات البطالة، بالإضافة إلى ما تعرّض له لولا و"حزب العمّال" وخليفته ديلما روسيف من حملات أدت إلى سجنه وعزل روسيف منتصف عام 2016.