في واحد من أفضل الأفلام المبنية على أحداث حقيقية المنتجة حديثًا، يقدم لنا المخرج والكاتب شيوتيل إيفوتور في تجربته الإخراجية الأولى "The Boy Who Harnessed The Wind" قصة الفتى وليام كامكوامبا الذي أنقذ أهل منطقته في مالاوي من المجاعة، من خلال نجاحه في بناء آلة قادرة على استخراج المياه من جوف الأرض وري الأراضي الزراعية، وبالتالي مواجهة موجات الجفاف الطويلة التي تضرب البلاد، مستعينًا بأدوات بدائية ويدوية، الامر الذي عكس عبقريته وألمعيته، برغم كل الظروف الصعبة التي واجهها هو وعائلته. وقد استعان إيفوتور بمقاطع من الكتاب الذي كامكوامبا عن حياته، والذي يحمل الفيلم اسمه.

تدور أحداث الفيلم الذي يعرضه موقع نيتفليكس، في قرية فقيرة في مالاوي، شرق أفريقيا، مطلع القرن العشرين.

إلى قصة ويليام كامكوامبا، يقدم لنا مخرج فيلم "The Boy Who Harnessed The Wind" لمحة عن الواقع السياسي والاجتماعي في مالاوي

يعيش ويليام كامكوامبا (ماكسويل سيمبا) مع عائلته الفقيرة المؤلفة من والده ترايويل (لعب دوره مخرج الفيلم إيفوتور) وأمه واخته. وكما هي الحال لدى كل سكان المنطقة، تعمل عائلة كاماكوكبا بالزراعة، وبالتالي فإن مصير العائلة وأمنها الغذائي وأسباب بقائها واستمراها أمور مرهونة بهطول الأمطار في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافًا، كذلك يخضع المزارعون هناك لنظام الاحتكار الذي تفرضه الشركات الكبيرة كما تتحكم بالأسعار وتشتري الأراضي من المزارعين بأثمان بخسة مستغلة فقرهم وعوزهم.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The Boy Who Harnessed The Wind".. صبي أنقذ مدينته من المجاعة

بالإضافة إلى قصة ويليام الإعجازية، يقدم لنا مخرج الفيلم لمحة عن الواقع السياسي والاجتماعي في مالاوي في تلك الفترة، بالتزامن مع اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر في أمريكا، وأحداث سياسية مفصلية في البلاد، جعلت الحكومة تتخلى عن دورها في مساعدة الفئات المسحوقة، مختبأة خلف البلاغة الخطابية والشعارات الكبيرة، فيما كان الشعب يتضور جوعًا.

يعاون ويليام ذو السنوات الـ12 والده في أعمال الزراعة، كذلك يقوم بإصلاح أجهزة الراديو المعطلة، ما يدرّ مدخولًا إضافيًا للعائلة. كان الفتى يقضي وقتًا طويلًا في مكب للسيارات المهترئة يأخذ منها قطعًا وأدوات ويقيم تجارب عليها.

ألهمه "دينمو" الدراجة النارية لتشغيل الراديو بدون بطاريات من خلال الاعتماد على حركة الهواء، الأمر الذي شكّل نواة في رأسه لمشروعه الكبير الذي سيغيّر حياته. يُطرد ويليام من المدرسة بسبب عجز والده عن دفع الأقساط الدراسية، الأمر الذي يشكل له جرحًا عميقًا. يكتشف علاقة غرامية بين شقيقته وأحد المدرسين في المدرسة، فيحصل على تصريح لدخول مكتبة المدرسة ثمنًا لصمته وعدم فضح المدرس. يتعرف في المكتبة على أحد كتب الفيزياء الذي يحتوي على الأسس الفيزيائية الرئيسية، في الوقت كان شبح المجاعة يخيّم فوق البلدة.

وضع ويليام التصميم في رأسه وكان بحاجة لدراجة والده الهوائية لبناء آلته. مروحة كبيرة يحركّها الهواء لتشحن بطارية سيارات جلبها من المكبّ، وتقوم البطارية بتشغيل مضخة تسحب المياه من جوف الأرض. عندما طلب ويليام من والده أن يعطيه دراجته واجهه برفض قاطع.

في الثلث الأخير من الفيلم يظهر أمامنا مشهدان بالغا الأهمية، الأول بين ويليام ووالده، حيث يقوم الأخير بتوبيخه وتقريعه، والطلب منه مساعدته في العمل في الحقل، عوضًا عن تضييع وقته بالتجارب العلمية التي يرى الوالد أنها بلا فائدة، وفي مشهد يظهر صراع أجيال بين ثقافتين وطريقتي تفكير مختلفين، وفي الثاني بين ترايويل وزوجته التي تخبره بأنهما خسرا الأرض وخسرا ابنتهما التي هربت مع المدرس وخسرا كل شيء فتسأله: "متى سنتوقف عن الخسارة؟". كلام الزوجة المؤثر يترك تأثيرًا كبيرًا لدى ترايويل الذي يوافق على إعطاء ابنه الدراجة، وهي آخر الأشياء التي يمتلكونها بعد بيعهم كل ما لديهم لسد رمقهم.

"الفتى الذي طوّع الريح" رمز ومثال أعلى للأطفال الذين يعيشون ظروفًا صعبة

يركّب ويليام آلته بمساعدة أهل البلدة، وينجح أخيرًا في ضخ المياه وينقذ القرية من المجاعة، وبالتالي الموت المحتم. يُنظر إلى الفتى كبطل في مالاوي، ويحصل على منحة دراسية في جنوب أفريقيا قبل أن يتم دراسته في الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "The King".. المؤامرة التي تصنع ملكًا

يتحول "الفتى الذي طوّع الريح" إلى رمز ومثال أعلى للأطفال الذين يعيشون ظروفًا صعبة، وينتقل بين العديد من المدن ليقدم دورات في التنمية البشرية والتحفيز على استخدام الموارد البسيطة لمواجهة ظروف الحياة القاهرة.

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "Grass Is Greener".. الحشيش على قائمة العنصريات الأمريكية

فيلم "The Escape From Alcatraz".. كيف تحطمت أسطورة أشهر سجون أمريكا؟