في حقبة ما من حقب تاريخ البشرية، وفي جزيرة نائية لم تدسها رجل غريبة حتى يومنا هذا، كان هنالك ملك ظالم حكم الناس بيد من حديد، ومن شدة طغيانه قام بخلط أسماء الألوان كلها، خلط أسماء جميع الألوان بعضها بعض ما عدا الأصفر والأخضر اللذين أبقاهما على حالهما، فأبقى الأصفر أصفر والأخضر أخضر.

رزح الشعب تحت ظلم الملك خوفًا من أتباعه وجيشه منتظرين من يخلصهم من جبروته، بين سكان تلك الجزيرة كان هنالك رجل مسالم عُرف بحسن سيرته، أحبه جميع سكان الجزيرة لشدة تفانيه في مساعدة الغير.

اعتاد ذلك الرجل الصالح الصعود إلى أعلى الجبل الوحيد في الجزيرة للتأمل، وفي إحدى الليالي بينما كان الرجل الصالح على رأس الجبل يتأمل، هبت عاصفة مفاجئة وضرب خلالها برق الرجل الصالح وهو على الجبل، رأى أهل الجزيرة البرق يضرب رأس الجبل، فخافوا على سلامة الرجل الصالح وهرعوا لإنقاذه، عندما وصلوا وجدوا الرجل الصالح وقد أغمي عليه، حالما أفاق أخبرهم أنه حظي بإشراقه إلهيه وأن ملاك الرب قد تجلى له وأخبره بوجود بلبله في الجزيرة بين اللونين الأصفر والأخضر، ويجب عليه دعوة الناس للاستفاقة من عمى ألوانهم هذا وتحويل الأصفر إلى أخضر والأخضر إلى اصفر.

استشاط الملك غضبًا لسماع ذلك الخبر فأمر فورًا بإلقاء الرجل الصالح في سجن المملكة الوحيد، وهناك التقى الرجل الصالح بمعارضي الملك الذين زج بهم في السجن لتجرؤهم على تحدي طغيانه وظلمه.

استمع المساجين لكلام الرجل الصالح وقد اقتنعوا بأنهم إذا تبنوا كلامه فإن طريقهم للخلاص من الملك الظالم ستكون قصيرة، فقرّروا نشر دعوته، وكلما خرج رجل منهم من السجن صار ينشر دعوة "النبي الذي حول الأصفر إلى أخضر" أو كما سمي "النبي الأصدر" اختصارًا.

انتشرت دعوة النبي الأصدر بسرعة في أنحاء الجزيرة، خاصة أن الكثير منهم رأوا البرق الذي أصاب سطح الجبل، بالإضافة لمعرفتهم بصلاح "النبي الأصدر" وفي فورة غضب عارمة ثاروا على الملك الظالم الذي منعهم من التفريق بين الأصفر والأخضر وقضوا عليه وعلى أعوانه، بذلك تحولت المملكة الظالمة إلى "مملكة النبي الأصدر" الذي عُيّن ملكًا للجزيرة ناشرًا العدل بين الناس ومعيدًا ترتيب الألوان من الفوضى عدا اللونين الأصفر والأخضر الذين استبدلا مكانهما.

*

 

توالى الملوك من سلالة النبي الأخضر وتبدلت سلالات السكان في الجزيرة ليعود ملك ظالم جديد في الجزيرة رزح تحت ظلمه أهل الجزيرة على مضض منتظرين من يخلصهم من الملك سليل النبي الأصدر.

بين سكان المملكة كان هنالك شاب عنيد رفض التبديل الحاصل بين الأخضر والأصفر، فصار ينادي الأخضر أخضر والأصفر أصفر، حالما وصل صيت ذلك الشاب العنيد إلى الملك زج به في السجن لتكفيره بدعوة النبي الأصدر.

وبإعادة مثيره لمشاهد التاريخ اقتنع المساجين المعارضون للملك بضرورة الدعوة لإعادة اللونين إلى نصابهما، واستعمال ذلك كسلاح ضد ظلم وطغيان الملك.

شعر الملك بتضعضع سلطته وبدنو زوال نبوءة النبي الأصدر، فأمر فورًا بإخراج الشاب العنيد وجميع من معه من سجناء من السجن، وتعيين الشاب كمستشار للألوان في المملكة، وفي ذات الوقت أرسل أحد جواسيسه ليدس له السم في طعامه.

حالما مات ذلك الشاب اتهم الملك معارضيه المحررين من السجن فقام بجمعهم وإعدامهم فورًا بتشجيع كبير من أهل الجزيرة، كما أصدر بيانًا لأهل المملكة يخبرهم بتعاليم الشاب التي أوصاها للملك قبل اغتياله، وتقضي بوجود فوضى في جميع الألوان فعدا عن الأصفر والأخضر اللذين أعيدا إلى طبيعتهما يجب أن يقوموا بتبديل باقي الألوان حتى يظهر الحق ويزهق الباطل.

فرح أهل المملكة بعودة الملك عن ضلال الألوان، وعاشوا مسرورين في مملكة الألوان الحق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في رأسي فكرة نائمة

خازنُ الشوق