باردٌ هو هذا الصباح، يُبدد إملاءات الحر القاتل، قليلًا! ويشدو أغنية عن صباحات رام الله المختلفة، وهو بذلك يُتيح المجال لذاكرة بعيدة بضرب حصار لذيذ... فيُفتح بخفةٍ باب فُسحة، زينته أصداء الضحكات اليافعة.

يا قبلة الرجاء، ما أشد هذا اللطف!

للنقصان في الساحة ما وراء الباب زاوية، نقف مقابلةً فنضحك سويًا: من فرط الكمال وعلى جوع الاحتمالات للمزيد. ونشهد كلانا أنه قد نما من حطب الحرائق، الياسمين.

الباب يستحيل إلى جمعٍ منه التكسير قد تتالى، يا كل هذه الأبواب! استقبلي فرحًا يركض نحو المكتبة، يسابق جرس الثامنة في بواكير أيام السبت، ليشتري قلم رصاص داكن لحصة الفن. درسنا الرسم بقواعد، تمامًا كما العربية.

لا يزال بضعٌ مني ورائي، مراوحٌ أمام الفناء الذي تجلاه ظل كنيسة المدرسة القديمة، وأنا أناظرها بفضول الذي كان له حلم أسطوري بدراسة الآثار. وتضحك معنا دكان بوظة بلدنا، تروي عطشنا بكوب من الليمون المُثلج، والوفاء لا زال، بعد عشرين عامًا، لذات الدكان. إن التعاهد على الوفاء حُبٌ، كقهوة زحيمان، تشهد لها بذلك ذائقة المُحتسين.

وهذا الكتاب الذي لم نتدارسه، حجة للقاء في مقهى! والقهوة بلا سُكر، تقول أمي بتعحب "كالمدخنين تمامًا" وأضحك. السكر هنا، يا أمي، حجاب لمن لا عورة له. تقطع الأحاديث العشوائية رتابة الوقت، فيجري كغزالة تسابق نفسها في الفضاءات، ثم تتوقف! مُدركة أنها وصلت الحافة، ينتهي الوقت بصرامة دون رأفة بمن يئن للمزيد.

تذوب الرجاءات في فورة كوب "اللاتيه"، تُذعن! لعدمية الفرص الأخرى، اليوم على الأقل. فتنساق الرغبات لمكانها المُعلق، راضية بقدر مؤجل ومؤقت.

.... يُترك الكتاب بصفحاته البيضاء على الطاولة، بلا عنوان! فارغًا من الفكرة والوِجهة، تستبيحه الفراغات. وعلى الرغم من أحواله تلك، بقي كما هو حجة للقاءات ستكون.

 شُربت قهوة اللاتيه على عجل وكان التصافح رسول وداع أو لقاء. اختلطت في القهوة المسائل، حتى تماهت فواصل الخطوط بين الأوهام والحقائق،

إلا أن رواد المقهى يقسمون أن كتابًا ما، صار مع الوقت جزءًا من الطاولة... كأنه في حالة انتظار أوشكت، بظنهم، أن تنتهي!

 

اقرأ/ي أيضًا:

من يقف خلف أسباب الغياب؟

وصايا إلى محمد وصي