24-يوليو-2019

وصلت التهديدات إلى إهدار دم أعضاء الفرقة! (أ.ف.ب)

لا يكاد اللبنانيون ينتهون من قضية تشغل الرأي العام إلا وتظهر قضية أخرى، فبعد استقالة نائب حزب الله نواف الموسوي من المجلس النيابي على خلفية خلافه المسلح مع صهره في قضية حضانة حفيدته، وبعد الأخذ والرد على خلفية قيام وزير العمل كميل بو سليمان بإقفال أو تغريم مؤسسات تجارية بسبب استخدامها لعمال فلسطينيين؛ تصدّر "مشروع ليلى" ساحة الجدل في لبنان، وبشكل بدا مفاجئًا.

اعترضت مؤسسات دينية مسيحية لبنانية على مشاركة فرقة "مشروع ليلي" بحفل غنائي في مهرجان بيبلوس الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا

وكان رجال دين ومؤسسات دينية مسيحية، قد اعترضوا على الاشتراك في مهرجان بيبلوس التي تقام في مدينة جبيل، بسبب مشاركة فرقة "مشروع ليلى" في المهرجان، التي اعتبرت المؤسسات الدينية المسيحية أنها تقدم أعمالًا مسيئة للدين المسيحي، حتى أن نشطاء مسيحيين دعوا للتظاهر في التاسع من آب/أغسطس، لمنع إحياء حفل الفرقة في موعده.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا مُنعت فرقة مشروع ليلى من دخول الأردن!

ولا تعد هذه المرة الأولى التي يقع فيها "مشروع ليلى" في موقف مثل هذا، بعد أن لمع نجم الفرقة المثيرة للجدل عربيًا. ففي صيف 2017، ألغى وزير الداخلية الأردني غالب الزغبي حفلًا للفرقة كان مقررًا إقامته في العاصمة عمان، بسبب "احتواء برنامج الفرقة لفقرات تستفز المشاعر العامة"، بحسب وصف الوزير.

لكن هذه المرة، تعرضت الفرقة الغنائية إلى حملة هجوم شرسة، وصفتها صحف وشبكات إخبارية عالمية بـ"المتطرفة" بعد أن وصلت إلى الوعيد والتهديد والدعوة لإراقة دماء أعضاء الفرقة!

هجوم ديني/سياسي

تلاقت أصوات رجال الدين المسيحيين الرافضة لإقامة الحفل في جبيل، مع أصوات سياسين وفاعلين في الأحزاب السياسية المسيحية، وخاصة التيار الوطني، وشكل الموضوع مادة للمزايدة في رأي كثيرين.

وقال رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام، عبده أبو كسم، إن للفرقة "طابعًا معينًا يشجع على المثلية الجنسية، كما أن بعض الأغاني  تتضمن إهانات للدين المسيحي، وإن العقيدة المسيحية ليست مساحة للتهكم والسخرية، وبالتالي فإن المركز لن يسمح بإقامة حفل يهين المقدسات"، على حد قوله.

كما صدر عن المكتب الإعلامي لأبرشية جبيل للموارنة، بيانًا شجب فيه إقامة حفل "مشروع ليلى" شجبًا قاطعًا، واصفًا جبيل بـ"مدينة التعايش بين الأديان"، معتبرًا أنها بهذه الصفة "لا يليق بها" استضافة حفل مشروع ليلى.

أما الأب كميل مبارك، فوصف جبيل بـ"قلعة الحضارة والرقي الفكري"، مردفًا: "وليست مرتعًا للشذوذ والحقارة"، على حد تعبيره، مطالبًا أبناء المدينة بمقاطعة الحفل الذي قال إنه "يسعى لنشر الحقارة والخلاعة".

أما السياسيون الذين هاجموا الحفل ومشروع ليلى، فبينهم الناشط في التيار العوني، ناجي الحايك، الذي استخدم أسلوب تهديد مباشر، قائلًا عبر صفحته على فيسبوك: "هذا ليس تحذيرًا من حفلة جبيل، بل تهديد مباشر لكل من يساهم بالتسويق لحفلاتهم. سيمنع العرض بالقوة وليس بالتمني".

ومن جانبها، دعت القوات اللبنانية للتجاوب مع نداء البطريركية والمركز الكاثوليكي للإعلام والعمل على منع إقامة الحفل.

تضامن ورفض للمساس بالحريات

في المقابل رفض عدد كبير من النشطاء والحقوقيين والإعلاميين، الهجوم الذي تتعرض له فرقة مشروع ليلى، مؤكدين أن هذا الهجوم، ومحاولات منع إقامة الحفل، يمثل تهديدًا كبيرًا للحريات في لبنان.

وأطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات تضامنية مع الفرقة الغنائية، ركز خطابها على التمسك بالحريات، شارك فيها بعض ممن أعربوا عن عدم تفضيلهم لأغاني مشروع ليلى، مع تشديدهم على تضامنهم مع إقامة الفرقة للحفل وعدم التجاوب مع التهديدات التي قالوا إنها مسّ للحقوق والحريات في البلاد.

هذا وكان لافتًا موقف النائب السابق وابن مدينة جبيل، فارس سعيد الذي رفض أسلوب التهديد ومنع الحفل بالقوة، قائلًا: "قاطعوهم إذا أردتم، هذا حقّكم. إنما اتركوا للبنان نكهة الحريّة".

فيما تساءل نشطاء عن عشرات المشاكل التي  يعاني منها المجتمع الداخلي، والتي تقف المؤسسات الدينية إزاءها موقف المتفرج، فيما تثور ثائرتها في وجه أي عمل فني في حال اعتبرت أنه يمس بالمقدسات.

من جانبه، علّق مغني الفرقة، حامد سنّو، على الحملة التي تتعرض لها فرقته، ليصف ما قيل عن فرقته بـ"الأكاذيب والبلبلة الفارغة". 

وأخيرًا، دخلت منظمة العفو الدولية على خط قضية مشروع ليلى، التي تحتل المساحة الأكبر الآن من الرأي العام في لبنان. وأعرب المنظمة الحقوقية الدولية عن تضامنها مع الفرقة الغنائية ضد "الترهيب، وخطاب الكراهية، وتهديدات القتل.

وطالبت منظمة العفو الدولية، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، وزيرة الداخلية اللبنانية، بـ"تقديم الدعم العلني لحق الفرقة بإحياء الحفل الموسيقي، وباتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة الفرقة والجمهور في التاسع من آب/أغسطس (موعد الحفل)".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع ليلى يعيد جدل المثلية في القاهرة.. لماذا يكرهون "مجتمع الميم"؟

الموسيقى المستقلة.. تذاكر تنتمي إلى اقتصاد السوق